اتصل بنا
 

تأملات في عرصات المقابر

أكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2017-06-01 الساعة 03:31

تأملات في عرصات المقابر: الموت يتساوى الناس ويجعلهم ينتظرون دورهم في ساحة المقبرة، ويجعلهم يدركون حقيقة الموت وأنه لا مفر منه، وأن الحياة الأبدية هي التي تستحق العناية والاهتمام.
نيسان ـ

#تأملات-في-عرصات-المقابر
في عرصات المقابر يتساوى الناس وهم يصطفون ليقولوا للمعزى عظم الله أجركم ورحم فقيدكم.
بالأمس كنت في مقبرة نتل حين ووري جثمان المرحوم المحامي ضيف الله سلامة الزبن فهالني مرأى الناس في عرصات الموت/ أو في ساحة المقبرة .
الجميع ينتظر دوره تحت أشعة الشمس الحارقة ليسلم على ذوي المتوفى .
تأملت الواقفين فرأيت منهم من يرتدي البدلة ومنهم العباءة ومنهم بنطال الجينز مع النظارة الشمسية. أما فئات الأعمار فكانت من الشباب والشياب معا.
كان الموت سيد الموقف في تلك اللحظات؛ فلم يكن للسعادة والمعالي والعطوفة والغني والشيخ والمعارض والموالي كبير اعتبار؛ فالجميع في المقبرة سواء وصاحب الحظ هو من يصل لساحة السلام لأنها الوحيدة التي كانت تقي الناس حر الشمس.
وقفات التأمل حين نحضر صلاة الجنازة تجعل المتأمل يدرك حقيقة واحدة فقط وهي حضور الموت؛ فهو الغائب الحاضر والبعيد القريب وهو الذي لا مفر منه مهما حاول المرء الخلاص فلا مناص.
والجميل أن البشر منذ آدم --عليه السلام- حتى يومنا هذا وهم يعلمون أن المعري-- على ما أظن-- كان محقا حين قال:
لدوا للموت وابنوا للخراب. ...فكلكم يصير إلى تراب
فنحن أموات يشيعون ميتا والحي هو الله وحده الباقي هو الله أيضا.
فالواقع أننا نموت كل يوم؛ فإنما نحن أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضنا ، وإذا مات واحد منا فقد فقدنا بعضنا أيضا إلى أن تأتي الحلقة الأخيرة من عمر الإنسان فيذهب إلى غير عودة. ويصبح اسمه المرحوم فلان ويمحى سجل اسمه من كل شيء في هذه الدنيا.
لذلك لا شيء في هذه الحياة يستحق منا أن نعيش لننتقم، أو نبطش أو نظلم أو نسرق أو نكذب؛ فهذه ستمضي بكل مافيها ثم تكون الحياة الأبدية التي نجزى فيها بالحسنات إحسانا وبالصفح عفوا وغفرانا وكذلك الأمر حتى لا نركن فإن السيئات سيكون جزاؤهن بمثلهن فعدل الله يقتضي أن يحاسب كل إنسان بما فعل ثم يعفو الله أو يعاقب فهو الله الذي لا يسأل عما يفعل ونحن نسأل ثم نحاسب ونسأل الله العفو والمغفرة.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعفو عمن ظلمناه وعمن ظلمنا ومن اغتبناه ومن اغتابنا، ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يغفر لموتانا وموتى المسلمين وأن يتجاوز عنا ويرحمنا ويجعلنا من المتقين.
*ملاحظة عرصات: ساحات

نيسان ـ نشر في 2017-06-01 الساعة 03:31


رأي: د. مهدي الشموط أكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً