اتصل بنا
 

معركة وزير الأوقاف الوهمية

صحافي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2017-02-28

نيسان ـ

قبل أيام خرج علينا وزير الأوقاف وائل عربيات، من جبهته، يتحدّث عن “المعركة التي نخوضها دفاعاً عن ديننا الذي يتعرّض لهجمة شرسة واختطاف بتشويه صورته النقية تتطلّب منا جميعاً أن نتمسّك بديننا دين السماحة والاعتدال”.
حتى وقت قريب، كان الوزير الذي “يذود عن حمى الإسلام الذي ينبذ التعصّب والتطرّف”، يسوّق في برنامجه “آفاق إسلامية” على التلفزيون الأردني بأنه “ليس الذكر كالأنثى”، مستضيفاً رجال دين لا يزالون يبثّون الخرافات حول فروق بين الرجل والمرأة، في الوظائف البيولوجية والذهنية والنفسية، ويزعمون أن الكشوفات العلمية تثبتها.
يناقش الوزير مع ضيوفه القضايا ترتبط بالمرأة، مشتركاً معهم بقناعات عديدة تتساوق مع أفكار داعش ولا تختلف عنها إلاً بالقشور، وينسحب الحال على نقاشه حول “تجديد الخطاب الديني” الذي يتشابه في تمجيده لآراء متشدّدة في التراث الإسلامي مع دعاة التطرّف، مع فارق بسيط بأنه ينحاز للسلطة والحكم.
لمن يريد أن يتابع حلقات البرنامج المتوّفرة على “يوتيوب”، سيتكشف بعد متابعة القليل منها أي “اعتدال” و”تسامح يتحدّث عنه عربيات، المتخصّص في المصارف الإسلامية، والتي يجدها حلاً مثالياً لأزماتنا الاقتصادية، مع أن حسبة بسيطة تثبت أن المواطن الأردني المقترض بحسب نظام المرابحة “الإسلامية” يدفع لأصحاب رأس المال القيمة ذاتها إن لم تكن أكثر من تلك التي تقتطع من مقترض يتعامل مع بنوك “غير إسلامية”، وكلاهما في الهمّ شرق.
وحتى حين ناقش دور وزارة الأوقاف، قبل أن يتولّى شؤونها مع وزير أوقاف سابق، تعامى عن شبهات الفساد التي تدور حول “صندوق الزكاة” أو تلك الشيكات التي صرفت لأئمة بمبالغ طائلة وكُشف عنها في الصحافة مؤخّراً، كما لم ير في موضوع الأئمة سوى نقص أعدادهم، من دون إشارة إلى مدى التشدّد والجهل لدى غالبيتهم.
معركة الوزير التي يتصدّى لها كانت محور تصريحاته في زيارة له مؤخراً إلى إحدى قرى الشمال –في لواء الكورة-، متفقدّاً مشروع “المسجد الجامع” فيها والذي تصل مساحته الى نحو ثلاثة آلاف متر مربع، في قرية لا يوجد فيها مستشفى يؤمّن الخدمات التي يستحقّها أبناؤها وهم مضطّرون في حالات مرضية كثيرة سلوك طريق وعرة تكثر عليها حوادث السير لنقل مرضاهم إلى المستشفى في مركز اللواء أو مركز المحافظة، وبالطبع فإن المدارس في القرية نفسها هي أسوأ حالاً.
ويصمت الجميع عن إحصاء يشير إلى وجود 170 مسجداً في هذا اللواء الذي يعاني أهله مثل إخوتهم في الوطن من تفاقم أزمات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والفقر والبطالة وغيرها.
عربيات دافع عن توحيد خطبة الجمعة “في إطار برنامج ونهج إصلاحي لمواجهة التطرّف”، وأنها “لن تبرّر توجّهاً حكومياً”، وهي لازمة تتكرّر في خطاب وزراء الأوقاف السابقين، بينما يعلم الجميع أن خطباء الجمعة صمتوا عن فساد الحكومات المتعاقبة وجرى توجيههم على الدوام، والأخطر من ذلك أن معظم ممتهني الإمامة في بلدنا هم من الأقل تحصيلاً على المستوى الدراسي وأن خلفيات بعضهم الاجتماعية السابقة، وربما الحالية، تدلّ على تناقض خطبتهم مع سلوكياتهم ومعاملتهم.
نكتة أخيرة تتعلّق بالترويج “للتعايش والوئام” بين الأديان، حين يشترك في هذه الجولات الرسمية رجال دين، مسلمين ومسيحيين، غير أن المشايخ “الرسميين” أنفسهم الذي يرفعون شعارات التسامح يدلون بآراء أمام العامة وعبر وسائل الإعلام، أحياناً، عن “انحراف عقائد أهل الكتاب” ويغذّون حالة من التمييز على أساس المعتقد والطائفة.

نيسان ـ نشر في 2017-02-28

الكلمات الأكثر بحثاً