الامعاء تواجه السجان
محمد المحيسن
كاتب وصحافي أردني
نيسان ـ نشر في 2017-04-29 الساعة 22:13
في الوقت الذي ينفذ فيه مئات الأسرى الفلسطينيين إضرابا عن الطعام، يمارس العالم إضرابا عن الأدراك، وإضرابا آخر عن الكرامة، فيما يمارس الكيان الصهيوني كعادته حصارا للفهم.
وإذا كانت وسائل الاعلام العربية والمحلية انشغلت بهمومها الخاصة وبانتخاباتها وبمعارك ذاتية، آخذة بالتصاعد فان صوت معركة الامعاء الخاوية ستبقى تحاصرنا، وتعيد ضمائرنا الى الحصار الذاتي.
الامعاء الخاوية معركة غير متكافئة بين طاغية اسقط كل ما يمت للإنسانية بصلة من حساباته، وبين شباب ربطوا انفسهم بمعني عميق لحب ألحياة، فهم يسعون الى تعليم العالم اليوم وغدا ان حريتهم وكرامتهم اقوى من اي طغيان، ويكتبون بمداد من ذهب ان الحرية يمكن لها ان تنمو وتتطور داخل اقبية السجون والمعتقلات.
صور وأجندات خاصة ينفذها هؤلاء الابطال خلف قضبانهم الحديدية، تبدو للبعض عبثية ولآخرين خرقا للطبيعة البشرية ولكنها بالنسبة لهم، اشبه بممارسة يومية لفن الكرامة التي يجيدها ابطال فلسطين نيابة عن امتهم المشغولة بحروبها الفارغة من اي مضمون، وبمعارك الانساب بين داحسها وغبرائها.
يقول الكاتب خيري منصور واصفا ما يقوم به الأسرى (بأنهم هم من شهّروا جوعهم وأمعاءهم في الزنازين هم الذين صاموا عن الذل كي يفطروا على العزّة ؟ لكن من صدقوا ان الانسان يعيش بالخبز وحده تحولت لغتهم الفصحى الى ثغاء وفقدوا اعز ما يملك ابن ادم وهو الوعي بحريته اولا، ثم البحث عن سبل استحقاقها).
معركة السجون ورغم انها غير متكافئة، ولا يمكن تصنيفها الا في اطار الصراع بين الظالم والمظلوم، الا ان غيابها او تغييبها عن وسائل الاعلام لم يعد ممكنا حتى من باب المهنية الصحفية ومن بان الانحياز الى الحرية التي تعني الكثير لمهنة الصحافة وتشكل رمزها مصدر قوتها.
من يعتقد ان الأسرى في زنازين الاحتلال لا يملكون ارادتهم يضع نفسهه خانة الغباء السياسي والاخلاقي، فقد كانت تلك السجون وما زالت اكاديمة متقدمة للثوار والمجاهدين تخرج منها عشرات الاف السياسين والمناضلين. وتدار فيها ارقى الحوارات السياسية والفكرية.
ويقبع في سجون الإسرائيلية نحو سبعة آلاف أسير فلسطيني، موزعين على 22 سجنا داخل الأراضي المحتلة تابعة لمصلحة السجون، ومعسكري اعتقال في الضفة الغربية المحتلة تابعة للجيش مباشرة، ومن ضمن هذا العدد توجد 62 أسيرة، بينهن 14 فتاة دون سن 18، وثلاثمئة طفل وفتى دون سن 18 عاما.