فرص الخيار العسكري في أزمة قطر
عمر الرداد
كاتب وخبير أمني
نيسان ـ نشر في 2017-06-10 الساعة 23:19
التحالف العربي يفرض العزل والمقاطعة على قطر وتحالفها مع إيران والإخوان المسلمين، في حين تصر قطر على مواصلة سياساتها ورفض دعوات الحوار، مما يشير إلى احتمالات تصاعد الأزمة. ورغم ذلك، تبدو القيادة القطرية قادرة على استيعاب نتائج الحصار والمقاطعة، وتأكيد مواصلة سياستها. وعلى الرغم من تلويح بخيار الحرب، فإن احتمالات وقوعها ضعيفة، ولكن تركيا وباكستان ترغبان في إرسال قوات عسكرية إلى قطر، وهو ما يثير التساؤل عن الأسباب والأهداف الحقيقية لهذه الخطوة.
انحصرت إجراءات المملكة العربية السعودية وحلفائها الإمارات والبحرين ومصر، ضد قطر، في المقاطعة والعزل، وفرض حصار اقتصادي وسياسي.
وفي الوقت الذي اختارت فيه قطر التحدي، والتأكيد على أنها ستواجه بقوة وثبات تلك الإجراءات، وتعهدت كما جاء في تصريحات وزير خارجيتها، بمواصلة الالتزام بسياساتها إن على صعيد دعمها للإخوان المسلمين والإسلام السياسي، أو تحالفها مع إيران، ورفض أمير قطر، دعوة البيت الأبيض لمفاوضات بين قطر وخصومها، تحت الحصار، وهو ما يشير الى احتمالات تصاعد الأزمة، واتخاذها مسارات جديدة، تضعف معها احتمالات إجراء مصالحة، خاصة أن الأطراف التي أبدت رغبة بالتوسط، باستثناء الكويت تطرح إما ضرورة عدول قطر عن سياساتها بدعم الإرهاب، كما جاء على لسان الرئيس الأمريكي ترامب، أو التحول التركي، الذي بدا إجراءات تشريعية للدفاع المشترك مع قطر، والنية لإرسال قوات عسكرية الى الدوحة، وتبعتها باكستان بإعلانها استعدادها لإرسال عشرين ألف جندي الى قطر.
تدل الكثير من التطورات، أن القيادة القطرية تبدو قد استوعبت أجواء الصدمة، من اجراءات التحالف العربي بقيادة السعودية ضدها، من خلال اظهار ضبط النفس في ردود الفعل، وتأكيد قدرتها على استيعاب نتائج قرارات الحصار والمقاطعة، مع استمرار الحملة الإعلامية على الأقل، لنفي مبررات الحصار والمقاطعة، وتأكيد مواصلة قطر سياستها، وهو ما يعني في جوانب ما يعني أن القيادة القطرية، لديها من الإشارات أو تقدير الموقف، أو حتى تأكيدات وضمانات بان حدود الأزمة لن تصل لمستوى الحلول العسكرية، وشن حرب عليها، أو أن هذه الحرب أصبحت احتمالات وقوعها ضعيفة جدا، بالرغم من التلويح بها، واصرار محللين أن خيار الحرب وارد تبعا للتطورات المفتوحة وعلى كافة السيناريوهات.
وإذا كانت احتمالات الحرب ضعيفة الى هذا الحد، فلماذا هذه الاندفاعة من تركيا وباكستان لإرسال قوات عسكرية إلى قطر، وكلاهما ترتبط بعلاقات وثيقة جدا، واتفاقات عسكرية مع المملكة العربية السعودية، ذات القوة العسكرية التي ستقود أي حرب مفترضة ضد قطر؟
وعلى العكس تماما مما تفرضه الصورة المعلنة بان وجود (٢٥)الف جندي تركي وباكستاتي سيكون مقدمة لحشود عسكرية استعدادا للحرب ، الا اننا نعتقد ان وجود هذه القوات سيسهم في التهدئة، وان الهدف منه هو قطع الطريق على ايران لارسال قوات عسكرية الى الدوحة، وربما كانت هذه الخطوة بتوافق تركي باكستاني مع المملكة السعودية، وربما مع قطر أيضا، لحفظ ماء الوجه برفضها العروض الايرانية لارسال قوات عسكرية للدفاع عنها، في ظل ادراك عميق، لدى كافة الاطراف، بان تمكين الحرس الثوري الإيراني من ايجاد موطيء قدم له في دولة خليجية، سيكون مبررا كافيا لشن حرب على قطر، وستحظى بتاييد دولي واسع، وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وربما تسهم الخطوة التركية الباكستانية في عقلنة سلوك القيادة القطرية في ادارة الازمة وتوفير بيئة مناسبة تسهم في دفع القيادة القطرية لتقديم تنازلات، خارج اطار التهديد بالاجتياح العسكري، والوصول مع خصومها الى حلول ترضي الجانبين .
ومع ذلك فان هذه القراءة غير حاسمة، في ظل التغييرات والتحولات المتسارعة، إذ أن حدوث تطور مفاجئ، وهو أمر غير مستبعد ، في ظل الاستهداف الكبير للمنطقة قد يغير كل السيناريوهات ويقلبها رأسا على عقب، وتصبح السيناريوهات ذات الأوزان الصفرية هي الأكتر احتمالا في التحقق، خاصة وأن إيران التي تبحث عن طوق نجاة، من خلال الأزمة الخليجية، لن يغيب عنها أن قوات تركية وباكستانية في قطر لن يكون في صالحها بأية حال.
نيسان ـ نشر في 2017-06-10 الساعة 23:19
رأي: عمر الرداد كاتب وخبير أمني