الإسلام والمسيحية..عداء لا مبرر له
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-03-02 الساعة 23:10
الإسلام والمسيحية هما الرسالتان السماويتان الأقرب إلى بعضهما ،ولكنهما على أرض الواقع يعانيان من عداء سافر بينهما لا مبرر له ،نجم عن دخول يهود بحر الخزر المتصهينينالصابئين عن منهاج النبي موسى عليه السلام ،على الخط بهدف ضرب التقارب بينهما ،وتحقيقا لهدف المسيحية الصهيوينة وهو تهويد المسيحية والمسيحيين ، ومعروف أن أحبار يهود القدماء ينظرون إلى السيد المسيح عليه السلام كمرتد عن اليهودية،ولا يعتبرونه نبيا مرسلا أرسله الله إليهم لوقفهم عن غيهم وضلالهم ، ولذلك حاربوه وسخروا منه عندما دخل القدس مشيا على الأقدام بسيطا في مظهره ومعه فقراء القوم.
كان اليهود آنذاك وما يزالون يتمسكون بمظاهر الملوك ولذلك سخروا من السيد المسيح ،لأنه جاء إلى القدس بعيدا عن مظاهر الملوك ولم يصطحب معه الأرستقراطيين وعلية القوم ،وذلك لإيمانه بالبساطة وحبه للناس بعيدا عن مظاهرهم الزائفة ،فالله بسيط ويحب خلقه البسطاء.
للمسيحية الحقة دين معلق في رقبة الإسلام ،ولا أظن أن مسلما حقا ينسى هذا الدين ،فلولا المسيحية الحقة في الحبشة ،والملك المسيحي العادل هناك ،لما رأينا إسلامنا ينتعش ويتجاوز تحالف يهود الجزيرة مع قريش التي ناصبت العداء لنبي الرحمة المهداة محمد بن عبد الله القرشي العربي الأمي اليتيم الأمين ،الذي جاء بمفاهيم تسلب قريش من الأبهة التي كانت تعيش فيها بعيدا عن الإيمان بالله تعالى، وكانت رسالة السيد المسيحلبني إسرائيل ذات الرسالة أن يتخلوا عن أبهتهم ويكونوا عبيدا صالحين متواضعين لله تعالى ويحبوا بقية خلقه.
عندما أمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ،قال لهم أن فيها ملكا عادلا ، وقد إستقبلهم الملك النجاشي بكل الحفاوة المعهودة ،وقدم لهم الحماية ،ورفض هدايا قريش وضغوطاتها ،وطلب من وفدها إجراء مناظرة مع صحابة رسول الله ،ورفض تسليم الصحابة لقريش ،وهنا نقول أن المسيحية الحقة تجلت في حكم الملك النجاشي العادل المنصف.
أما الموقف المشرف الثاني للمسيحية الحقة فقد جسده الراهب بحيرا الذي نصح عائلة النبي محمد بالعودة بالصبي'محمد' والحفاظ عليه وإخفائه عن يهود حتى لا يقتلوه لأن صفات النبوة التي تحدث عنها الإنجيل وهي البشارة التي تقول أن نبيا من بعدي سيأتي وإسمه أحمد.
عاش العرب المسيحيون معنا على هذه الأرض ،وهم الأصل وفقا للثابت والمتحرك،فهم عروبيون أقحاح مؤصلون ،وليسوا بقايا الصليبيين كما قال بعض المغرضين الذين لا تربطهم بهذه الأرض أدنى رابطة ،وقد أسهم العرب المسيحيون بالنهضة العربية وهم حراس وحماة اللغة العربية .
والدليل على أن الإسلام يقدر المسيحية الحقة ، هو المكانة العالية للسيد المسيح عليه السلام وأمه الطاهرة البتول عليها السلام ، وتمثل ذلك في القرآن الكريم حيث أفرد الله سورة بإسمها عليها السلام وهي سورة مريم،وسورة أخرى بإسم عائلتها تكريما لها وللعائلة الكريمة أيضا .
تميز الخظاب بالروعة التي تليق بكل من المتحدث وهو الله جل في علاه ،والمخاطب وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم،وحامل الخطاب الأمين جبريل عليه السلام .
إتسم الخطاب بسمو الأخلاق وطبيعة اطرافه الثلاثة ،تثبيتا لوضع السيد المسيح وأمه الطاهرة البتول العفيفة الشريفة التي كرمها الله بروح منه ،تكريما شموليا لعائلتها وأمها التي نذرت ما في بطنها لله فكانت انثى ولم تتراجع ،فتعهدها بلطفه وكرمه وحماها بملائكته وكرس طهرها ،فكانت أما لنبي له مكانته وقيمته وقدره عند المسلمين ،وأكرمها أيضا بعد ولادتها بأن لم يحملها عناء تبرير حملها وولادتها دون أن يكون لها زوج،إذ اوحى إليها الله من فوق سبع سموات أن قولي لهم إسألوا الطفل الذي أجابهم وهو في مهده سلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا.
لم نر العداوة والبغضاء بين الإسلام والمسيحية إلا بعد دخول المسيحية الصهيوينة على الخط ،وتمكنت هذه الظاهرة من إستقطاب اكثر من 100 مليون مسيحي تصهينوا وأصبحوا صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم ،وأصبحت لهم سفارة في القدس تعمل بجد وإجتهاد على تهويد المدينة المقدسة بما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية.
ما يزال يهود بحر الخزر المتصهينين في مستدمرة إسرائيل ينظرون إلى السيد المسيح وأمه الطاهرة البتول مريم بإبنة عمران عليهما السلام ،نظرة مخالفة للواقع وبعيدة عن الخلق ، وقد جسدوا ذلك في أفلام تلفزيونية بشعة إعتدوا فيها على كرامة المسيحية والمسيحيين ،وهذا متأصل في أحبارهم الذي ينظرون إلى انبيائهم بذات النظرة .