اتصل بنا
 

هل سقطت نقابة الأطباء في الاختبار الأخلاقي؟!

صحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2017-07-15 الساعة 23:23

نقابة الأطباء الأردنيين تنحاز لطبيب يصر على التدخين داخل عيادة وترفع دعوى ضد المواطن الذي بث الفيديو
نيسان ـ سعد الفاعور

يبدو أن نقابة الأطباء الأردنيين قد سقطت في أهم اختبار أخلاقي يواجهها. فقد طالعتنا الأنباء بأن النقيب وجه في خطاب داخلي مستشار النقابة للشؤون القانونية لكي يرفع دعوة بحق مواطن بث مقطع فيديو يظهر فيه طبيب في إحدى العيادات وهو يصر على التدخين داخل المنشأة الطبية.

النقيب طالب برفع دعوى قضائية ضد المواطن بحجة أن التصوير يعدّ تشهيراً، وأنه تسبب بضرر مادي ومعنوي كبير للطبيب! فهل الضرر الذي لحق بالطبيب أهم من الضرر الناجم عن إصراره على التدخين في عيادة يأتي إليها المرضى لكي يتلقوا الخدمة الطبية؟

إن من المستغرب أن تنحاز النقابة إلى أحد أعضائها رغم ما ظهر منه من عناد ومكابرة واضحة في الفيديو، وإصراره على التدخين بشكل مستفز، ورغم تحذير المواطن له من أنه يرتكب مخالفة، وأنه يجب أن يكون قدوة، وأنه سيقوم بنشر الفيديو، وأنه سيقدم شكوى بحقه إلى وزارة الصحة، ومع ذلك أصر على مواصلة التدخين، وأعلن صراحة عن اسمه وطلب من المواطن 'أن يركب أعلى ما في خيله!'.

إن ما فعله الطبيب بكل تأكيد يخالف القسم الطبي، ويخالف القيم الطبية، ويخالف أنظمة وتعليمات وزارة الصحة، كما أنه يخالف قيم ومواثيق النقابة الأخلاقية. وهنا لا نعرف لمن انحازت النقابة! هل انحازت إلى ميثاقها ورسالتها الأخلاقية وإلى مصلحة المواطنين والمرضى والمراجعين وإلى ما يعلي قيم وشأن الرسالة الطبية. أم انحازت إلى عضو في النقابة مارس عن سبق إصرار وترصد فعلاً مخالفاً للقوانين والأنظمة، وخادشاً لروح الرسالة الإنسانية والطبية والأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها كل ممارس في القطاع الطبي؟!

إن هذه السقطة الأخلاقية الكبيرة للنقابة، تستوجب طرح تساؤل كبير: وهو ماذا لو حدث في الغد احتكاك بين طبيب جراح أو أي من أعضاء أي كادر طبي أو تمريضي في أي مستشفى، وبين أي مراجع أصر على أن يكمل سيجارته داخل غرفة انتظار المرضى، ولم ينصع لطلبات الكادر الطبي بإطفاء سيجارته، فمع من ستقف النقابة، مع حق المراجع بتدخين سيجارته، أم مع القوانين والأنظمة التي تجرم كل من يدخن في المنشأة الطبية؟. أم أن معايير الحكم لدى النقابة تعتمد على مقاييس الفصل بين الخيار والفقوس، والفصل بين زيد وعبيد، وأن ما يحق للطبيب لا يحق للمراجع..!

لربما يفيد السيد نقيب الأطباء، وكل المتعاطفين مع الطبيب المدخن الذي تضرر معنوياً ومادياً، أن نذكر بأن ما نسبته 72% من الفئة العمرية ما بين (13 – 15 عاماً) تتعرض للتدخين القسري، وأن ما نسبته 74% من مرضى سرطان الرئة، يعد التبغ سبباً رئيساً لإصابتهم بالمرض، بحسب الإحصائيات الصادرة عن مركز الحسين لعلاج السرطان، والذي نال مؤخراً اعتماداً دولياً لتنفيذ برنامج طبي متخصص للمساعدة على الإقلاع عن التدخين الذي يعد سبباً رئيسياً للسرطان، والذي يكبد خزينة الدولة وخزينة وزارة الصحة أموالاً طائلة لعلاج الأمراض التي يتسبب بها التبغ والتدخين، وعلى رأسها أمراض السرطان والقلب والأوعية الدموية والضغط، وغيرها من الأمراض المزمنة إلى أمراض اللثة والأسنان. ناهيك عما يتسبب به التبغ من تلوث بيئي.

السيد المحترم، نقيب الأطباء، الدكتور علي العبوس، نود أن نعلم إن كنت شريكاً في خطط وزارة الصحة الوقائية للحد من انتشار التبغ والحد من أضراره. أم أنك وضعت المصلحة الطبية العليا والقيم الصحية تحت قدميك نصرة لزميل لك في النقابة. ونود أن نقول لك سعادة النقيب المحترم، ما قاله الشاعر قبل عقود من الزمن:

'لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم'

نيسان ـ نشر في 2017-07-15 الساعة 23:23


رأي: سعد الفاعور صحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً