وجدان اليسار والقوميين يتحد مع الانظمة الشمولية
نيسان ـ نشر في 2015-06-08 الساعة 14:53
هاتفني أكثر من يساري وقومي اليوم هاشين فرحين بنتيجة الانتخابات التركية العامة وأن طيب رجب أردوغان عدوهم اللدود لم يستطع تحقيق الأغلبية المطلقة فيها، كما هاتفني أكثر من شخصية يمينية شبه رسمية تهتف بحب الأنظمة الشمولية للسبب ذاته.
في الحقيقة شعرت بالارتباك، ليس لما وقع لأردوغان، بل للمشهد الغريب الذي صار عليه الواقع. اليوم اختلط وجدان الأنظمة الشمولية القمعية بوجدان اليسار والقوميين، حتى ما عدت تفرق بينهما.
كأنها معركة كونية صار فيها الجميع من يسار (من ذوات الرفاق والرفيق) ويمينيين من ذوات (المعالي) المتحالفين مع الامبريالية والمؤامرة الكونية، في وجدان موحد ضد شعوب المنطقة.
ما قلته للرفاق أن أردوغان سيعثر على يساري انتهازي يتحالف معه ضد رفاقه، فهذه لن تكون مشكلة. وهذا أمر متاح لأردوغان ويعلم الرفاق انه سهل المنال.
ما يدعو الى السخرية هو هذا الحلف المعلن وغير المعلن بين الأنظمة الاستبدادية والانقلابية وبين اليسار والقوميين الذين (هلكونا) طوال عقود في التنظير لفكرة حكم الطبقة العاملة لنفسها.
المشهد الفج اليوم هو أن وجدان اليسار والقوميين مع سافك دماء أطفال شعبه بشار الأسد. وهم – كيف لا تعرف – مع الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر.
هل يطيق منطق عاقل أن يكون مع (الهبل) الذي يجري في مصر اليوم.. لا تجد من منطق يمكن أن تفهم معه الأمور سوى أن العالم يسير اليوم على رأسه، ويفكر بقدميه.
في الحقيقة ليس الغريب هو ذلك، بل في أن ننسى ببساطة تاريخا لم يبتعد عنا طويلا، بطش فيه الرفاق في شعوب عربية ونكلوا بهم ووضعوهم في المعتقلات سنوات وسنوات باسم "التقدمية".
لست في معرض الدفاع عن "أردوغان"، لكن ما يشعرني بالقلق هو اننا معشر العرب يسارا وقومجيين بتنا كما كنا دائما من فئة التوابع المتفرجين على الأحياء.. عجزة من كبار السن الجالسين في الطرقات لا يتركون أحدا يمر من أمامهم إلا ويغمزوه بكلمة هنا وإشارة هناك، ثم يفتحون أفواههم - على نية الضحك – فإذا بها مثل منطقهم .. بلا أسنان.