الكونفدرالية الأردنية –الفلسطينية مرة أخرى
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-07-08 الساعة 13:34
الكونفدرالية الأردنية-فلسطينية-مصرية: محاولة لشطب الهوية الفلسطينية وتحميل المسؤولية على العرب
عاد الحديث مجددا هذه الأيام عن الكونفدرالية الأردنية –الفلسيطينية
التي تعني شطب الهوية الفلسطينية المتجذرة والهوية الأردنية
المكتسبة،ولكن الجديد في الموضوع أنه تم إضافة مصر إلى اللعبة
،أي أن تكون هناك كونفدرالية أردنية- فلسطينية -مصرية ،ويتضح
من ذلك أن الصهاينة يريدون تحميل مسؤولية شطب الهوية
الفلسطينية لكل من الأردن ومصر رسميا.
جاء الحديث هذه المرة عن الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية، مغلفا
بما أطلقوا عليه ;مبادرة السلام الإسرائيلية; التي تعني الإستسلام
الكامل للعرب والمسلمين لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية
،والتنازل عن فلسطين رسميا ،وعن القدس والإعتراف بها عاصمة
لمستدمرة إسرائيل ،إضافة إلى الموافقة على ضم هضبة الجولان التي
باعها حافظ الجحش لمستدمرة إسرائيل قبيل حرب حزيران عام
1967 بمئة مليون دولار قيل آنذاك أن الشيك كان بدون رصيد.
ومن يتمعن جيدا في مبادرة الإستسلام الإسرائيلية التي سيتم عرضها
على الرئيس الأمريكي ;شايلوك;ترامب خلال مؤتمر السلام الذي
سيدعو إليه قريبا ،يجد أنها صورة طبق الأصل عن مبادرة الإستسلام
السعودية التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 ورفضها الرئيس
اللبناني المقاوم آنذاك إميل لحود لأنها تهضم حقوق الشعب
الفلسطيني، ، وركلها وأصحابها السفاح شارون آنذاك ،ورد عليهم
بإعادة إحتلال عدد من المدن الفلسطينية وحاصر مقر الرئيس
الفلسطيني آنذاك الراحل بالسم ياسر عرفات في المقالطعة برام الله
،ويبدو أن الصهاينة لايريدون أن يسجل التاريخ أن العرب طلبوا
الإستسلام بأنفسهم ،بل يريدون تكريس أن مستدمرة إسرائيل هي التي
أجبرتهم على الإستسلام وبشروطها .
ورد في هرطقة ما يطلق عليها مبادرة السلام الإسرائيلية أنه يتوجب
تحميل العرب أنفسهم مسؤولية عدم التوصل إلى السلام المنشود في
المنطقة وليس إسرائيل ،وهم بذلك يمارسون غباء لم تمارسه حتى
النعامة المشهورة بذلك ،فالموافقة الأولى والمبدئية على إقامة
مستدمرة إسرائيل كات عربية عام 1916 بشهادة مؤسس الصهيوينة
ثيودور هيرتزل ، كما أن تأسيس المستدمرة كان بإسهام عربي ،ولا
ننسى الدور الذي قامت به الجيوش العربية عندما أرسلت إلى
فلسطين لكبح جماح الفلسطينيين عام 1948وجمع أسلحتهم والطلب
منهم الرحيل لأسبوعين ريثما تحرر تلك الجيوش فلسطين ،وها قد مر
على ذلك نحو سبعون عاما ولم يتم التحرير ،بل على العكس من ذلك
جرى بيع كامل فلسطين وأراض عربية أخرى.
وهل نسي الصهاينة أن العرب ممثلين برئيس الوزراء العراقي
العميل نوري السعيد هم الذين أجبروا الفلسطينيين على إنهاء
إضرابهم الشامل عام 1936 ، بحجة أن ;صديقتنا ;العظمى بريطانيا
وعدت بحل المشكلة، وهل نسوا أيضا ان العرب انفسهم هم الذين
طاردوا الفلسطينيين وأنهوا ثورتهم المعاصرة وأجبروا منظمة
التحرير على الإنتحار بالموافقة على إتفاقيات اوسلو التي شرعنت
وجود مستدمرة إسرائيل وقضت على الحلم الفلسطيني؟
يتمادى الصهاينة في هرطقاتهم بقولهم انهم سوف يعملون بجد على
عدم إستثارة الرئيس المريكي ترامب ،وإنقلابه عليهم من خلال فرض
تنازلات ;مؤلمة;،ويعدون بأنهم سيعملون على تحويل الضغوط
الأمريكية على كل من الرياض والقاهرة ورام الله ،مع أن هذه
العواصم الثلاث تشكل تحالفا قويا معهم ،كما سيكون لغزة أيضا
نصيب من الضغوط الأمريكية الموعودة.
وتدعو هرطقة الصهاينة التي يسمونها مبادرة سلام إلى تشكيل كيان
فلسطيني مزدهر ومستقر يتم تأمينه عبر إلتزامات دولية وبضمان
الأردن الرسمي ،وأن يكون هذا الكيان ضمن كونفدرالية أردنية
–مصرية ،وذلك من اجل ضمان خنقه والسيطرة عليه ،والأدهى من
ذلك انهم يطالبون العرب بالإعتراف بمستدمرة إسرائيل وعاصمتها
القدس ،وتجنيس الفلسطينيين وتوطينهم حيث هم ،وحل حزب الله
اللبناني والعمل على إستقرار لبنان وضم هضبة الجولان رسميا .
ما أفهمه أن الصهاينة أرادوا في مبادرتهم الهرطقة هذه العودة إلى
الجذور ،وهي تثبيت اوتادهم في الإقليم رسميا وعلانية مجددا، ومن
ثم هذه المرة تكريس سيطرتهم على فلسطين والقدس،والغريب في
الأمر أن نغمة بيع الفلسطينيين لأرضهم عادت مجددا، وبتنا نسمعها
في السعودية التي تستعد لإحداث صدمة عربية إسلامية بتطبيعها مع
مستدمرة إسرائيل الخزية الصهيوينة والتنازل عن الأقصى ليهود كي
يهدموه ويقيموا على أنقاضه هيكل سليمان المزعوم.
خلاصة القول أن مبادرة الإستسلام الإسرائيلية تتطلب صدمات
إستباقية عربية، كانت بدايتها فرض الحصار على قطر والمطالبة
بإغلاق قناة الجزيرة ،كي لا تغطي الأحداث بطريقتها ،كما أننا نشهد
ومنذ فترة قطع أرزاق الفلسطينيين في بعض دول الخليج كي يعودوا
إلى الأردن ،ولا يشملهم بند التجنيس والتوطين،علما أنه رفضوا
التجنيس والتوطين سابقا .
نيسان ـ نشر في 2017-07-08 الساعة 13:34
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية