اتصل بنا
 

الحر لا يترك وحيداً

صحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2017-07-18 الساعة 20:38

تضامن الأردنيين مع الرقيب أول معارك بعد حكم السجن المؤبد، وانتشار وسوم وهاشتاغات داعمة له على مواقع التواصل الاجتماعي، واستياءهم من مطالبة المدعي العسكري بتغريمه 91 ديناراً فقط، وشكهم في الرواية الرسمية للحادثة.
نيسان ـ

سعد الفاعور

ما أن نطق العقيد القاضي العسكري، بالحكم المؤبد بالأشغال الشاقة، على الرقيب أول 'معارك سامي سالم محمد بن دحيلان أبوتايه'، حتى حُفر اسمه في أعمق أعماق حفريات التاريخ والآثار، وكأنما أصبح أيقونة وطنية، ونقشاً نبطياً أردنياً، وعجبة من عجائب الدنيا السبع.

وبأصوات جاشت بالعبرات والزفرات التي خالطتها دموع القهر والألم، خرج الأردنيون على قلب رجل واحد، متضامنون مع الرقيب أول 'معارك'، الذي تزاحمت أقدام الرجال والصبية والنساء والشيوخ والوجهاء في مضارب أهله وعشيرته ومسقط رأسه في الجفر، رغم الحشد الأمني الكبير لقوات الدرك، بينما عجت صفحات التواصل الاجتماعي بعبارات التضامن التي تحولت إلى أشهر الترندات الأردنية التي حظيت بالمتابعة والتعليق والتأييد عبر موقع الدردشة المصغر تويتر.

برزت الكثير من الصور ومقاطع الفيديو والوسوم والهاشتاغات المؤيدة للبطل 'معارك'، الذي أصبح رمزاً وطنياً جامعاً، وصورة معبرة عن الضمير النقي للشعب الأردني الكاره للتبعية للمستعمر والناهب الدولي، والكاره للامبريالية الحامية للكيان الصهيوني، والتي باتت تسرح وتمرح في القواعد العسكرية الأردنية، التي تمثل في العقل الجمعي والوجدان الوطني مقدساً أردنياً لا يقبل التدنيس. وكان أبرز تلك الوسومات التي انتشرت كالنار في الهشيم:

#الحر_لا_يترك_وحيدا

#كلنا_معارك_التوايهه

#أنا_أديت_واجبي

أكثر ما صدم الأردنيين في المحاكمة غير المنصفة التي خضع لها البطل الرقيب أول 'معارك'، هي مطالبة المدعي العسكري في لائحة الاتهام بتغريمه 91 ديناراً، قيمة الرصاصات التي أطلقها وهو يدافع عن نفسه في اشتباك مسلح مع جنود أميركيين وتبادل لإطلاق النار. متسائلين: كم يبلغ ثمن الرصاصات التي أطلقها الأمير المجاهد، الشيخ أبوعوده وهو يحارب تحت لواء قائد الثورة العربية الكبرى، الشريف الحسين بن علي، ضد المستعمر العثماني؟!

وقد أُشتم من تعليقات الأردنيين رفضهم وعدم اقتناعهم بالرواية الرسمية الأردنية التي جرى سردها في بيان العقيد القاضي العسكري الذي حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على البطل 'معارك'، وبعضهم قالها بصراحة لا يشوبها مواربة، إن الرواية الرسمية مشبوهة وغير قابلة للتصديق، ومحل شك كبير، في ظل مطالب شعبية واسعة بضرورة الإفراج عن أشرطة الفيديو التي صورت واقعة الاشتباك المسلح منذ اللحظة الأولى.

الأردنيون الذين تساءلوا عن السر وراء عدم الإفراج عن التسجيل المصور الذي وثق الحادثة، انتابهم الغضب الشديد وهم يسمعون العقيد القاضي العسكري، وهو يصف الرقيب أول البطل، معارك، بـ 'المجرم'! متسائلين: هل من كان يقوم بواجبه العسكري وينصاع إلى ما تمليه عليه الواجبات الوطنية، يصح أن يطلق عليه لقب 'مجرم'، ثم ماذا كان يفعل أولئك الأميركيون داخل القاعدة، وما هي مهمتهم على وجه التحديد، وأين خرجوا قبل الحادثة، ومن أين عادوا، وما هي المهمة التي أدوها قبل عودتهم إلى القاعدة، وما هي الحالة التي عادوا بها إلى القاعدة. وهل دخول مجند بحالة سكر إلى القاعدة تبيحه الأعراف والأنظمة العسكرية؟

قبيلة الحويطات التي يتحدر منها البطل معارك أبوتايه، أصدرت بياناً عبرت فيه عن رفضها للحكم، ووصفته بـ 'الجائر' و'الظالم'. مشددة على أن ابنها البطل 'معارك' كان يدافع عن وطنه ونفسه وشرفه العسكري، وأنه تعرض لإطلاق النار من قبل الجنود الأميركيين الذين كانوا في حالة سكر شديد، ورفضوا بغرور وغطرسة الوقوف أمام بوابة القاعدة العسكرية بالجفر التي كان مكلفاً بحمايتها والدفاع عنها وعن مرتباتها، وأنه أصيب بعدة عيارات نارية في منطقة الرقبة والبطن والقدم خلال اشتباكه مع الجنود الأميركيين.

وقد عبرت قبيلة الحويطات كذلك، عن حزنها وألمها بأن يتزامن الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على ابنها البطل معارك التوايهه، مع ذكرى مرور 100 عام على مشاركة فرسان قبيلة الحويطات بقيادة الأمير المجاهد الشيخ عوده بن حرب أبوتايه في حرب تحرير العقبة من نير الاستعمار العثماني، تحت لواء قائد الثورة العربية الكبرى الشريف حسين بن علي، الذي أهدى سيفه إلى الأمير عوده. قائلين: 'إنها لمفارقة مؤلمة أن يكون تاريخ تحرير العقبة على أيدي فرسان قبيلة الحويطات بتاريخ 18 تموز 1917، بينما يتم الحكم على ابن القبيلة البطل الرقيب الأول معارك التوايهه، بالأشغال الشاقة المؤبدة بتاريخ 17 تموز 2017!'.

نيسان ـ نشر في 2017-07-18 الساعة 20:38


رأي: سعد الفاعور صحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً