هل أصبحت الخيانة " أسلوب حياة "..؟؟!!
عادل أبو هاشم
كاتب فلسطيني يقيم في الرياض
نيسان ـ نشر في 2017-05-22 الساعة 09:56
بعد استقرار الرئيس ياسر عرفات في الأراضي الفلسطينية عام 1994 م سأله أحد زواره : لماذا جلبت معك هذا الكم من الوجوه العفنة التي لفظها الشعب .؟!
فأجابه عرفات : إنني داخل إلى مستنقعات و مجاري وهي تحتاج إلى بساطير لأستطيع المرور خلالها ، و هؤلاء هم البساطير التي سأدخل بها هذه المجاري القذرة و المستنقعات .!!
في عهد عرفات ( 1994 ـــ 2004 م ) تحققت نبوءة صلاح خلف عندما تخوف من أن تصبح الخيانة وجهة نظر بفعل هؤلاء الذين عاثوا فساداً في الأرض و الشعب الفلسطيني . !
وباقي القصة معروف للجميع ، فقد تم حصار ومن ثم اغتيال القائد والزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني ياسر عرفات حتى تفتح الطريق أمام هؤلاء للتعايش الذليل مع العدو الإسرائيلي .!
ثم استلم محمود عباس قيادة المنظمة و السلطة و حركة فـتح منذ عام 2005 م ، واكتشف الفلسطينيون أن الخيانة في العهد الجديد ' أسلوب حياة ' .!
و في كل من زمن ' الخيانة و جهة نظر ' ، و الخيانة ' أسلوب حياة ' عاش الفلسطينيون لسنوات طويلة من القهر و الغم و الضياع السياسي والاقتصادي وفقدان الثقة بالقيادة .!
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' أصبحنا نرى أشخاص ــ لم نسمع بأسمائهم في مسيرة الثورة ــ يتباهون ويفاخرون ببطولات غير موجودة لديهم ولا يعلمون هم أنفسهم شيئاً عنها..!!
كل شخص ينسب إلي نفسه أعمالاً وبطولات وعمليات عسكرية لم يقم بها ولم يحلم في يوم من الأيام القيام بها ، وظهرت طبقة جديدة من المنتفعين والمتسلقين الذين احتلوا مناصب ليسوا أهلا لها ، وإعتبروا أنفسهم فوق القانون ، وفوق الضوابط والحسابات ، وحجة كل واحد فيهم أنه محرر الأوطان وقاهر الأعداء .!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' أصبح هؤلاء قادة لأجهزة أمنية في الضفة الغربية ، وكل خبراتهم إنهم على استعداد للقضاء على الانتفاضة ، وبأن رجال الشرطة الفلسطينية هم عبارة عن مجموعة من أكياس الرمل تتلقى الرصاص دفاعـًا عن مواخير وبارات ومقاهي تل أبيب ، وبيوت المستوطنين .!
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' فقدت البندقية الفلسطينية بوصلتها ، وأصبحت هذه البندقية موجهة في خدمة الجانب الإسرائيلي .!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' أصبحت البندقية الفلسطينية موجهة في صدور أبناء الوطن ، وليت الأمر قد توقف عند هذا الحد بل تعداه إلى اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيمات الفلسطينية في بلاطة و الأمعري و جنين و نابلس ، و قتل أبناء الشعب بالرصاص و الهروات واللكمات و الأحذية بدم بارد .!
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' ظهرت طبقة من مسؤولي السلطة الفلسطينية ' تهيم عشقاً ' بكل ما هو إسرائيلي ، معتبرين أن إسرائيل ، هي مبرر وجودهم وعزهم ، وهي العمق لهم بدلاً من العمق العربي .!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' رفعنا شعار ' التنسيق الأمني مع العدو مصلحة فلسطينية ' هذا التنسيق الذي لم يجلب لنا سوى الانقسام وتدمير النسيج المجتمعي والذل والعار أمام العالم باعتبارنا نعمل ومن خلال هذا التنسيق لخدمة وحماية الاحتلال ووكلاء عنه في قمع شعبنا ، وقتل كل روح وطنية فيه ، و الذي كان من ثماره جمع السلاح ، و إعتقال المجاهدين وما رافق هذا الإعتقال من إهانة وإذلال ، واعتراف رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية اللواء ماجد فرج ' جنرال التنسيق الأمني ' بأن قواته نجحت منذ بداية ' إنتفاضة السكاكين ' في أكتوبر 2015 م في إحباط أكثر من 200 عملية ضدّ الاحتلال ، واعتقال 100ناشط فلسطيني و داهمت عشرات المنازل و صادرت كميات كبيرة من الأسلحة خلال ثلاثة شهور .!
( قال محمود عباس خلال لقائه مع صحفيين وإعلاميين إسرائيليين في رام الله يوم الخميس 21 / 1 / 2016 م : أجهزتنا الأمنية عملت هنا كي لا تصل نقطة دم إلى إسرائيل .. ' يالله بكرا راح يقولوا عني جاسوس لإسرائيل خليهم يقولوا ..!! ' ) .
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' كانت الأعتقالات التي تقوم بها الاجهزة الامنية الفلسطينية للمجاهدين من حركتي حماس والجهاد ، تستخدم للإبتزاز ، أي مطالبة أهالي المعتقلين بدفع مبالغ مقابل الإفراج عنهم ..!!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' تم اعتقال الالآف من عناصر حركة حماس والجهاد الأسلامي حيث مورس ضدهم أبشع أنواع التعذيب ، ومنهم من استشهد داخل المعتقلات ، ومنهم من تم اغتياله خارج السجون ( محمد رداد ومجد البرغوثي و عبد المجيد دودين ومحمد ياسين و محمد السمان و غيرهم ) .!
( لم يخف محمود عباس في تصريحات نشرتها صحيفة 'هآرتس' العبرية اعتزازه بالإجراءات القمعية التي تمارسها أجهزته الأمنية بحق أجنحة المقاومة وسلاحها في الضفة الغربية المحتلة ، بل زاد على ذلك حين أعرب عن فخره بالقضاء على البنية التحتية لحركتي 'حماس ' و ' الجهاد الإسلامي ' ، وحل ' كتائب شهداء الأقصى ' الجناح المسلح لحركة فتح ' حيث سلم أفرادها السلاح مقابل أن تعفو عنهم إسرائيل..!!) .
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' ظهوت فئة من موظفي السلطة والمسؤولين قامت باستغلال حاجة المواطن بدلاً من مساعدته ، فقد استفادت من الحصار الذي فرضته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية ، فعمل أفرادها كوسطاء مع الجانب الإسرائيلي لحصول المواطن الفلسطيني عل تصريح لزيارة إسرائيل للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية ، أو العمل في إسرائيل ، أو بطاقة هوية للعائدين وتسوية أوضاع مطلوبين للأمن الإسرائيلي مقابل مبلغ مادي .!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' ظهرت قيادات ساهمت وتساهم في التحريض على حصار أكثر من 2 مليون من أبناء شعبها إلى درجة الموت ، بل و تطلب و تتوسل من العدو الصهيوني تدمير قطاع غزة على روؤس أبنائه لأنهم فضلوا المقاوم على المساوم .؟!
( قال سفير السلطة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف : إن صواريخ المقاومة التي تنطلق تجاه إسرائيل هي جريمة حرب ، وجريمة ضد الانسانية لأنها تستهدف مدنيين ، والجيش الإسرائيلي يُعلم المواطنين الفلسطينيين بضرورة إخلاء المنازل قبل القصف .. وإذا حدث قتل يكون قتلاً من باب الخطأ وليس قتلاً متعمداً ' . ! ) .
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' قتل شباب الأنتفاضة عشرات من الجنود و المستوطنين الصهاينة الذين دخلوا الضفة الغربية تحت ذريعة أنهم تائهون .!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' تقوم أجهزة أمن السلطة بإعادة كل من تعثر عليه من الإسرائيليين على اعتبار أنهم مستوطنين ، غير أنه قد تبيّن أنهم جنود وعناصر من وحدات الـ “مستعربين” الإسرائيلية تدخل الأراضي الفلسطينية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد نشطاء الأنتفاضة .!
( قال محمود عباس في مؤتمر دافوس الاقتصادي في الأردن : ( إن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أعادت إلى الاحتلال خلال عام 2012 م '96 جندياً إسرائيلياً معززين مكرمين، دخلوا بالخطأ إلى الضفة الغربية ، و نخن فخورون بذلك ، نحن ننسق أمنياً مع الاسرائيلين ، ومنذ ست سنوات لم تحدث مشاكل بين الضفة و'إسرائيل !! ) .
في زمن ' الخيانة و جهة نظر ' أصيبت أجهزة الأمن الفلسطينية بحالات من الترهل الثوري والتسيب ، حيث أكد قائد المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية توفيق الطيراوي أن كل عملاء الموساد في الأراضي الفلسطينية معروفين للأجهزة الأمنية الفلسطينية .!
وفي زمن الخيانة ' أسلوب حياة ' قام رئيس السلطة باعتباره ' عرّاب التنسيق الأمني ' ، حين تسلم رئاسة السلطة عام 2005 م باعادة الاعتبار لـ ' 760 ' عميلا ، وتقنين قيودهم على قوائم الأجهزة الأمنية . !
وبعد :
لا يحتاج الأمر إلى تعليق .. ولا شك في أن الفلسطينيين الذين قدموا مئات آلاف الشهداء منذ مطلع القرن الماضي في مواجهة الغزوة الصهيونية لبلادهم لن يقبلوا أن تداس كرامنهم من شرذمة قليلة تمسحت بلباس الوطنية ، وعاثت فسادًا بين أبناء شعبها ، وأصبحت خنجرًا مسمومـًا في ظهر القضية .!