اتصل بنا
 

من جوبر الى الرقة: سباق المعركة وصراع الإرادات!!

أكاديمي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2017-03-26 الساعة 18:06

نيسان ـ

في الوقت الذي أنطلقت فيه الجولة الخامسة من مباحثات جنيف بين وفود المعارضة السورية ومنصاتها المتعددة ووفد الحكومة السورية بالرغم من أنعكاس ما يجري في الميدان السوري من أشتباكات مسلحة سواء في شرق العاصمة دمشق من خلال محاولة التقدم نحو ساحة العباسيين في العاصمة السورية ومحاولة التقدم نحو ريف حماة الشمالي الشرقي من خلال قوات 'تحرير الشام'، يبدو جلياً أن الهدف الحقيقي هو تحسين الموقف التفاوضي للمعارضة بعد عدم تمكنها من خلال امتناعها عن الحضور في استانا 3 من أفشل إتمام انعقاده، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال تقليل المبعوث الاممي ديمستورا من حدوث تقدم وأختراق حقيقي في جنيف 5؛ الا أنه استبعد بنفس الوقت أن تؤدي الاشتباكات في شرق دمشق وشمال ريف حماة من تحول استراتيجي يلقي بظلاله على الأزمة السورية، ويبدو في الجانب الاخر أن وفد الحكومة السورية أستطاع أن يضع ما جرى من خرق لوقف اطلاق النار كأولوية على طاولة المفاوضات في جنيف في سياق التعطيل وأن يوظف ذلك سياسياً ويوجه أتهاماً مباشراً للرعاة والمشغلين العرب والاقليميين في سعيهم لأفشال الوصول لحل سياسي في سوريا وإظهار هؤلاء كعقبة في وجه التسوية في سوريا؛ وبالمحصلة فأن الهجوم حقق نتائج عكسية ليست في صالح وفد المعارضة السورية في وضع ملف الإرهاب ومحاربته أولاً.
من الواضح اليوم في المشهد السوري أن ثمة تبدل في الأولويات أمريكياً بعد التراجع عن فكرة المناطق الآمنة والتي اعتبرها البنتاغون غير مجديه ويترتب عليها اكلاف ماليه عالية وأن الإدارة الجديدة معنيه أولاً بالمعركة الكبرى في الرقة ضد تنظيم داعش بتحالف مع الاكراد (قوات سوريا الديمقراطية ) الذين هم اليوم الأكثر موثوقية لدى ترامب من الشريك التركي والذي بات يشعر بقلق كبير من تراجع دوره في الشمال السوري ودخول الشريك الروسي على الخط الكردي الذي تجلى في الاستعراض العسكري في منطقة عفرين الكردية والذي يحمل رسائل عديده بالرغم من النفي الروسي لأهمية ذلك وتأكيده عدم سعيه لإقامة قاعده عسكرية في مناطق النفوذ الكردي شمال شرق سوريا ؛ ولكن هذا لا يقلل من حقيقة القلق التركي الذي بات يشعر بأن الاكراد خصومه العنيدين محاطين بتحالفين من اللاعبين الكبار في سوريا - الأمريكي والروسي -؛ ومع ذلك تستمر تركيا في محاولة إقناع الحليف الأمريكي بفك التحالف العسكري مع وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية والتي تعتبرها امتداداً لخصمها اللدود حزب العمال الكردستاني، وهي تنتظر هذا الأسبوع وصول وزير الخارجية الأمريكي ريكس تليرسون لمناقشة تفاصيل معركة الرقة التي يبدو أنها على وشك الانطلاق حسب كل المؤشرات خلال الأيام أو الأسابيع القادمة على أبعد تقدير ويبدو أن تركيا تسعى لإقناع الولايات المتحدة بضرورة الأعتماد على قوى وفصائل قوامها أبناء العشائر العربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع تركيا ويبرر الاتراك ذلك بأن المنطقة قوامها وسكانها عشائر عربية سنية وهي أقدر على تحقيق إنجازات سريعة وهو ما لا تميل له إدارة ترامب الحريصة بنفس الوقت على التحالف مع تركيا حيث أهم قاعدة تسهيلات عسكرية جوية 'انجرلك'؛ ألا أنها ترى أن عزل الاكراد عن المشاركة سيطيل عمر المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي وهي حريصة على الاستفادة من الجهد الكردي.
في المقلب الاخر يبدو أن روسيا وهي الطرف الدولي الفاعل في المشهد السوري والحليف القوي لنظام الرئيس الأسد تقلل من حجم التفاؤل الذي يبديه الامريكان ومعهم الحليف الفرنسي الذي أعلن ان حصار الرقة سيبدأ خلال الأيام القليلة القادمة، وفي إشاره تحمل عدة دلالات قال الجنرال إيغور كوناشنكوف الناطق باسم الجيش الروسي أن الحديث عن إتمام حصار الرقة لا صلة له بالواقع بتاتاً وأن معركة تحرير الرقة لن تكون نزهة للتحالف الدولي، مشيراً إلى أن مدة العملية ونجاحها يبقيان رهنا بقدرة الأطراف على تنسيق تحركاتهم مع كل القوات التي تتصدى للإرهاب الدولي في سوريا بما فيها القوات السورية الحكومية وحلفائها بما فيهم روسيا وايران.
المؤكد اننا نقترب من معركة الرقة وأن الأنزال الجوي الأمريكي والمكون من عناصر من قوات المارينز وقوات سوريا الديمقراطية في منطقة الطبقة وهي مدينة تقع على سد الفرات يشي أن الإدارة الامريكية حسمت الموقف بشأن الاعتماد على وحدات حماية الشعب الكردي؛ وهو يعني عملياً استبعاد المشاركة التركية ومنع القوات المدعومة من تركيا 'قوات درع الفرات' وبنفس الوقت أشغال القوات الحكومية السورية في جبهات متعددة للحيلولة دون أستمرار تقدمها من ريف حلب الشرقي باتجاه الرقة بالرغم من تقاطع ذلك مع رغبة معلنه من قيادة قوات سوريا الديمقراطية وترحيبها بمشاركة الجيش السوري كجهة وطنية في تحرير الرقة، ويرى البعض في الانزال الجوي الأمريكي محاولة لعرقة تقدم قوات الجيش السوري والحيلولة دون انخراطه في معركة الرقة لأن للولايات المتحدة الأمريكية حسابات استراتيجية أبعد من هزيمة داعش فيما يبدو تمتد لتقاسم النفوذ في سوريا والمنطقة لأحقاً.
نهاية التنظيم في الرقة باتت محكومة وأن تأخرت قليلاً بالرغم من أن قوات سوريا الديمقراطية لا تبعد ألا اميال فقط عن قلب المدينة؛ لكن ثمة سؤال كبير يطرح ماذا بعد الرقة وهل هي بداية وجود امريكي دائم هناك ؟!! والى أي مدى سيقبل الاتراك بذلك التواجد الكردي وهل سيؤسس لجيب وإقامة منطقة حكم ذاتي كردي في المنطقة المحصورة بين مدينة الرقة ومدينة الطبقة والبالغة مساحتها 55 كم؛ وهل سيصل الجيش السوري لاحقاً للمدينة ضمن تسوية بين الامريكان والروس؟!! الأيام القادمة ستجيب على الكثير من هذه الأسئلة لكننا سنكون أمام تطورات متسارعة ومتلاحقة خلال المستقبل القريب وربما اشتعال العديد من الجبهات على اتساع جغرافيا الصراع في سوريا!!

نيسان ـ نشر في 2017-03-26 الساعة 18:06

الكلمات الأكثر بحثاً