رب أحفظ أردن العروبة آمـنـاً مطمئناً
عادل أبو هاشم
كاتب فلسطيني يقيم في الرياض
نيسان ـ نشر في 2016-12-23 الساعة 02:28
الإرهاب لغة مبتدعة ووسيلة مستهجنة ، وبمفاهيمه الحالية مرفوض ومكروه مهما كانت أهدافه ومراميه ، ومثاله الحوادث الإرهابية المقيتة في محافظة الكرك و من قبلها في مخيم البقعة و مدينة اربد و الركبان في المملكة الأردنية الهاشمية ، والتي حصدت أرواح أبرياء لا ذنب لهم ولا جريرة سوى أنهم يعيشون في بلد آمن ومطمئن .
إن مثل هذا الإرهاب لا يمكن أن يحقق أهدافـًا مدعى بها ، وهو يستهدف فيما يستهدفه الأمن والطمأنينة والاستقرار في هذا البلد الآمن الذي تفتقده دولا كثيرة متقدمة في تقنياتها وإجراءاتها واستعداداتها ، وترجوه مجاميع بشرية تقض مضاجعها الفوضى والاضطراب والقتل والتفكك الاجتماعي في مجتمعاتها .
والهدف من الاعتداءات الإرهابية الأخيرة لم يكن بالتأكيد قتل بضعة أشخاص وجرح عشرات آخرين بقدر ما كان رسالة متوحشة تدل على الإصرار على تقويض المثل النموذج في الاستقرار والأمن في العالم ، وتدل على العناد والكراهية غير المبررة لكل ما هو صحيح ومستقيم ، الأمر الذي يستدعي من كل عربي ومسلم أن يقف وقفة رجل واحد في مواجهة هذا النوع من الإجرام ، وهذا المثل من الجريمة المنظمة التي يقف وراءها أفراد أو مجموعات افتقدت لكل حس إنساني أو بشري ، وتحولت إلى قطعان متوحشة يهمها فقط إرواء غليلها في الدم البشري المسفوح بلا ذنب أو جريرة دون أن تحسب للعواقب أو النتائج أي حساب .
إن هذه الوقفة مطلوبة وضرورية اليوم وليس غدًا لتبيين الحقائق ومواجهة الادعاءات والبيانات المتسللة من ثقوب منـتنة ، والوقوف على الأهداف الحقيقية لفاعلي هذه الجرائم النكراء ومخططيها وداعميها ، وعدم الاكتفاء بالاستـنكار وتبني التحليلات
المغرضة والمشوهة والتي غالبـًا ما تصدر عن جهات مستفيدة من هذه الجرائم وأمثالها .
ومن المؤكد أن هذه الجرائم إنما تستهدف القيم والموروثات الموجودة والفاعلة والمؤثرة في المملكة الأردنية الهاشمية ، هذه القيم والموروثات التي كانت وما تـزال مصدر قلق وإزعاج لأساطين الجريمة المنظمة في العالم .
ولا شك أن التأثير السلبي على هذه القيم والموروثات ستصيب كل فرد مهما كان موقعه في مجتمعه ولن ينجو منها أحد ، ولا يتوهم فرد مهما نأت به ظروفه عن الإحاطة بما يجري ، أو نأى بنفسه عنها أنه سيكون بمأمن عن الآثار السلبية المدمرة لمثل هذه الجرائم ، الأمر الذي يستدعي التـنبه والاستعداد لكل فرد كلٌ وفق قدراته واستطاعته لكي يصطدم المجرم بجدار صلب يدرك معه صعوبة اختراقه ، لذلك فإن العزوف عن الاهتمام بمثل الجريمة البشعة في محافظة الكرك والوقوف موقف المتفرج منها وكأنه في ميدان كرة قدم أو سيرك تسيطر عليه الوحوش الكاسرة ، وكذلك سيطرة اللامبالاة على الجوارح والأحاسيس ، وربما بروز ظاهرة التشفي والانـتقام ومن ثم محاولة تسيس الجريمة واختراع أبعاد ومرامي لها بعيدة عن حقيقتها وبالتالي إلقاء تبعة الملاحقة والمسؤولية على رجال الأمن وحدهم ..
إن ذلك خذلان للنفس أولا، ثم خذلان للدولة والوطن والأمة وعدم فهم حقيقة المواطنة الحقة التي هي عطاء ومسؤولية وإخلاص للوطن .
وهنا لا بد أن يعلم كل فرد أنه وأسرته مستهدفون مباشرة من هذه الجريمة وممن هم وراءها ، وأنهم معنيون في آثارها ونتائجها مهما حاول العابثون تصوير الأمور على أنها محصورة في أمور معينة وأهداف محددة . فالأمر أصبح واضحـًا جليـًا لكل ذي عينين ولم يعد يحتمل الاجتهاد والجدل ، وأصبح الوقوف إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية والمحافظة على أمنها واستقرارها دينـًا
في عنق كل عربي ومسلم مهما اختلفت المواقع والمشارب ، والوقوف صفـًا واحدًا في وجه الخصوم والأعداء مهما كانوا وحيثما كانوا ، ولا أخالهم إلا فاعلون . نسأل الله ــ جلت قدرته ــ أن يحفظ المملكة الأردنية الهاشمية ملكاً و شعباً من كيد الكائدين و حقد الحاقدين ومن كل مكروه .
و أن يحفظ الله أردن العروبة . . أردن التاريخ و العز و الرجال سالما معافى رغم أنف الحاقدين ، لتبقى رايته الهاشمية الخفاقة منارة يهتدي بها من ضلت بهم السبل .
حفظ الله مملكة المحبة ــ صاحبة القلب العربي الكبير ــ وطناً هاشمياً شامخا موحداً عصياً أبيا ــ كما عهدناه دائما ــ على كل المؤامرات والتطلعات الخبيثة ، وواحة للأمن و الأمان ، و حضنا دافئاً وقلباً نابضاً و الشريان المتدفق لكل أشقائه العرب .
حفظ الله أردن الفداء و التضحية و العطاء من المفسدين الآثمين ، وأن يرد كيدهم في نحورهم وأن يجنبه الشرور والآثام ، و أدامه الله شوكة في حلوق المتآمرين و الحاقدين و الكائدين من المضللين و أصحاب الشعارات الهدامة . {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}