قرار فرزدقي بوقف الاستيطان..!
محمد المحيسن
كاتب وصحافي أردني
نيسان ـ نشر في 2016-12-25 الساعة 20:53
في الاخبار أن مجلس الامن الدولي طالب الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان، الا ان «اسرائيل» ولكثرة القرارات والمزاعم والتنبيهات التي اتخذت بحقها عربيا أولا ودوليا مؤخرا، باتت تنظر للموضوع من زاوية طول السلامة.
وقد يكون بيت الشعر الذي أنشده جرير بحق الفرزدق اقرب مثال للتفكير الصهيوني: زعم مجلس الامن أنْ سيلغي المستوطنات**أبشر بطول إقامة وسلامة يا مستوطنُ».
أما مصر فقد كان تراجعها عن تبني القرار عاديا، فهي ليست السابقة الأولى التي يقوم بها نظام رسمي عربي بفعل يخدم الكيان الصهيوني بشكل مخز، فقد سبق ذلك عشرات المواقف والأفعال، لكن بشكل سري ومستفز.
ولكن الفرق هذه المرة ان المواقف باتت بالعلن وبشكل مفضوح! ولم يعد هذه الكيان الذي قتل آلاف الجنود المصريين في حرب 67 بدم بارد، واحتل سيناء وشرد وقتل المئات من الاسر المصرية خلال العدوان الثلاثي عدوا، بل صديقا حميما ينظر له من زاوية المصالح.
ولكن حتى المصالح التي باتت تتغلب على القيم لم تعترف ذات يوم ان بقاء الكيان الصهيوني في الاستيطان هو مصلحة مستمرة وباقية؛ لأن المصلحة الحقيقية تكمن في قناعة الشعوب وعقيدتها التي لا يمكن ان تنخدع مهما طال الزمن، وطالما استمر الكيان الصهيوني بممارسة العدوان تلو العدوان، والغدر تلو الغدر.
الامم المتحدة التي عبرت عن انزعاجها من استئناف النشاط الاستيطاني الذي ترجم الى قرار «فلت» بأعجوبة من الفيتو الامريكي لن يدوم طويلا، فهو مجرد حالة طارئة سرعان ما يعقبها الاسترخاء؛ فالكيان يستطيع ان يلعب على المتناقضات، وما اكثرها في المجتمع الدولي الذي لا يعرف إلا لغة المصالح ولغة القوة.
أما القليل من الفلسطينيين والعرب الذين يتعلقون بـ»القشة» ففرحوا بالقرار الاممي، وتفاءلوا بإمكانية التجميد للاستيطان، ولكنهم تناسوا تماما ان «اسرائيل» لن تتغير كعادتها، فهي تصر على أن تكون كما هي دائما؛ مجرد توأمين من حديد هما: الدبابة التي تحتل وتقتل، والجرافة التي تهدم وتستوطن.
المفهوم الاسرائيلي للاستيطان يختلف تماما عن مفهومنا نحن العربَ؛ فهو بالنسبة اليها مقدس لا يجب أن يمس، كما ان المشروع الاستيطاني والاستحواذي قد تأسس على ركيزتين؛ هما: السطو المسلح، وتزوير التاريخ.
وأمام ميزان العدالة المقلوب والاعرج سيبقى الاستيطان يمتد طولا وعرضا، ما دامت كرامتنا ومفهومنا للحق والعدالة يتقلص عرضا وطولا، وحماية «اسرائيل»عربيا باتت «وجهة نظر»!! ومصلحة سياسية.