اتصل بنا
 

لانتخابات البلدية السير الى الوراء- السقوط الى القاع

نيسان ـ نشر في 2017-07-25 الساعة 13:33

من العداء للسياسة والحزبية في انتخابات البلديات في الأردن 2017 وعدم اهتمام السلطات والتنظيمات السياسية بالموضوع.
نيسان ـ

السلطة معنية بعدم وجود تنظيمات اجتماعية (أحزاب) على أسس وطنية إن المتابع أو حتى الناظر بطرف عين الى حراك انتخابات البلديات في الأردن 2017 يلمس وبيسر برودة ما أصطلح على تسميته'معركة انتخابية' وعزوف الغالبية العظمى من الأرادنة وبخاصة فئة الشباب عن المشاركة أو حتى الخوض في الحديث عنها.
ويتردد كثيراً القول عند فتح نقاش حولها : أتركنا من هذا الموضوع 'السخيف والممل' وتصل في البعض وصفه: بالتافه.. 'وعشائر بتباطح ببعضها' 'وطامحين للظهور يريدون ركوب عشائرهم' 'ومعركة عشائر وحمايل' وغيرها من الأوصاف التي لا تليق بهكذا انتخابات وبهذه الأهمية.. مـــع الاعتــراف أنــه في نهايـــة المطـــاف سيشاركـــــــون وبكثافـــــــة وسيرددون 'قراقير أهلنا ولا كباش العرب' يعني: أنّي من غزية إن غوت .. وأنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.. وأنا وأخوي على ابن عمي؟!
كذلك المتصدين لهذه المعركة جُلّهم- ولا أقـــــــــول كلهـــــــــم فالبعض يستحق الشكـــر والتقديـــر على مبادرتـــه- من غير الناشطين أو المهتمين والواعين لقيمة العمل العام والعمل السياسي لا بل المعادين لكلمة 'سياسة' بالرغم من انخراطهم المباشر مختبئين خلف كلمات مطاطة ومائعة مثل 'العمل العام' و النشاط العام' وتمثيل وحفظ حق العشيرة والعائلة وغيرها من مصطلحات التمويه للهروب من الاعتراف بانخراطهم بعمل سياسي مباشر!؟
كذلك يُلحظ عدم اهتمام ما يسمى بالتنظيمات السياسية- الأحزاب في هذه الانتخابات إلا من 'رحم ربي' وغالباً بشكل فردي واستثناء كانت التنظيمات المدعومة داخلياً وخارجياً بالمال والعدّة.. حتى السلطات الرسمية لا تأخذ هذه الانتخابات على محمل الجد ومن قبيل 'تمشية وتسليك' الأمور وإلهاء الناس واشغالها واستخدامها كوسيلة لتعميق الشروخات الاجتماعية لا أكثر !؟
لماذا وصلت الأمور الى هذا الحّدّ ؟ لماذا هذا العداء للسياسة والحزبية ولماذا تقزيم دور البلديات التي تُمثل الحكم المحلي .. ما المخرج وما هو المطلوب للمرحلة القادمة للخروج من هذا المأزق؟
لقد حققت الحركة الشبابية والديمقراطية والحركة الوطنية في الأردن بعض المكتسبات المتواضعة في هذا المجال خلال عقد الثمانينات وبدايات التسعينات من القرن الماضي وكان لهبة نيسان 1989 وحالة الانفراج المؤقتة أثر كبير في تعزيزها ولكن سرعان ما تمّ الانقضاض عليها واجهاضها وإعادة العجلة الى الوراء وصار التدهور الى الوراء السمة الغالبة.
لقد مرّت سنون عجاف تغلّب فيها الشخصي والخاص على المصلحة العامة وصار الحديث عن المصلحة العامة 'أغنية ممجوجة' لأن مثل هذا الحديث لم يقترن بالفعـــل بل سادت مقولة 'ومن بعدي الطوفان' وعاثوا به ودمروا الكثير من عطاءاته وأحلامه ولم يعد للمصلحة الوطنية من الوجود على أرض الواقع من شيء.. فقد سادت المحاصصــــة ومحاولة إثبات الذات العشائرية وما يسمى بالمصلحة العليا 'للعائلة- العشيرة' والمداورة والمصالح الذاتية والشخصية الضيقة والنكايات وغيرها وغاب عن المشهد العقل والمنطق وأهدرت المصلحة العامة وغاب مفهوم المواطنة وصار الفرد ابن العائلة والعشيرة لا ابن الوطن علماً بأن الوطن ومصالحه أكبر من أي عشيرة لا بل نطمح أن نكون أسرة واحدة مجتمعة على الخير..
لقد تسيّـد المشهد السطحية والأنانية والمناكفة ولم يُسمع لصوت العقل بل تمّت محاربته ومناصبته العداء والتشويه حدّ القتل مما أفرز من هم غير مؤهلين وغير قادرين وغير منسجمين ووضعهم في المكان غير الصحيح مع احترامي لشخوصهم.
إن العشائرية تشكيلة اجتماعية اقتصادية تشكلت في ظل ظروف تاريخية معينة فرضها مستوى تطور علاقات الإنتاج ما قبل الرأسمالية وبناء الدولة الحديثة وكانت علاقات هذه التشكيلة الاجتماعية تقوم أساسا على التكافل الاجتماعي والأمن الجماعي وكانت العشيرة والقبيلة هي الملاذ والهدف فلها الولاء والأولوية على كل ما عداها وهي ليست مجرد علاقة قربى وشراكة بالاسم. واليوم، ما الذي تبقى من العشائرية؟ نعم لدينا اليوم عشائر ولكن بالقطع والجزم أقول لم يبق لدينا علاقات عشائرية بالمعنى العلمي للمصطلح التاريخي.
لقد حلت علاقات الإنتاج الجديدة محل العلاقات العشائرية وسقط مبدأ التكافل الاجتماعي ووفر بناء الدولة الحديثة الحماية والأمن، وبالتالي لم يتبق من ' العشائرية ' إلا ' الذهنية ' والوعي العشائري وما يبنى عليهما من سلوك سياسي.
لقد جرى العمل على تعزيز الذهنية والوعي العشائري وتقويتهما خلال العقود الماضية بمختلف الممارسات لتكون البديل عن العمل السياسي الاجتماعي المنظم ويقوم بتعزيزها وإنعاشها ضعف الحياة الحزبية كذلك يسعى، وبشكل دوري، لإنعاشها وإحيائها أصحاب المصالح الباحثين عن الدعم والحماية والساعين للوصول إذ قد توفر لهم هذه الأطر السبل لتحقيق مآربهم ومطامحهم. بالاضافة الى العمل الحثيث للسلطة للآبقاء على الأوضاع على ما هي عليه لما فيه خيرها!؟
إن وجود هذه الظاهرة مناف وبكل تأكيد لمنطق التطور الاجتماعي وعلى حساب الانتماء للوطن والولاء له و إضعاف للبناء الاجتماعي المدني واستغلال هذه الظاهرة، والذي يكون في الغالب من قبل المتنفذين وأصحاب المصالح والطامحين الذين يستغلون علاقات الدم وصلة الرحم والشراكة بالاسم لتنفيذ مآربهم، مرفوض واستثمار عواطف الناس تجاه صلة الرحم غير مقبول وإنما يؤذي الوطن ويغيب المعاني الجميلة للمواطن ويعزز التشرذم ويعيق التطور باتجاه المجتمع المدني.
نحن لا نريد مجالس بلدية تُمثل العشائر – مجلس عشائر- بل مجلس يمثل الاسم الذي يحمل، مجالس بلدية، تُمثل كافة أبناء الوطن وتعبر عن طموحاتهم وتحمل همومهم وآمالهم.
أما ما هو جار الآن فلا يمكن أن يؤدي إلا إلى مجالس عشائر. إن هذا يحتم علينا القول بأن هذه الـــــــــردة والانتكاسة وضعف التشكيلات الاجتماعية الوطنية- الأحزاب السياسية والتــي لم تأتي من فراغ أو هبطت من السماء أو كما يحاول أصحاب السلطة تزوير الواقع من حيث عدم نضوجها بـــــــــــــل جائت نتيجة عمل ممنهج طويل الأجل لتفتيت البنية الوطنية ومنع تطورها المدني والحضاري وعداء أجهزة السلطة ومحاصرتها وملاحقتها الطويلة والحثيثة للنشطاء السياسيين واختراق الأحزاب والعمل على تقزيمهما من الداخل والخارج وبكل الوسائل الاعلامية والدعائة وتسفيه العمل الحزبي في أذهان العامة ومنع الشباب من ممارسة النشاط السياسي أو النقابي والطلابي تحت طائلة العقوبة المشددة وخاصة في الجامعات والقائمة تطول ناهيك عن عـدم احتمال السلطة لوجود تنطيمات سياسيــــــة حتى تلك التي خرجت أو تخرج من رحــــــــــم السلطـــــــــة نفسها وتدين لها بالولاء وتنفذ برامج أجهزتها ولدينا الأمثلة عندما تشكلت أحزاب السلطة مثل العهد والدستوري وغيرها وكيف فتتها ولم تحتمل وجودها عندما شعرت ببداية تشكّل أرضية لها وبالتالي قزّمتها وأضافتها الى قائمة الديكور..
فالسلطة لا تحتمل وجود إلاسلطتها وحضورها وما يستلزمها من ديكور وزينه وهوامش!؟وأعتقد انه في بلد مثل الأردن فيها البرلمان شكلي بلا صلاحيات تحكم انتخابه آليات وظروف تجعل من وجوده عبئأ على المواطن والوطن وهو بالأساس متطلــــــــب حكومــــــي خارجي- ديكــــــــــور ودعايـــــــــة .. فإن دور المجالـــــــس البلديــــــــة أهــــم بكثيــــــــــر ولا بد من إيلائه اهتمام أكبر وعناية شديدة.
ومن هنا فأنني أهيب بالشباب والشابات ألمبادرة بتشكيل قوائم تحمل برامج عمل وتحوي أشخاصاً مؤهلين خبرة وعلماً لتنفيذ هكذا برامج.
وهنا يحضرني عدد من النقاط؟\- المعضلات التي يواجهها كل مواطن في الأردن:مثل اعادة الهيبة لمفهوم الحكم المحلي ووجود المجالس التمثيلية الخدمية وليست الوجاهة وتمثيل الجماعات إعادة تأهيل الأجهزة الادارية والعمل على اعطائها الفهم الحقيقي أنها أجهزة خدمة للمواطن وليست أجهزة حكم وتحكم بمصالح المواطنين لقد تحولت البلديات الى 'تكيات' ودور للعجزة بسبب المحسوبية والتنفيعات والواسطة والفساد وغيرة آن الآوان لاصلاحهاوتخليصها من العجزة والمعيقين وهنا لا نعني قطع رزقهم بل تأهيلهم أو تحيييدهم والعمل على وضع مخططات شمولية للتخلص من العشوائية ووضع سلم أولويات الخدمات كل حسب الاحتياجات المحلية .

نيسان ـ نشر في 2017-07-25 الساعة 13:33


رأي: يوسف عكروش

الكلمات الأكثر بحثاً