اتصل بنا
 

جلد الذات ارهقنا

نيسان ـ نشر في 2016-12-21 الساعة 02:42

نيسان ـ

في كل فرح او ترح نتلذذ في جلد ذاتنا حتى النخاع .
وعلى رأس كل ازمة ، تتبارى اقلامنا في تضخيم الاخطاء ، وكأننا نفرح لجرح انفسنا ، وكأننا تأقلمنا مع السخط , وكأن جلد الذات ناي نستلذ الاستماع اليه .
الضمير هو ' محكمة الاخلاق العليا التي تعمل بداخلها النفس البشرية وتميز بين الخطأ والصواب وبين الحلال والحرام دون جلد بالسياط ' .
وجلد الذات ' مصطلح درامي من الدرجة الاولى ' ، واختلاق اخطاء لم ترتكب فعلا او تهويلها ان وجدت ، وعلى جلد الذات ان يكون ' عملية ميكانيكية سيكولوجية تصحيحية لتوجيه السلوك الوجهة الصحيحة المقبولة اجتماعيا وثقافيا ودينيا ' .
بالامس القريب قلوبنا انفطرت توجعا واسى والما لحادثة قلعة الكرك ، الكرك بالامس كانت رئة الاردن وقلبه وبصره ، القيادة والامراء والقادة والشعب كانوا هناك لكي لا يراق دم او يشاك احد ، لكنها الاحداث تتسارع وتتسابق ، وقد تخطىء المعالجة تارة وتصيب اخرى ، ولنا في دول الجوار عبر ودروس ، فمأساة الشام بدأت بلعبة صبيان جنوب البلاد وكان العلاج سريعا وقاسيا وبلا تروي ، جرّ سوريا الى ما ترون .
بالامس لا احد ينكر ان ادارة الازمة اعتراها وهن واضح ادارة في البداية واعلاما في جميع المراحل، لكن عاصفة جلد الذات التي رافقت الازمة ، والنقد الجارح على عواهنه ، كان عنيفا وقاسيا ولاذعا .
ايها السادة وخز الضمير له سقف ، وجلد الذات له حدود ، ' فثمة مدركات يحسن استصحابها حين محاسبة النفس ' وهي التروي والصبر والحلم ، ' فالانسان الذي يمكنه اتقان الصبر ، يمكنه اتقان اي شيء اخر ' ، واليقين اول مفاتيح الامل .
ايها السادة ثمة فوارق بين النفس اللوامة ، وبين النقد الايجابي ، وبين جلد الذات ، ما رأيته من البعض هو تجشؤ واجترار وتقوقع في شرنقة الاحباط واليأس ، ومعول للهدم لا للبناء ، وتجاهل للوجه الايجابي وللانجازات للاجهزة الامنية .
ايها السادة ' من لا يرون الا اخطاء الناس ، هم لا يبحثون الا عنها ' ، ' والقيد الوحيد عن ادراكنا للغد هو شكوكنا في اليوم ' ، ' وعلى المرء ان يتذكر بأن كل فشل يمكن ان يكون خطوة نحو تحقيق شيء افضل ' .
كنت اتمنى على كل ناقد سلبي وعلى كل منظر احادي النظرة ، وعلى كل متشفٍ لم يرتقي لمستوى المسؤولية ، ليتنا نتقن فن الصحبة وفن التربية البيتية وفن ايجارالبيوت وفن اتقان العمل والاخلاص فيه ، كما نتقن فن التنظير ، ' ، ان اردت الاصلاح فكن انت من يصنع المثل الاعلى للاخرين .
ليتنا تعلمنا من ابائنا اخلاص النية في التوكل ، واخلاص الحمد على حسن العمل ، وادامة الشكر لكل نعمة ، فهم كانوا على قلة تعليمهم وشظف عيشهم سادة في الصبر والتروي ، فلقد غمسوا الخبز بالخبز مع قليل العشب ، وشربوا الشاي حتى اخر الثفل ، فصبروا واحسنوا الصبر ، وبنوا واحسنوا البناء ، وصدقوا في الصبر والتوكل والشكر ، وما قدحوا وما ذموا ، ولا ذروا الرماد في عيون البلاد وعيون اجهزة الامن ، وكان شعارهم ' ما لم يدرك المرء نقاط قوته لن يجيد توظيفها ' , وكانوا يسترون عيوبهم بصمت .
ايها السادة ، نعم ما حدث بالكرك اثاره جسيمة ومصابه جلل ، لكن ان بقينا ننكأ الجرح بجلد الذات ، سيكون القادم اصعب واكثر سوءا لا سمح الله ، ان لم يكن هذا زمن التكاتف والتعاضد ، فمتى يكون ؟ .
الحياة كما يقال ' لوحة زيتية ضخمة عظيمة ، يجب عليك ان تضع فيها كل ما تستطيعه من تفاصيل والوان وخطوط وظلال ' ، فلنحسن الوان اوطاننا بالطريقة الصحيحة ، لنشكل الوطن الانموذج الذي نريد ، ولكن قبل ذلك كله ، علينا ان نحسن فلترة قلوبنا من كل شوائب الانا المفرطة .
ايها السادة ' الاخطاء دروس في الحكمة لا يمكن ان تغير الماضي ، ولكن ما زال المستقبل تحت سيطرتك ' .
رحم الله الشهداء وحمى الله الوطن من كل مكروه .

نيسان ـ نشر في 2016-12-21 الساعة 02:42

الكلمات الأكثر بحثاً