اتصل بنا
 

حزب مجروح

كاتب وصحفي مغربي، رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" المغربية.

نيسان ـ نشر في 2017-07-19 الساعة 14:22

اجتماع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي يتناول توجيهات إسلامية حول إدارة الاختلاف والتوافق بين القادة ويترك الخلافات جانباً للحفاظ على وحدة الحزب.
نيسان ـ

بدأ اجتماع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (المغربي)، نهاية الأسبوع الماضي، بتلاوة السورة 49 من القرآن الكريم (الحجرات)، وفيها توجيهاتٌ أخلاقية عن إدارة الاختلاف بين المؤمنين، واجتناب سوء الظن والتنابز بالألقاب، والحثّ على السعي إلى الصلح بين المتقاتلين. ويلخص اختيار هذه السورة من الذكر الحكيم عشر ساعات من النقاشات الحامية بين إخوان الحزب الإسلامي المجروح، بسبب إزاحة القصر زعيمه، عبد الإله بنكيران، وبسبب تعويم نجاحه الانتخابي في حكومةٍ هجينةٍ مشكلة من ستة أحزاب، لا يجمع بينها شيء، حيث انتهى اللقاء إلى خلاصاتٍ أهمها:
أولاً: قرّر قادة الحزب الذي يقود الحكومة المغربية أن يتركوا خلافاتهم جانباً بشأن طبيعة مشاركتهم في الحكومة، وبشأن ظروف تشكيل الأغلبية، وكذا اهتزاز الثقة بينهم، في اختبارٍ غير مسبوق في كل تاريخ الحزب، حيث أفلحت السلطة في زرع 'السوسة' بينهم، بإزاحة زعيم الحزب، عبد الإله بنكيران، من رئاسة الحكومة ووضع سعد الدين العثماني مكانه، وقرّروا التوجه إلى المستقبل والحفاظ على وحدة الحزب.
ثانياً: جلّ المداخلات التي تناولت نقطة تعديل النظام الأساسي للحزب، لفتح الطريق أمام بنكيران، للاستمرار في قيادة حزب المصباح، عبّرت عن تأييدها لولاية ثالثة له، وهو الأمر الذي رد عليه الأخير بجملة معبّرة: 'اتركوا هذا الأمر إلى المؤتمر، وإذا كانت لديكم رصاصة واحدة فلا تطلقوها الآن'. وجاء وجود حماس كبير وسط المجلس الوطني للتمديد لبنكيران على رأس الحزب، بسبب الإزاحة المذلّة له من رئاسة الحكومة، حيث لم يقبل الرأي العام الحزبي هذا القرار، على الرغم من أن أغلب قادة الحزب انحنوا أمامه.
ثالثاً: اختار قادة الحزب، وفي مقدمتهم بنكيران، طَي صفحة الخلافات بينهم بشأن صفقة الحكومة، والبحث عن خيوط 'توافق' غير معلن، يجري بموجبه اقتسام المنصبين الأهمين: رئاسة الحزب ورئاسة الحكومة؛ الأولى تبقى في يد بنكيران للحفاظ على جوهر مشروع الحزب الإصلاحي، ولإعطاء أمل للناخبين في أن الحزب لم يدجّن بعد، وأن الأمل فيه ما زال قائماً. ويبقى المنصب الثاني في يد العثماني الذي يدبّر الآن الممكن السياسي في ظل مناخ غربي وشرقي لا يرحب بوجود الإسلاميين في الحكم.
رابعاً: أظهرت أغلبية المداخلات التي وزعت على 66 مناضلاً جاؤوا من مختلف مدن وجهات المملكة، انتقاداتٍ شديدة للأداء الحكومي، وللمقاربة الأمنية التي تغولت خلال الـمائة يوم الأولى من عمر الحكومة المغربية الجديدة، وهو ما يهدّد بالقطيعة التامة مع مسار التحول الديمقراطي، ومع المكتسبات القليلة التي تركها الربيع العربي وراءه، بعد انقضاء شهوره القصيرة...
خلاصة ما أسفر عنه اجتماع برلمان حزب العدالة والتنمية تقول، إن الحزب مجروح، وإن عبد الإله بنكيران لن يذهب إلى تقاعد مبكّر، وإن من يؤيدون استمراره في قيادة الحزب أكثر ممن يعارضونه، وإن حزب المصباح غير راضٍ عن نوع مشاركته في حكومة العثماني، وإن الأخير غير قادر على إقناع أحد سوى الوزراء العشرة الذين يُبحرون معه في سفينةٍ بلا بوصلة، وإن الديمقراطية لم تربح حزباً في المعارضة، كما أن الدولة لم تربح حزباً في الحكومة تفعل به ما تشاء، وتغطي بظلاله عملية إعادة انتشار السلطوية في البلاد.

نيسان ـ نشر في 2017-07-19 الساعة 14:22


رأي: توفيق بو عشرين كاتب وصحفي مغربي، رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" المغربية.

الكلمات الأكثر بحثاً