عندما يخرس اتحاد حبيب الصايغ
معن البياري
كاتب اردني مغترب
نيسان ـ نشر في 2017-06-18 الساعة 14:14
الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب يخرس بشأن حصار دول خليجية ويسكت عن ترويع مواطنيها
طبيعيٌّ أن يخرس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بشأن حصار ثلاث دولٍ عربيةٍ خليجيةٍ دولةً عربيةً جارةً لها، ومصادرة هذه الدول حقوق مواطنيها بالسفر إلى الدولة الشقيقة المستهدفة والإقامة فيها. وطبيعيٌّ أن يسكت الاتحاد المذكور عن إقدام سلطات الدول الثلاث على ترويع مواطنيها بعقوبات الحبس (يصل إلى 15 عاما) وبغراماتٍ باهظة، إذا ما عنّ لأيٍّ منهم قول رأيٍ يخالف ما تراه الأجهزة الأمنية والمليشيات الإعلامية الحاكمة في بلده، بشأن ذلك الحصار وتلك المصادرة. ليس متوقعا من هذا الاتحاد أن يعلن موقفا مما فعلته الإمارات والسعودية والبحرين مع مواطنيها ومواطني دولة قطر، ليس لأن الاتحادات والروابط الأعضاء فيه تصدّق اتهامات الدول الثلاث لحكومة قطر، وإنما لأن التكتل العربي الذي يجمعها مصطفٌّ تماما، كما جهرت بياناته في السنوات الثلاث الماضية، بعد اجتماعاتٍ ومؤتمراتٍ في أبوظبي وطنجة ودبي، ضد الشعب السوري في محنته الراهنة، ومع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، وضد شراكة حركة النهضة في الحكم في تونس. كما أن الاتحاد عندما انتقد، في واحدٍ من بياناته تلك، حبس مواطن قطري في بلاده، يعمل شاعرا شعبيا، (تم الإفراج عنه بعفو أميري)، توهّم نفسَه نصيرا لحريات المثقفين والمواطنين العرب، وهو الذي لم يُشر بحرفٍ إلى عديدين، يقيمون في سجون السعودية والإمارات ومصر وسورية وغيرها، وبتهمٍ كاريكاتورية، بل إن الأمين العام للاتحاد، الإماراتي حبيب الصايغ، جهر مرّةً بتفهمه اختطاف الصحافي الأردني، تيسير النجار، في سجنٍ في أبوظبي، إذ 'لا تهاون مع أمن الإمارات'، على ما قال. ومعلومٌ أن الزميل السجين لم يقترف شيئا ضد أمن دولة الإمارات التي نحبّ ونحترم، ولو فعل، لا سمح الله، لكنّا أول من يطالب بمجازاته.
يُواظب الاتحاد المتحدّث عنه هنا، بهمّةٍ ظاهرةٍ، في 'جهوده' من أجل التجديد في الخطاب الديني، ويستلهم في هذا ما تنشط فيه دواليب نظام السيسي في هذا التجديد. كما أنه لا يكتفي بإصدار بياناتٍ، في اجتماعاته ومؤتمراته، ضد الإرهاب (وكأن هناك من هو مع الإرهاب!)، فإنه يعلن أن ندوةً عن 'الثقافة العربية في مواجهة الإرهاب' سيعقدها على هامش اجتماع مكتبه الدائم في مدينة العين، في سبتمبر/ أيلول المقبل. والبادي أن الاتحادات والروابط العربية القُطْرية (بالضم) التي يجمعها الاتحاد العام ملتحقةٌ بمنظورٍ سياسيٍّ متواطئ مع مفهوم أبوظبي عن الإرهاب، فلم يجرؤ أحدٌ منها على إعلان شيء بشأن استقواء الرياض وأبوظبي والمنامة على شعب دولة قطر. كما أن رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين، مراد السوداني، لم ينبس بكلمةٍ بصدد تطاول وزير سعودي وسفير إماراتي وإعلام بلديهما على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برميها بالإرهاب، وهو الذي لا يوفر مناسبةً في حماية سمعة النظام السوري المتوحش من صفته متوحشاً.
وليس معلوما ما إذا كان حبيب الصايغ يعبّر عن شخصه، أم عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي يتولى موقع أمينه العام، حين ينطق باسم ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في قوله إن الأخير منح أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فرصاً كثيرة 'بمختلف السبل واللقاءات المباشرة للعودة للصف الخليجي، ونبذ الإرهاب وعدم استضافة الجماعات الإرهابية والمتطرّفة على أرضها من دون جدوى'. وبعيدا عن التجرّؤ الظاهر في هذا الكلام المسفّ، الكيانات العربية الأعضاء في الاتحاد العام مدعوةٌ إلى حفظ شيءٍ من ماء وجهها، بتمييز نفسها عن هذا الموقف البالغ الذيلية لأمين عام الاتحاد، وهو الذي يحقّ له أن يتبنى ما أراد من مواقف تخص شخصه فحسب. ومن نقصان العقل أن يُحاجج واحدُنا حبيب الصايغ في ثرثرته عن فتح دولة قطر 'المجال أمام مرتزقة الإعلام لديها من بثّ سمومها وتلفيق الأكاذيب عن الشقيقة السعودية والإمارات والبحرين وغيرها من الدول العربية'، فلسنا من أصحاب هذه اللغة، وليس ثمّة فائض من الوقت لدينا ننفقه في مطالبة الزميل الشاعر بأن ينظر إلى حيث تقف قدماه.
تُرى، هل من شجاعٍ من بين اتحادات وروابط الكتاب والأدباء العرب، المنضوية في الاتحاد العام، أو أقله من رؤسائها، يعلن موقفا بشأن التمادي الذي لحق بحريات مواطني أربع دول خليجية في التنقل والإقامة، وفي التعبير عن انفعال غاضب أو متعاطف؟ هل من بين هؤلاء من يعلن أن حبيب الصايغ في تصريحاته البائسة تلك يمثّل نفسه؟
نيسان ـ نشر في 2017-06-18 الساعة 14:14
رأي: معن البياري كاتب اردني مغترب