إنقلاب في أمريكا
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-02-11 الساعة 03:52
لا نتحدث عن بلد عربي أو في إفريقيا أو حتى في عموم العالم الثالث ، حيث يقوم شاويش مدعوم من امريكا بإنقلاب عسكري في بلده ،ويطيح بمن سلفه بالدبابات ،ولكننا نتحدث عن مستثمر أمريكي كان الشريك الإقتصادي المفضل لدى العرب والمسلمين ،جاء إلى البيت الأبيض مدعوما من قبل الرئيس الروسي بوتين ، ولكنه إنقلب على المسلمين أولا ،ثم على الأمريكيين أنفسهم كما إنقلب على القيم الأمريكية ،ويحاول تجريد أمريكا من ركيزتها الأساسية التي قامت عليها ونهضت بها وهي الهجرة ،علما أنه يعود في أصوله إلى ألمانيا ،في حين أن زوجته من يوغوسلافيا السابقة وحصلت على الجنسية الأمريكية في وقت قريب. لقد أحدث الرئيس الأمريكي; المؤقت; دونالد ترامب حقا إنقلابا في أمريكا ،ومارس رغم أيامه القليلة في البيت الأبيض ،كل انواع الغرائب والعجائب ،الأمر الذي جعل الشعب الأمريكي يثور عليه ،ويضعه تماما في مرتبة حكام العالم الثالث الديكتاتوريين والقمعيين والتجار ،ولم تسلم المرأة الأمريكية من شروره ،كما أنه يناصب الإعلام العداء ،ولا أدريي من أبقى من فئات الشعب الأمريكي معه .
ثورة الشعب الأمريكي عليه ليست منعزلة عن ثورة العالم ضد هذا الرجل الذي يفتقر لأدنى أساليب وأسس الحكم الرشيد، والجاهل بأصول التعامل الدبلوماسي ،وهذا الرجل يرتكب المخالفة تلو المخالفة ،ولا يراجع نفسه ،مما يعني أن إختياره لمستشاريه لم يكن عقلانيا ،وإنما جيء بهم على شاكلته،وهم كالحطب الجاف يساعدون على الإشتعال. بالأمس هاجم السي آي إيه وإن كان ما قاله بحقهم صحيح حول إتهام الرئيس الراحل صدام حسين بإمتلاك سلاح الدمار الشامل ،ردا على تقارير تتعلق بسرقة الأصوات اليكترونيا ، وكان إتهامه لهم كلمة حق أريد بها باطل. لم تقف الأمور عند السي آي إيه ، بل تعدتها إلى خط أحمر آخر وهو الصحافة والإعلام ،إذ ناصب الصحفيين العداء وكال لهم الإتهامات وهدد بطرد صحافيي البيت الأبيض ،ومؤخرا أهان الصحافيين في مؤتمر صحفي وأجلسهم على الأرض ومنع صحفيا من توجيه السؤال له وخاطبه بحدة:أخرج من بلدي!!!كما أنه أهان القضاء الأمريكي وتحداه لأن قضاة امريكيين عدول خالفوا اوامره الصبيانية حول المهاجرين ورفضوا تنفيذ قراره ،كما أنه أقال وزراء من حكومته لذات السبب. ومن ضمن حزمة التهم التي تكال لترامب من قبل الشعب الأمريكي ،أنه ادخل البيزنس في السياسة،عندما هاجم سلسلة متاجر نورد
ستورم لتوقفها عن بيع الملابس والأحذية التي تحمل ماركة إبنته المدللة إيفانكا التي تزوجت من يهودي وتهودت معه وغيرت إسمها إلى ;ياعل;. لم تقتصر المظاهرات التي جابت الشوارع الأمريكية ضد ترامب على المدن الأمريكية فحسب،بل تعدتها إلى كبريات المدن في العالم وفي المقدمة باريس ولندن ، كما ان معارضيه ليسوا من الأمريكيين فقط، بل رأينا أن طابور معارضيه والمحتجين على سياساته يستقطب يوميا كبار الشخصيات رفيعة المستوى ،إلى درجة ان وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون شبيهه من حيث الشعر على الأقل قد وجه له طعنة نجلاء بتخليه عن الجنسية الأمريكية ،إحتجاجا على طريقة أدائه المستهجنة في الحكم. أمريكا في عهد ترامب تحولت إلى إسبارطة ،فهي تسير حثيثا نحو العزلة من خلال شعار أمريكا أولا;،وهي تعمق شبهها بمستدمرة إسرائيل عن طريق الجدار العازل الذي ينوي ترامب بناءه على الحدود المريكية –المكسيكية ،وبصريح العبارة أنه يقوم بتنفيذ المهام المنوطة به خير قيام لتحقيق الهدف المنشود من وراء المجيء به رئيسا لأمريكا ،وهو تفكيك الولايات المتحدة الأمريكية على طريق تفكيك الإتحاد الأوروبي ،وها هي ولاية كاليفورنيا تسير في إجراءات الإنفصال بجمع التواقيع ،كما ان بريطانيا إنسلخت عن الإتحاد الأوروبي.