اتصل بنا
 

خديعة البطولة

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2017-03-12 الساعة 09:11

نيسان ـ

تستحقُّ عائلةُ أحمد الدقامسة أنْ يعودَ إليها، وينامَ في بيتهِ، ويبحثَ لَهُ عن عملٍ، يعيشُ منه، وسط أولاده. وآملُ أنْ ينتهي الأمرُ عِنْدَ ذلك.
الرجلُ ارتكب العام 1997 سبعَ جرائم، وقتلَ سبعَ طفلاتٍ إسرائيلياتٍ كُنَّ في رحلةٍ مدرسيّةٍ إلى منطقة الباقورة الأردنية المستعادة من إسرائيل، وفقا لمعاهدة السلام، وقررت المحكمةُ سجنه 20 عاماً، وقد نجا من الإعدام، لأنَّ الفحصَ الطبيّ النفسيّ أظهرَ أنه مصابٌ بمرض اضطراب 'الشخصيّة الضدّ اجتماعية'.
لا بطولةَ في قتل الأطفال. وآملُ ألا تخدعه الحماسةُ الشعبيّةُ، ومعها المعارضةُ المتقاعدةُ التي صدّقت بأنَّ الطفلاتِ سخرنَ من صلاتهِ. فَإِنْ حدثَ ذَلِكَ فالعقيدةُ العسكريّةُ لا تقبلهُ، ولا قيمُ الرجولة ونواميسها، وإنْ لم يحدث، فالمحكمةُ دانتهُ، ورأت في مرضهِ النفسيّ عذراً مُخفِّفاً، وانتهى الأمر.
يعودُ الدقامسة إلى بيته وعائلته وقريته طليقاً، قضى محكوميّته، وليسَ بطلاً، ومن الظلم له أنْ يتقمّصَ هذا الدور، فقد كانَ جنديّاً مُسلّحاً قتل طفلاتٍ، فيما كانَ الجنودُ الإسرائيليون على مرمى نيرانه.
إسرائيلُ كيانٌ عنصريٌّ مُعادٍ، قصفت طائراته كثيراً من الأطفال الفلسطينيين، وقتلَ جنوده مواطنين أردنيين، مثلَ الشهيدين القاضي رائد زعيتر، وسعيد العمرو، لكنّ هذه ليست بتلك، والأطفال الإسرائيليون ليسوا أعداءنا. فنحنُ لا نتفوقُ على عدوّنا حين نشبهه. ولا أحد منا يقبل أن تكون بناته في رحلة مدرسيّة، فيُطلقُ جنديٌّ نظاميٌّ مسلّح النارَ عليهن. فالمعايير الأخلاقية لا تتغيّر.
خديعة البطولة، هي أسوأ ما يُواجهه أحمد الدقامسة، وقد كان شاباً عندما ارتكب جرائمه السبع، وربّما نضج، أو تعافى من مرضه، ليُعيد النظر في ما حدث قبل 20 عاماً. وهو الآن يحتاجُ تأهيلاً أكثر من هذا الضجيج والتمجيد الزائف. ولا نصيحة أفضلَ منْ أنْ يُعربَ عن ندمه، ويعتذر، فلربّما يساعده ذلك في سلامٍ داخليّ، وحياة أقلّ ندماً.

نيسان ـ نشر في 2017-03-12 الساعة 09:11

الكلمات الأكثر بحثاً