الكلاب لم تعد تعوي
نيسان ـ نشر في 2017-07-25 الساعة 13:57
إسرائيل تفتح أبواب المسجد الأقصى بعد إدراك خطيئتها وتحذير من خطر حقيقي، والراوي يذكر حادثة إحراق المسجد الأقصى في عام 1969 ويتساءل كيف لم تحفظ إسرائيل درس الحريق، ويطلب عدم الأخذ بتخرصات وزير صهيوني يزعم أن إسرائيل هي صاحبة السيادة على المسجد الأقصى.
على ذمة أحد الرواة الذين يرصدون مسار القافلة التي لا تأبه للعواء أن إسرائيل نفدت بجلدها، يوم الأحد الماضي، حين سارعت إلى استدراك خطيئتها، فأعادت فتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين، بعد أن تنبهت إلى خطر حقيقي، هذه المرة، يتجاوز حدود 'العواء'.
وأكد الراوي إياه أنه يُحسب لإسرائيل إعمالها لغة العقل، أول مرة في حياتها؛ لأن الأقصى في عُرف 'الزّبد العربي' خط أحمر لا يقبل المساومة، بوصفه ثالث المساجد التي تشدّ إليها الرحال، والسلاح أيضًا، إذا حدث وواجه أحدها تحديًا حقيقيًا.
وأعاد الراوي التذكير بواقعة إحراق المسجد الأقصى سنة 1969، يوم التهمت النيران كامل محتويات الجناح الشرقي للمسجد الأقصى، بما في ذلك منبر صلاح الدين، وكيف هزّت الجريمة وجدان 'الزبد العربي'، آنذاك، وفجرت ثورة غاضبة في أرجاء العالم الإسلامي في اليوم التالي، وكان من تداعياتها عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط، ما فتح باباً لم يغلق من أبواب 'العواء' ضد إسرائيل وممارساتها.
وتساءل الراوي: كيف لم تحفظ إسرائيل درس الحريق، وهي التي كانت موشكةً على الزوال في ذلك العام، نتيجة 'الغضبة المُضرية' التي أوشكت أن تقضي عليها، لولا تدخل عقلاء العالم الذين انتزعوا إسرائيل من البراثن العربية بصعوبة. صحيح أن رئيسة وزراء إسرائيل، غولدا مائير، كتبت، في يومياتها آنذاك، إنها لم تنم تلك الليلة خشية ردة الفعل العربية، لكنها عادت وغفت عميقًا، بعد أن لمست ما يوحي باطمئنانها إلى مستقبل إسرائيل، بعد حادثة الحريق، خصوصًا بعد أن هالتها 'الغضبة العربية'.
أيضًا، طلب الراوي ألا نأبه لتخرصات ذلك الوزير الصهيوني الذي زعم، يوم الأحد الماضي، أن إسرائيل هي صاحبة السيادة على الأقصى، وعلى الأماكن المقدسة كلها، ويحقّ لها أن تغلقها وتفتحها متى شاءت ولمن شاءت، بما يناقض الوصاية الأردنية ذاتها، الموقّع عليها في اتفاقية وادي عربة.
وكانت حجة الراوي، في ذلك، أن الوزير إياه، ربما كان مصابًا بجنون العظمة، كونه محتلاً لم يقف في طريق قافلته أحد، منذ قرّر اعتلاء تلك الأرض وبسط هيمنته عليها. ولذا، هو يرى أن من حقه، محتلا، أن يمارس حكمه على النحو الذي يريد، ومن ثم ليس لأحد حقّ 'العواء' على أي قرارٍ تتخذه إسرائيل، ولو كان جارحًا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم، فلإسرائيل السيادة ولنا العبادة، ولإسرائيل الرصاصة ولنا الجرح، ولها القرار ولنا الخضوع.
على أن الراوي استغرب، وهو يرصد الأحداث، كيف أن قيادات ومغرّدين عربا انحازوا لموقف إسرائيل من إغلاق الأقصى، وسوّغوه، بذريعة حقها في حماية أمنها من 'التطرّف' و'الإرهاب' الفلسطينيين، بل طالب بعضهم بإحراق غزة وتحريرها من حركة حماس، على هامش إدانتهم عملية 'الجبارين الثلاثة' في جنبات المسجد الأقصى، ورأى الراوي أن هذا الموقف ربما يكون سببًا في تأخر 'عودة الوعي' للعقل الإسرائيلي بضعة أيام، قبل إعادة فتح المسجد، خصوصًا وهي ترى أن هناك من حلفائها العرب من يؤازر موقفها، ويسوّغ قراراتها 'السيادية'، وقد أوشك الغيّ أن يأخذ بعقلها بعيدًا، فتقرّر إغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين إلى الأبد، لولا أنها صدمت بالحشود والبوارج و'الملايين' العربية تحاصرها من جميع الجهات، وتوشك أن تجهز عليها، فآثرت تغليب العقل والاعتذار للعرب والمسلمين عن هذه الخطيئة الفادحة.. صحيح أن الاعتذار لم يوثّق، لكن ثمّة كثيرين من الصمّ سمعوه، ويقال إنهم نقلوه إلى الخرسان، لتعميمه على أوسع نطاق ممكن، ومفاده: 'إذا كان الردح أقصى ما يمتلكه العرب، فوداعًا للأقصى إذن'.
عند هذا الحد، ينتهي حديث الراوي الذي رصد مسار القافلة، غير أن للقصة بقية آثر إغفالها عن قصد، ربما لأنه خشي ألا يصدّقها أحد، فقد شاهد القافلة تسير، والكلاب لم تعد تعوي.
نيسان ـ نشر في 2017-07-25 الساعة 13:57
رأي: باسل طلوزي