تل رفعت (آرفاد) المملكة التاريخية
محمد فاروق الإمام
مؤرخ وكاتب سوري مقيم في تركيا
نيسان ـ نشر في 2017-05-11 الساعة 09:11
انخراط شباب تل رفعت في الثورة
مبكراً شارك شباب تل رفعت في الربيع السوري، فكانوا من أوائل مناطق الريف الشمالي لمدينة حلب انخراطاً في الثورة منذ بدايتها السلمية، في المظاهرات المطالبة برحيل الأسد، كما انخرط شباب تل رفعت في تغريدات وسائل التواصل الاجتماعي، وكانوا يلتقون مع إخوانهم في المدن الأخرى مثل عندان ومارع وحريتان وحيان، ليتشاوروا في الإعداد للمظاهرات والتأثير على المدن والبلدات والقرى الأخرى للمشاركة والتفاعل مع الثورة المنادية بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
يقول السيد عبد الرحمن حياني وهو ناشط ثوري ينتمي إلى مدينة تل رفعت: بعد أن قمع النظام المتظاهرين السلميين بالحديد والنار كان شباب تل رفعت مع إخوانهم من شباب عندان ومارع في مقدمة من حمل السلاح للدفاع عن الأهل والعرض والديار، وما لبثت هذه المدن أن تحررت بعد مقاومة ضارية للنظام وشبيحته.
وأضاف، بقيت كذلك حتى تمكنت قوات سورية الديمقراطية الكردية بدعم جوي روسي من احتلالها وطرد السكان منها.
تل رفعت مدينة سورية تقع على بعد 35كم شمال مدينة حلب وعلى ارتفاع 500 م فوق سطح البحر حيث تبلغ مساحة المخطط التنظيمي للمدينة 710 هكتارات ويبلغ عدد السكان مدينة تل رفعت حوالي مئةألف نسمة.
وتمتلك المدينة تاريخاً عريقاً حتى كانت عاصمة المنطقة، حكمها عدة ملوك عبر التاريخ أهمهم الملك (تيغلاتبيلاصر) والذي رفع من شأن المدينة وجعلها عاصمة له. موقعها الجغرافي الممتاز يجعلها مركزًا لجميع القرى والبلدات المحيطة بها.
الأكراد يسيطرون على تل رفعت
تهجير عشرات الألوف من مدينة تل رفعت
جثث القتلى من أهل تل رفعت يستعرضها الأكراد في مدينة عفرين الكردية
تل رفعت أسباب السقوط والمفاوضات
يسرد السيد عبد الرحمن حياني الكيفية التي سقطت فيها المدينة فيقول: سقطت المدينة منتصف عام 2015 وتحديدا عند دخول الفرقة 30 التي تلقت تدريباتها على أيدي البنتاغون الأمريكي لمحاربة تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي وهي جزء من مشروع البنتاغون لتدريب المعارضة المعتدلة حسب وصفه والذي رفضته المعارضة المسلحة المعروفة جملة وتفصيلا مع دخول الفرقة 30 للمنطقة عبر بوابة اعزاز.
وحوربت هذه الفرقة المدعومة أمريكيا من دول إقليمية معنية بشكل كبير في الملف السوري، وأوعزت تلك الدول للفصائل التي تدعمها ألاتقترب منها ولاتتعاون بأي شكل من الأشكال بعد هجران الفصائل العسكرية لها، ومنعها من فتح مقرات لها في مناطق الريف الشمالي، وفق ما قاله السيد عبد الرحمن حياني.
واتخذت الفرقة من قريتي (مريمينوشوارغة) القريبتين من مدينة عفرين مقرات لها وهوجمت فيما بعد من قبل جبهة النصرة التي فشلت في القضاء عليها.
وبحسب ما قاله السيد عبد الرحمن حياني فإن أمريكا قد صبت جام غضبها بعد تلك الأحداث التي أصابت الفرقة وانتقلت الولايات المتحدة إلى الخطة البديلة وهي دمج الفرقة مع قوات الpydوتنفيذ مشروع مايسمى فصل المعارضة المعتدلة عن المعارضة المتشددة كما تسميها، ولتنفيذ هذا المشروع كان لابد للولايات المتحدة من التعاون مع روسيا للسيطرة على طريق (نبل والزهراء /رتيان- حردتنين - تل جبين - معرستة )، ولتثبيت السيطرة على هذا الطريق كان لابد لها من السيطرة على مدينة تل رفعت.
يقول عبد الرحمن حياني: استطاعت أمريكا وروسيا تنفيذ مخططها الأول بقطع اوصال الريف الشمالي عن الغربي، وانسحبت جبهة النصرة من الريف الشمالي وبدأت بتنفيذ مخططها الثاني وهو دعم قوات سورية الديمقراطية، للسيطرة على كامل الريف الشمالي ووصله بالشرق السوري. وكانت الحجة دائما تنظيم داعش الذي ساهم بشكل كبير في تنفيذ المخطط الأمريكي، ذاك التنظيمالذي ترك خلفه جبهات بآلاف الكيلومترات مع قوات النظام وقوات سورية الديمقراطية، وصب جام عملياته ضد الجيش الحر في الريف الشمالي، وشن هجماته العنيفة على هذا الريف وسيطر على معظمه ووصل إلى مشارف مدينة اعزاز، وتكسرت أحلام المشروع الخبيث على أعتاب مارع وصمودها الأسطوري بوجه ذلك المخطط.
وأضاف عبد الرحمن حياني: ذاقت قوات الجيش الحر الأمرين في ذاك الوقت وبلغت القلوب الحناجر فالمنطقة على وشك السقوط والذهاب لصالح قوات سورية الديمقراطية، وذاقت معهم تركيا مر العلقم أيضا، ولكن تركيا كدولة لاتتعامل بالعواطف فصبرت وراوغت سياسيا، وتلاعبت على خيوط التقارب مع روسيا، ودعمت فصائل الجيش الحر بشكل كبير لقتال داعش فقط، لأنها الأداة الوحيدة التي تنفذ مشروع الأمريكان، وبعد فترة طويلة من المد والجذر بدأت بوادر انفراج، واستطاعت تركيا أن تجد لها هامشا تستطيع التحرك من خلاله للقضاء على ذاك المخطط،وحشدت قواتها وقوات حلفائها من الفصائل السورية المعارضة، ودخلت المنطقة عبر بوابة جرابلس، وبدأت بعدها أحداث درع الفرات التي يعرفها الجميع.
وكان لمدينة الباب الأهمية الكبرى والنقطة الأبرز للقضاء على هذا المشروع، فسارعت أمريكا لدعم حلفائها الأكراد للسيطرة عليها، وتسارعت الأحداث واستطاعت تركيا أخيرا من السيطرة عليها ضمن معركة سياسية وعسكرية، وبذلك تم إفشال المخطط الأمريكي.
وأشار إلى أنه وبعد أن فشل المشروع الأمريكي في المنطقة قويت شوكة تركيا في المنطقة، وبدأ الحديث مجددا عن استعادة تل رفعت ذات الرمزية الكبيرة لدى الريف الشمالي.
وقال: بدأ الحديث عن عملية عسكرية بمساعدة تركية للسيطرة عليها وعلى القرى العربية الأخرى، ومع الحديث عن تلك العملية، أطلقت فصائل عسكرية معارضة مبادرة تتضمن حلولا سياسية، تقضي بانسحاب قوات سورية الديمقراطية منها دون قتال، ولأن حلم تلك القوات قد انتهى بوصل كانتون عفرين بكانتونات الشرق، فلم يبق لديها ولدى الولايات المتحدة أي مبرر في البقاء في تلك البلدات، تحت ضغط إعلامي وشعبي، وتلويح بعمل عسكري.
ونوه إلى دخول قوات سوريا الديمقراطية في المفاوضات لتسليم تلك المناطق ومازالت المفاوضات مستمرة بشكل إيجابي،وستكون هذه المفاوضات بداية لمفاوضات أخرى ستنطلق بعدها في منبج وقرى الفرات وتل أبيض وربما ستمتد لقرى الحسكة أيضا.
وانقسم الشارع في الشمال السوري بين مؤيد لهذه المفاوضات، ويرى أن عودتها بدون إراقة دماء هي مكسب كبير، وبين من يرى أنها اتفاقية مذلة، ويطالب بالثأر للشهداء عبر عمل عسكري، وحجة هذا الفريق الذي يطالب بالثأر ما قام به الأكراد بحمل شاحنة بجثامين شهداء تل رفعتورقصهم على الجثث واستعراضها في شوارع عفرين، وهي لاتزال تشتعل في أكباد أبناء تل رفعت.
يقول: يطرح الفريق الأول سؤالاً حول القدرة على الثأر في هذا الوقت ؟وكم هي الفاتورة التي سندفعها إن اتخذنا قرار الثأر في هذا الوقت الذي يقف فيه إلى جانب الأكراد دول عظمى، ولا بد من التفكير بواقعية بعيداً عن التفكير العاطفي، وهذا هو الأقرب للحقيقة ويلامس كثير من الواقع والعقلانية.
فمن سيفرض رأيه من الفريقين؟