متى نسترد تيسير النجار؟
نيسان ـ نشر في 2017-01-25
بتولّي الزميل الصحافي الأردني تيسير النجار (أكرّر تيسير النجار) حقيبة وزارة الخارجية في بلاده، في التعديل الوزاري، أخيراً، على حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي، فإننا نستبشر بالوزير الجديد خيرًا، في وضع حد لمحنة الزميل الصحافي الأردني المعتقل في الإمارات العربية منذ أزيد من عام، أيمن الصفدي (أكرّر أيمن الصفدي).
لا لبس في الأسماء، أعني أن الوسط الصحافي العربي عمومًا قابل للسجن والوزارة، في أي لحظة، وقد تنعكس الحالة ما بين طرفة عين وانتباهتها، فيغدو الوزير سجينًا، والسجين وزيرًا، وليس لصحافي عربي أن يدّعي الحصانة الأزلية، ذلك أن أدنى 'خطأ' صحافي في لقب مسؤول ما كفيلٌ بوضع خاتمة النهاية، إما لمسيرته المهنية، أو لحياته كلها في بعض دولنا.
عمومًا، نعاود التصويب، فالمعتقل، في المرحلة الراهنة، هو تيسير النجار، أما الوزير الجديد فهو أيمن الصفدي، وما بين 'زميلين'، الأول سجين والآخر مجهول المصير، تعصف بالوسط الصحفي الأردني، هذه الأيام، موجة تفاؤل، بقرب انتهاء محنة النجار، الموقوف في الإمارات من دون محاكمة، ولأسبابٍ لم يتم الإفصاح عنها.
وتصدر موجة التفاؤل من تسلم زميلهم الصفدي حقيبة وزارة الخارجية، الرجل العريق في عالم الصحافة، والذي كان تولى رئاسة تحرير إحدى الصحف الأردنية اليومية، ردحًا من الزمن، فضلاً عن صحيفة أخرى في الإمارات نفسها، ما يعني أنه سيكون مهتمًّا، أدبيّاً على الأقل، بقضية النجار التي طال أمدها، على خلاف الوزير السابق ناصر جودة الذي كانت وزارته تكتفي بتصريحاتٍ مقتضبةٍ حول القضية، كلما وجه إليه سؤال نيابيٌّ عنها، وهي إجاباتٌ لم تكن تحمل أكثر من عبارات دبلوماسية فضفاضة حول قيام وزارة الخارجية بـ'متابعة القضية'، و'غموض المعلومات'، على الرغم من أن القنوات الدبلوماسية بين البلدين تتسع لمرور بحرٍ برمته من فيوض المعلومات.
على أنني أحد الصحفيين القلائل الذين لا يشعرون بأي تفاؤل، ليس حيال قضية الصديق تيسير النجار، فقط، بل جرّاء هذا الاستخفاف والتلاعب الغريب بمصائر الإنسان العربي، فأن يتم توقيف شخص في مطار، وزجّه في الأقبية والسجون، نحو عام ونيف، من دون قراءة حتى حقوقه، ومن دون أن يعرف تهمته، فذلك مدعاة لكثير من الخيبة بمستقبل هذا الإنسان الذي تشكل حياته اليومية، ذاتها، مصيرًا غامضًا، لا يعلم أن ينتهي أو كيف، من لحظة خروجه من المنزل، حتى عودته. ولذا، قد يكون هذا الإنسان من أكثر الشعوب، حفظًا وترديدًا، لأدعية التحصين والرّقى، عند كل خطوةٍ أو حركة؛ كونه لا يعلم ماذا تخبئ له أقدار زعمائه ومخابراته، أو حتى 'معارضاته' التي لا تقل تسلّطًا واستبدادًا عن الأنظمة ذاتها.
بيد أنني سأتّبع 'جنون القبيلة' هذه المرة، وأنضمّ إلى رهط المتفائلين، إكرامًا للصديق تيسير، الذي أعرف مبلغ رهافته وإنسانيته واستقامته، مطالبًا زميلنا الوزير الذي تقاسمنا معه لقمة العمل الصحفي، المغمّسة بالتعب والإرهاق، والرغبة في التغيير، أن يبذل قصارى جهده، لكشف الغموض الغريب الذي يلف القضية برمتها، وأن يكشف، على الأقل، دواعي الاعتقال، وأسباب عدم تقديم زميلنا إلى المحاكمة حتى الآن، وبأي حق يتمّ ذلك، مفترضًا، من باب الوهم، أن يكون المعتقل من ذوي الجوازات الأجنبية التي تنحني لها أجهزة الأمن العربية نفاقًا ورعباً، فوق فروض الولاء والطاعة، بالطبع.
أما إذا تجاهل الوزير الصفدي قضية النجار كسابقه، فيتعيّن عليه أن لا يطالب هذا الوسط، مستقبلًا، أن يدافع عنه، إذا تقلّبت الأيام، وانتهت به الحال إلى ضائقةٍ ما، قد لا تكون مرتبطةً بالسجن بالضرورة، ذلك أنه يتسنّم الآن أحد أهم المناصب التي تتيح له العمل بقوة لإطلاق سراح زميلنا النجار، أو كشف لغز اعتقاله وتأخير محاكمته على الأقل.
وما بين 'الحقيبة' و'السجن'، نأمل أن نستردّ تيسير النجار قريبًا.