اتصل بنا
 

اغتصاب الطفلات باسم الزواج

كاتب

نيسان ـ نشر في 2017-06-07 الساعة 11:26

زواج الفتيات القاصرات: ظاهرة اجتماعية خطيرة تحتاج إلى مواجهة جادة
نيسان ـ

ان المكان الطبيعي للفتاة القاصر (التي لم تكمل الثامنة عشرة ) هو المدرسة، والنشاط الطبيعي لها هو اللعب، وليس بيت الزوجية وتربية الابناء، الدراسات واليونيسيف، عرفت الطفل بانه من لم يكمل ال18 من عمره، اذ لم يأتي هذا التعريف الا بعد ابحاث مستفيضة، اذ ان الفتاة ما دون هذا العمر، غير مكتملة عقليا وجسديا ونفسيا واجتماعيا، وفي هذا النوع من الزواج الذي تباركه شريحة اجتماعية، لا بأس بها، تكون الطفلات ضحايا صامتات، لا احد يدري بهن، وليس لديهن القدرة على الموافقة من عدمها، ولا يعرفن اصلا معنى الزواج ، فيكونوا عرضة للعنف والاستغلال والاتجار بهن لاسباب عدة، اهمها النظرة الدونية للمرأة والتمييز ضدها، اضافة لطمع وجشع الأهل و فرصة للتخلص من أعبائها الاقتصادية، كما لا نغفل المفاهيم و الموروث والمعتقدات الاجتماعية التاريخية التقليدية المحافظة ،التي عفى عنها الزمن، تحت مسمى السترة و الشرف والعذراوية والعنوسة ، وما الى ذلك من مفاهيم والتصاقها تحديدا بجسد المرأة، اضافة لخوف الاباء من تأخر بناتهن بالزواج، وهذا يساهم بتزويجهن بسن مبكرة، تجنبا للصورة السلبية التي يشكلها المجتمع عن الفتاة التي تتأخر بالزواج، خاصة في الارياف، وكأنها اصبحت بضاعة كاسدة وغير صالحة ! ولان بعض اوساط المجتمع قد قرروا ان زواج الفتاة في سن مبكرة هو الانجاز الاهم، وان الفتاة نفسها تعتبره المشروع الاوحد والاكبر كما رباها المجتمع، اضافة لعودة التيارات الدينية السلفية ومباركتها وحثها على هذا النوع من الزواج باسم تفسيرات دينية مغلوطة، ولن ننسى دوامة التمييز ضد المرأة و غلبة الدور النمطي للمرأة في المجتمع كربة بيت، لان لتولي هذا الدور مبكرا ضمانة لنجاحه وفقا للمعايير المتخلفة التي يضعها المجتمع.

وبعد كل هذا، يحق لنا ان نسأل، كيف يمكن لطفلة ان تحمل وتلد وترضع وتربي طفلة في الوقت الذي لا زالت به طفلة تلعب وتلهو، ان هذا الزواج ليس مجرد مشكلة فردية، بل ظاهرة اجتماعية بالغة الخطورة على الفرد والاسرة والمجتمع، الاحصاءات الرسمية تظهر ان بين 8 آلاف و 10 آلاف فتاة قاصر تتزوج سنويًا في الاردن؛ اي نحو 14% من إجمالي عقود الزواج التي تبرم في المملكة، وتصل لأكثر من 40% في مخيمات اللجوء السوري الذين نعتبرهم جزء من هذا النسيج الاجتماعي، شئنا ام ابينا، وهذه النسب مقلقة للغاية و ستوصل الاردن لحالة من الانفجار السكاني وهذا له آثاره الوخيمة على التنمية، ومن أهم المشكلات الاجتماعية والطبية والصحية والاقتصادية التي اثبتتها الدراسات، والتي لا يسعني الوقت لذكرها كلها، لذلك سأورد بعضها، من عدة مصادر، وهي:
مشكلات اجتماعيّة: الفتاة التي تتزوّج في سنٍ صغيرة، تحرم من مواصلة تعليمها وتربيتها ولعبها، وتفقد حقها بالحصول على عمل ودخل، ولهذا اثره السلبي على الاسرة، الفتاة في سن صغيرة، لا تحسن التصرّف غالبا مع طفلها الصغير الذي أصبحت له أمًا بشكلٍ مفاجئ، كما قد تعاني من مشكلات عديدة مع زوجها وأهل زوجها، ناتجة عن جهلها بأسلوب التعامل الصحيح معهم، بسبب قلة خبرتها في الحياة وغالبا ما تنتهي هذه المشكلات بالطلاق والامراض النفسية والانتحار وقبل ذلك تعرضها للعنف الزوجي، ولعل خير مثال الحالة التي طالعتنا بها الصحف صباح أمس لطفلة في اربد تحاول الانتحار بعدما زوجت بعمر الرابعة عشرة، ما ادى لتعنيفها وضربها من قبل زوجها الذي يكبرها ب30 عام، والذي زوجت له بسبب ثروته، والمخفي أعظم من تلك الحالات.
مشكلات طبية: قضية الزواج المبكر قضية اجتماعية ذات أبعاد طبية خطيرة لما لها من انعكاسات على صحة المرأة والطفل والمجتمع، حيث تدل معظم الأبحاث والدراسات الطبية والبيئية على أن مضاعفات الحمل والولادة تزداد بشدة في حالات الزواج المبكر عنها في حالات الزواج بعد سن 18 سنة، ومن أهم هذه المضاعفات تسمم الحمل وضعف الجنين نتيجة ارتفاع ضغط الدم أثناء فترة الحمل وحدوث بعض المشكلات التي تؤدي إلى تأخر نمو الجنين، مع حدوث تشنجات وغيبوبة، ونسبة وفيات الأمهات في هذه الحالة عالية جدًا.والولادة المبكرة تقل نسبة استعداد الرحم لتحمل الجنين في السن المبكرة، والولادة المبكرة لها تأثيرها المباشر على ازدياد نسبة الوفيات في الأطفال حديثي الولادة.وعدم القدرة على الإنجاب أو إنجاب أطفال مشوهين، وباحجام صغيرة، وكثرة الإنجاب ترهق المرأة وتسبب لها العديد من الأمراض، مثل سرطان الثدي وسرطان الرحم، والزواج في سن مبكرة يكون مبنيًا على جهل الشاب أو الفتاة بالأمور الزوجية ، مما يضعف الرغبة الجنسية أو ممارسة الجنس بطريقة خاطئة، وأغلب حالات الطلاق بين المتزوجين في سن مبكرة.
أثبتت بعض الدراسات الطبية، أن السبب وراء حدوث العيوب الخلقية عند المواليد يرجع الى الزواج المبكر قبل سن ال18 أو بسبب العوامل الوراثية.
حيث أن زواج الفتيات في سن أقل من 188 عامًا، له خطورة على حدوث الحمل ويكون الجنين أكثر عرضة للاصابة بالعيوب الخلقية.
وسبب ذلك يعود إلى أن الجهاز التناسلي لا يكون قد اكتمل بعد وهو ما يعرض الفتاة للولادة القيصرية.
كما أن نسبة الاصابة بالعيوب الخلقية ترتفع في حال وجود عامل وراثي أو مرضى السكري أو ضغط الدم المرتفع في العائلة، ما يساعد على حدوث مشاكل في الحمل وبشكل أساسي إذا تم الزواج في سن صغيرة ، الزواج المبكر يسبب حصول أمراض وأعراض جسدية كثيرة، قد تكون غير معروفة بالنسبة للفتاة، كما أن حملها في سنٍ صغيرة يسبب لديها الكثير من المشكلات، كفقر الدم، واضطرابات في الرحم بسبب عدم اكتمال نموه بشكلٍ كامل، وقد تعاني من الإجهاض المتكرر.
لهذا كله وجب على الدولة سن حد ادنى للزواج وهو الثامنة عشرة، وان لا يتم تزويج الفتاة تحت اي ذريعة الا بعد اكمال هذا السن، والغاء الفصل من قانون الاحوال الذي يبيح للقاضي تزويج الفتاة التي اقل من 18 في ظروف معينة، اذ ان هذا الفصل هو الذي يعمق المشكلة ويؤدي الى زيادة انتشارها وتوسعها، لقد آن الأوان للتصدي لهذا الاغتصاب الشرعي للطفلات المستضعفات، تحت مسمى الزواج بمباركة السلطة والمجتمع، على المنظمات الحقوقية ان تضاعف جهدها لوقف اغتيال الطفولة

نيسان ـ نشر في 2017-06-07 الساعة 11:26


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً