(احمد الطيب) .. في الدفاع المدني رجال يتوضؤون بالنار ويمسحون وجوههم بماء المخاطر
نيسان ـ نشر في 2015-06-10 الساعة 23:01
لقمان إسكندر
ينحدر رجل مثله من قلب فدائي، فيه شرايين تدق فيها قلوب، لا قلب واحد فقط. قلوب لا تعرف أن تدير وجهها لصاحب حاجة. نعم قضى. لكنه على أية حال كان في الموعد المحدد له يوم ولد. أما هو فكان له الامتياز؛ قضى شهيدا، وقضى غريقا. وقضى طيبا.
اسمه أحمد، واسمه الطيب. عندما كنت ترى الاسم في بطاقته الشخصية كان يدعى أحمد محمد خالد الطيب. لكن بطاقة شخصية كان يحملها لم يكن مكتوبا عليها أن حاملها رجل لا يستطيع أن يسمع كلمة استغاثة ثم يدير وجهه لها.
رجل تدق في شرايينه قصة يعرفها من هم مثله. أن يموت أهون عليه من أن يشيح بوجهه لطالب عون.
قضى أحمد خلال انقاذه مواطنين كانا يعانيان من حالة اختناق داخل بئر قديمة نتيجة استنشاق غاز أول وثاني أكسيد الكربون.
الرجل الغطاس الطيب استشهد. وبعد استشهاده أعلنت مديرية الدفاع المدني عن قرار ترفيعه لرتبة وكيل. لا بأس، هذا جيد. لكن الطيب ليس الوكيل أحمد الطيب وحسب، إنه يوم مات، مات رجلا رفض أن يتخلى عن نداء لشخصين علم أنهما بحاجة إليه.
ليست شارة الدفاع المدني التي يحملها هي الهدف رغم أهميتها، وليست شارة الكفاءة الميدانية، الغاية رغم الفخر فيها، أن الشارة الأعظم والأشد هيبة هناك، داخل دم الرجال تراها في عيونهم يوم يعودون من مهمتهم، تراها لمعة سحرية لا يعرفها إلا هم.
رجال يتوضؤون بالنار، ويمسحون وجوههم بماء المخاطر، ويرتدون قبعات من هيبة سماوية.
لا تسألهم عن مهنتهم. أنت تعرف أنهم مثل احمد الطيب.. إنهم رجال الدفاع المدني.