السعودية هي المستهدفة
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-07-18 الساعة 13:55
الخليج المصطنع: خطة صهيو-أمريكية لنهب ثروات الخليج وتقسيم السعودية وإنشاء دول شريطية، وقطر تحتفظ بالقدرة على التحكم بمسارات الصراع بسبب تحالفاتها المصلحية، والتهم الموجهة لها بالإقتراب من إيران والسؤال عن إمكانية موقف خليجي موحد منها.
عندما إشتبكنا مع كارثة الخليج المصطنعة بطريقة حادة ،نظرا لقراءتنا لها على المنظورين القريب والبعيد،ظن البعض آثما أننا نتخندق مع دولة قطر ضد السعودية ،وهذا غير صحيح،لأن هذه الكارثة ستجلب الدمار لنا جميعا،بحسب المخطط الصهيو- أمريكي القاضي أولا بنهب اموال الخليج ووضع اليد على الثروة أو ما سيتبقى منها هناك ،وبعد إنهاك جميع اللاعبين ،ستتم الإستدارة بسرعة ناحية اللاعب الأكبر وهو السعودية بطبيعة الحال ، لتوجيه
ضربة لها ربما غير متوقعة من قبل المسؤولين السعوديين ،ولكن لا بأس من التذكير بمشروع الشرق الأوسط الأمريكي الكبير الذي أقره الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية عام 1983،وخطة كيفونيم
الصهيونية التي أعلنوها إبان إجتياح قوات السفاح شارون للبنان في الحادي عشر من شهر حزيران 1982. ولمن لم يطلع على هاتين المؤامرتين نقول أن السعودية ستتعرض
للتقسيم بعد إشعال نيران الفتنة فيها وستنطلق الشرارة من المنطقة الشرقية وتمتد لا سمح الله إلى بقية الأنحاء، ومن ثم يتم التدخل الجراحي لشطب السعودية بنظامها الحالي ،وإلغاء عدد من النظمة الخليجية لأن الخطة تقضي بإنشاء ثلاث دول شريطية في الخليج،
ولا تبتعد خطة كيفونيم الصهيوينة عن هذا الإطار،أي أن السعوديةستكون عرضة للعبث شأنها شأن المحروسة مصر التي وصفوهابأنها ستكون الكنز بالنسبة لهم ،وان المحراث الأمريكي سيحط فيهافي نهاية المطاف ،وهم يعنون بذلك ما اطلق عليه الربيع العربي الذيتم إختطافه وتسميمه حتى لا يزهر وبعد ذلك نقطف الثمر.لذلك نقول أن حرقتنا على ما يجري في الخليج ليس خوفا على قطروحدها ،لعلمنا أن لدى قطر القدرة الفائقة على التحكم بمسارات
الصراع ،لما لها من تحالفات بنيت على أسس مصلحية ، بمعنى أنالمصالح هي التي تحكمها ،ومعروف ان صداقة المصالح أقوىواكثر جدوى وإستدامة من صداقة الأخذ من جانب واحد.
من بين التهم الموجهة لقطر أنها إقتربت من إيران كثيرا ،والسؤالهنا من دفع قطر إلى هذه الحالة ، ثم ألا توجد هناك إمكانية لإتخاذموقف خليجي موحد من إيران ،حتى لا يبقى هناك من يقرع على هذاالدف بقصد الإزعاج فقط؟ثم هل يعقل معاداة إيران والتطبيع منمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة الإرهابية ؟كما ان هناك سؤالا أكثر حدة :من سمح لإيران بالتمدد من العراق حتى لبنان مرورا بسوريا واليمن؟
نعود إلى السعودية التي نتمنى أن تنهي هذه اللعبة وتكف عن إستهداف قطر ،لأن ساحة اللعب قد إتسعت وإزداد عدد اللاعبين والمستفيدين من الكارثة ،ولا يظنن احد أن الوسطاء بإستثناء أمير الكويت ،يبذل جهودا لسواد عيوننا ،بل لأجل أن يعود من الخليج بما يعود على بلده بالنفع ،فهم يعرفون أن الحل بيد شايلوك الأمريكي القابع في البيت الأبيض تراب. هل نسي صانع القرار السعودي أن الصهاينة واليمين الأمريكي في الكونغرس تحديدا حمّلوا السعودية مسؤولية جريمة إنهيار البرجين
في واشنطن في الحادي عشر من أيلول عام 2001،مع أن كافةالحقائق تؤكد براءة السعودية من تلك الجريمة براءة الذئب من دم يوسف؟ وأن كافة الدلائل والشواهد تبين أن الموساد الإسرائيلي هو الذي خطط ونفذ بالتعاون مع اليمين الأمريكي لتحقيق حزمة اهداف منها إضعاف امريكا ونوريطها في حروب إقليمية حتى لا تضغط على مستدمرة إسرائيل وتفرض عليها حلا للقضية الفلسطينية ،وكذلك إبتزاز السعودية تحديدا وإستغلالها .
حدث ذلك بالضبط في الكونغرس الأمريكي الذي سنّ قانون "جاستا"،الذي يعرض السعودية للمساءلة القانونية ويلزمها بدفع تعويضات لعائلات ضحايا ذلك الهجوم الإرهابي، وها نحن نرصد مؤشرات لضم الإمارات لهذا القانون كي يتم إبتزازها هي الأخرى،أي أن الفخ الذي نصبوه لقطر سيقعون فيه لأن التحالف مع الأعداء لا يدون وسوف لن يحمي أحد منا.
لم تهدأ عجلة الإتهام للسعودية يوما بالرغم مما قامت به الرياض من تسويات مخفية وعلنية وآخرها منح ترامب نحو نصف تريليون دولار قيل أنها لشراء أسلحة امريكية ،والهدف الحقيقي هو إنعاش
الإقتصاد الأمريكي وتوفير فرص العمل للشباب الأمريكي في حين أن إقتصادنا العربي برمته شارف على الإنهيار وان نسب البطالة العربية تشهد إرتفاعا بنسب أكبر من درجات الحرارة في الصيف.
قبل أيام كال رئيس اللجنة الخارجية للكونغرس الأمريكي بوب كروكر التهم للسعودية بأنها من اكبر داعمي الإرهاب،وأن ملفات الكونغرس تعج بالمعلومات والشواهد التي تؤكد دعم السعودية للإرهاب،كما أن السفير البريطاني السابق في الرياض ويليام باتي إتهم السعودية بتغذية التطرف في اوروبا من خلال دعمها للمساد والمراكز الدينية في الغرب. التحولات التي تشهدها السعودية مقلقة بالنسبة لنا جميعا ،لأننا نتحدث عن رمز ومرجع ديني غير مسبوق ،فهي القبلة لنا جميعا وفيها أول
بيتين وجدا لعبادة الله الواحد ،ويرتبطان بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهو المسجد الأقصى في القدس ،وهذه التحولات الصادمة التي لن يتحملها لا الشعب السعودي ولا الشعوب الإسلامية ،ونعني بذلك التطبيع مع مستدمرة إسرائيل ورفع علمها فوق سفارته المزمعة في الرياض وقنصلياتها في المحافظات السعودية الأخرى،وهذا يعني عودة يهود إلى الجزيرة مجددا.
من هذه التحولات الصادمة أيضا ظهور أصوات سعودية تقول بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم لليهود ،وهذه بطبيعة الحال ردة دينية واخلاقية وقومية ووطنية لم نكن نتوقعها من قبلتنا ،وآخر هرطقة
سمعناها ما ورد على لسان الداعية السعودي أحمد بن سعيد القرني وطالب فيها الفلسطينيين عدم إتباع قادتهم المغامرين ،كما إتهم حماس بالإرهاب ،وطالب أيضا بتنازل الفلسطينيين عن الأقصى ومنحه
لليهود الذين لن يتنازلوا عنه أبدا. هذا ما يزعجنا في الموقف السعودي الذي سيؤدي في حال عدم التراجع عنه إلى تدمير السعودية وتفتيتها على غرار ما يجري في العالم العربي الآيل إلى السقوط. بقي القول أن اللجوء للأعداء كي يحلوا مشاكلنا التي صنعوها هم بانفسهم لإبتزازنا ،عمل لا يجوز فها هو ترامب يتلون ولسان حاله يقول موتوا بخلافاتكم وسأحصل على التريليون ونصف التريليون دولار ، بمعنى أنه سيحلب الجميع وبدأ بالسعودية وها هو يبتز
الإمارات ومن ليس مقتنعا بما نقول فليراقب سير اللعبة الوسخة.
نيسان ـ نشر في 2017-07-18 الساعة 13:55
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية