اتصل بنا
 

في ظلال الخطة العشرية للاقتصاد الوطني

كاتب أردني وخبير مياه

نيسان ـ نشر في 2015-05-30 الساعة 15:56

نيسان ـ

في ظلال الخطة العشرية للاقتصاد الوطني التي تأتي تنفيذا لرؤية الملك للتصور المستقبلي للاقتصاد الوطني الاردني فإننا نضع الحقائق التالية ونبني عليها تصورا لحل مشكلة البطالة في المملكة والتي يأتي حلها ضمن أهم أهداف الخطة العشرية.

- هناك 40000 من العاملين في المناطق الاقتصادية المؤهلة في الأردن ...يعمل هؤلاء في حياكة الملابس منهم أكثر من 25000 من شرق آسيا.

- يوجد في الأردن 70 ألف خادمة منزل معظمهن من شرق آسيا.

- معظم المستهلكات في مختلف القطاعات الاقتصادية يتم استيرادها من الصين مما ألغى وظائف عشرات آلاف الأردنيين وأغلق مئات المصانع والورش الصناعية.

السؤال المباشر الآن لماذا لا نضع خطة لتوظيف 100000 (مائة ألف أردني) وذلك على البنود أعلاه ولكن كيف...

أولا: شهد الأردن خلال السنوات الماضية نموا سريعا في صناعة الملابس التي تمثل 17% من إجمالي الصادرات الذي تجاوز المليار دولار مما يعني أن لدينا حوالي 100 مليون دينار صادرات ألبسة تشغل مصانعها حوالي 25000 ألفا من شرق آسيا وفي نفس الوقت يستورد الأردن أربعة أضعاف هذا الرقم حوالي 400 مليون دينار ألبسة وأحذية......أي أنه لو أصبح قطاع الملابس أردنيا صرفا من ناحية الانتاج والتشغيل لأمكن توظيف 100 ألف أردني في هذا القطاع..... يعني نحن أمام قطاع ذو أهمية استثنائية ولا سيما في ظلال غياب المنافس السوري الرسمي حيث أنه قبل أزمة سوريا لم يكن بالإمكان منافسة المنتج السوري بسبب الدعم المباشر الذي كانت تقدمه الحكومة السورية لصناعة الملابس.

الآن السؤال كيف نقنع أصحاب المناطق المؤهلة باستخدام أردنيين وأردنيات بدل مواطني شرق آسيا وكيف نقنع المستورد بنقل الصناعة الى الأردن بدل استيراد البضاعة الجاهزة... أي حل مشكلة البطالة في الأردن بدل حل مشكلة البطالة في الصين ودول جنوب شرق آسيا.....مهما قيل أن العامل الآسيوي يكلف أقل هذا غير صحيح في ظل إرادة حقيقية لدعم سوق العمل الأردني.... ما أعنيه أنه بشكل مطلق لن تكون تكلفة من هو بحاجة لمصاريف سفر وإقامة ومأكل ومشرب وراتب شهري أقل من تكلفة ممن هو فقط بحاجة لراتب شهري... الفرق هو أن التزام العامل الوافد أكبر ويمكن استغلاله ومضاعفة ساعات عمله وليس بحاجة لإجازات ولا يتذمر ومن هنا يكون مدخل القائمين على الخطة العشرية للاقتصاد الأردني في معالجة البطالة .... ما أعنيه هو استثمار وطني في إيجاد مغريات للعامل الأردني للعمل في هذا القطاع براتب وامتيازات الآسيوي من صاحب العمل وتوفر الحكومة المتطلبات الآخرى التي لن يكون توفيرها خسارة مطلقة لأننا سنوفر بيئة اجتماعية آمنة ومنتجة وليست مستهلكة أي أن ما ستدفعه الحكومة في هذا الاستثمار ستجنيه أمانا اجتماعيا ومجتمعا مستقرا وشبابا جادون ولديهم ثقافة الانتاج والالتزام.... ويستطيع صاحب القرار أن يضع أمام من يقبلون على هذه المهن آفاق إغراء أخرى كدعم إنشاء ورش صغيرة بعد خمس سنوات أو أفضلية القبول في الجيش والشرطة وما الى ذلك... أي أن استراتيجية عمل واقعية قادرة تماما على إقناع أصحاب صناعة الملابس في المناطق المؤهلة على تشغيل الأردنيين وقادرة على إقناع المستوردين بتوطين صناعة الملابس في الأردن بدل الاستيراد من الصين.

ما ينطبق على قطاع الملابس والمستوردات من الصين ينطبق تماما على سوق عاملات المنازل....القصة ليست تكلفة أقل بالمطلق.....الخادمة الشرق آسيوية ذات تكاليف هائلة لو احتسبنا التكاليف المباشرة وغير المباشرة هذا عدا عن السلبيات الأخلاقية والاجتماعية.... الخادمة الأجنبية تخلق للأردن مشكلة اقتصادية واجتماعية.

إن مشكلة إيجاد بديل وطني للخادمة الشرق آسيوية تحتاج فقط لوضع استراتيجية تتماشى مع الخطة العشرية للاقتصاد الوطني....نحتاج للعمل مع أصحاب شركات استقدام العاملات وخطاب إعلامي موجه للأسر الأردنية التي تحتاج عاملات المنازل والاستجابة للشروط الاجتماعية للقبول بهذه المهنة..... وهنا أضرب مثالا على هذه الشروط التي هي أكبر العوائق على قبول الأردنيات بهذه المهنة ألا وهو شرط عدم المبيت...كم نسبة الأسر التي هي فعلا بحاجة أن تنام الخادمة في المنزل....الجواب الحقيقي :فقط الأسر التي لديها مرضى مقعدون...أما في معظم الحالات فيكفي عمل 8 ساعات للعاملة وهذا يسهل كثيرا على الأسر نفسها...شرط التخلص من البطر الزائد والراحة غير الضرورية لكثير من ربات الأسر الأردنيات للأسف.

إن الحقائق أعلاه تؤكد بدون أدنى شك أن الأردن قادر خلال عشر سنوات على إيجاد عشرات آلاف الوظائف في قطاعات حيوية بشرط الاستعداد للاستثمار في بناء أجيال منتجة وجادة وهذا برأيي هو رأس مال الأردن.هذا الاستثمار سيوفر على الأردن مليارات مستهلكة في فوضى الاستهلاك والاستهتار.

نيسان ـ نشر في 2015-05-30 الساعة 15:56

الكلمات الأكثر بحثاً