اتصل بنا
 

أي اللوحات ستنقذ من المتحف؟

نيسان ـ نشر في 2017-07-02 الساعة 12:52

الإنقاذ في الكوارث: الأنانية قد تكون الحل الأمثل
نيسان ـ

“أي اللوحات سأنقذ من المتحف إذا ما نشب حريق فيه؟ الأقرب إلى المخرج طبعا!”.

هذا هو الخيار الأنسب من وجهة نظر الكاتب الأيرلندي الساخر؛ جورج برناردشو.

وعلى الرغم من أن الفكرة، ربما، تكون صادمة للوهلة الأولى، إلا أن البعض يتفق تماما مع وجهة النظر الساخرة لبرناردشو، باعتبارها حقيقة وجب التعامل معها في أوقات الأزمات، ابتداء بالحوادث الصغيرة وليس انتهاء بالكوارث الطبيعية الكبيرة والأزمات الاقتصادية والهزات الأرضية، الفيضانات والحروب.

أما إذا وجدت نفسك يوما ما على سطح سفينة تغرق أو في سيناريو حياة أو موت مشابه له، فلا تبادر وتنقذ كبار السن والأطفال، فهذا مضيعة للوقت؛ فالطيبون الذين يتوقفون لمد يد العون للغرباء والضعفاء في مثل هذه المواقف قبل أن يصلوا بأنفسهم إلى بر الأمان أحيانا، إنما يتسببون في زيادة عدد الضحايا وموت مزيد من الناس.

هذا ما خرجت به نتائج دراسة يابانية حديثة جدا، حيث يبرر الباحثون وجهة نظرهم التي قد يجدها البعض غير إنسانية، بأننا إذا لم نملك المعدات والظروف المناسبة، فإن المحاولات الفردية المستميتة لإنقاذ الحالات التي تكون حظوظها من الأمل بالنجاة شبه معدومة، قد تطيح بحياة معظم أفراد المجموعة على وجه العموم؛ حيث أن الوقت يكون ثمينا جدا في مثل هذا النوع من الكوارث، ويتوجب على أصحاب القرار أن يحتكموا إلى العقل وينظروا إلى مصلحة المجموعة أولا، وفي الحالات الحرجة علينا أن نتصرف بأنانية قدر الإمكان، فالمغامرة في هذه الأوقات ليست استراتيجية جيدة للإنقاذ.

مساعدة الناس في المواقف الحرجة أمر جيد في حد ذاته، شرط أن نميز بين أن نكون في مكان الحادث نفسه حيث الفوضى والتعامل مع صراخ الناس بمزاج فاتر والتسابق مع الوقت، وبين أن نكون في مكان آمن بما يكفي لنقدم يد العون حيث تتوفر الخدمات والمعدات اللازمة، وحيث يعمل الجميع في ظروف هادئة وآمنة مع توفر عنصر الوقت إلى جانبك، مع الأخذ بنظر الاعتبار سلامة رجال الإنقاذ أو الأشخاص الذين يسهمون في تقديم المساعدات، فإنقاذ الناس في الحوادث الكبيرة والكوارث، لا معنى له إذا كان المنقذون هم أنفسهم لا يضمنون سلامة أرواحهم.

وخير مثال على ذلك، إذا صادف أحد الأشخاص ضحية أمامه في الشارع بسبب حادث مروري، فالأفضل له قبل أن يذهب إليه مسرعا ليمد له يد المساعدة، أن يتأكد أن الطريق آمن له ليتحرك بحريته، فإذا لم يفعل ذلك فإنه ربما يعرض نفسه لحادث مشابه إذا كان يقف أعزل في وسط الطريق.

لكن، شخصيا، لا أستطيع أن أتعاطف مع هذه الفكرة، فكل حالة إنسانية من وجهة نظري تستحق كل الجهد والمغامرة والمجازفة، حتى وإن كان الأمل ضعيفا، فحياة إنسان واحد تساوي حياة كل الناس لا استثناء في ذلك، على الأقل من وجهة نظر ذويه ومحبيه.

وإذا ما تم تبني الأنانية التي تنادي بالترويج لنتائج البحث الياباني هذا، فقد يتضاعف أعداد ضحايا الكوارث الطبيعية والحروب غير الطبيعية، بحجة انتظار ما ستسفر عنه نتائج اجتماعات (فوق مستوى القاعدة) سيبحثها بعض المتخصصين لوضع استراتيجية لحلّ الأزمة وإنقاذ الضحايا، الضحايا الذين لن يتبقى من آثارهم شيء يذكر بعد نهاية الاجتماع وتفرق المتخصصين، بعد تقسيم مخصصات الإغاثة بينهم بالتساوي!

نيسان ـ نشر في 2017-07-02 الساعة 12:52


رأي: نهى الصراف

الكلمات الأكثر بحثاً