اتصل بنا
 

فُضّ غشاء البكارة

صحافية

نيسان ـ نشر في 2017-07-31 الساعة 11:09

فُضّ الشرف: قصة امرأة تروي تجربتها في فهم مفهوم الشرف وكيف تم فقده بسبب الاحتلال والانظمة التبعية، وتنتقد استقبال القاتل الصهيوني وتصريحات الحكومة بعد حادثة السفارة الصهيونية.
نيسان ـ

منذ نعومة أظافري وأنا أصغي كأنثى لحديث موجه لي من الكبار آنذاك عن الشرف وضرورة الحفاظ عليه، وربطهم السخيف ما بينه وبين غشاء البكارة، والخوف عليه حتى من ركوب الخيل أو السقوط فجأة على شيء صلب، والحرص على ارتداء ثيابا تستر جسدي كي لا افقد شرفي بنظرات حيوانات ذكورية.
حقا كنت ساذجة و اتصور ان شرفي محصور بغشاء بسيط يرقع او يخييّط، لكن عندما بدأت أكبر يوما تلو الآخر ادركت تماما أن غشاء بكارتي الذي يعني الشرف لهم قد فُضّ قبل ولادتي، فُضّ حين استباح الانجليز والأمريكان والصهاينة دمنا ونكلوا بنا ، فُضّ عندما صفق أصحاب القرار لهم ووضعوا أيديهم بيد قاتلي أبناءهم، فُضّ عندما سألهم أمل دنقل 'كيف تنظر في يد من صافحوك فلا تبصر الدم في كل كف!' واستمروا في مصافحة الأعداء بل واحتضانهم وتقبيلهم، فُضّ عندما بدأ الصهاينة بالتجول في أقطار الوطن العربي في ظل ترحيب الانظمة التبعية بوجودهم، فُضّ حين أقيمت لهم سفارات في أراضينا ورفعت أعلامهم فوق جروحنا و مآسينا.
رغم ذلك كنت أرى بين الفينة و الأخرى بعضا من الأمل بانقاذ ما تبقى من الشرف، لكن بعد حادثة السفارة الصهيونية وقيام الدولة بالسماح لقاتل الأردنيين وطاقم السفارة بالعودة لدولتهم المزعومة ذهب الشرف الذي حدثوني عنه في الصغر وفُضّ غشاء بكارتي وبكارتكم ولن يتمكن أطباء العالم بأجمعهم من ترقيعه لنا.
لا أدري ما رأي أصحاب القرار بالمهزلة التي وضعونا بها ما رأيهم باهانتنا واهانتهم أيضا المتعمدة من قبل الاحتلال حينما أصغينا لمكالمة الخنزير نتنياهو مع القاتل ما رأي أصحاب القرار باستقباله وبقيام رئيسه بالاطمئنان على موعده مع صديقته وكأنه يوصل لنا رسالة أن موعد القاتل أغلى من دمنا.
ما شعوركم عندما قال المجرم 'كما وعدتني بالأمس بأنني سأعود طمنتني، وهذا حصل فعلا' بعد وقت وجيز من وعد وزير الداخلية بعدم السماح له بمغادرة الأراضي الأردنية!، ما شعوركم عندما قال له القذر نتنياهو 'تصرفتم جيدا وبهدوء وكان لزاما علينا إخراجكم'، وبالتزامن مع تصريحاتكم للرأي العام أن المجرم سينال عقابه وسيحاكم بالكيان الصهيوني لنرى جلسة المحاكمة جميعنا بصور غرامية جمعته مع صديقته.
الامر الذي جعلني أعيد اعتراف شاعرنا الكبير مظفر النواب الذي أقر به من سنوات عدة حينما قال ' أعترف الآن أمام الصحراء بأني مبتذل وبذيء كهزيمتكم، يا شرفاء المهزومين، ويا حكام المهزومين، ويا جمهورا مهزوما، ما أوسخنا .. ما أوسخنا.. ما أوسخنا ونكابر، ما أوسخنا، لا أستثني أحدا'.
اشتهي الآن الصراخ في وجه أصحاب القرار في بلادي وأقُل لهم كفاكم خيانة وعمالة ندفع ثمنها دمانا، كفاكم ذل وتبعية للامبريالية وللاحتلال الصهيوني، كفاكم انتقاص من عروبتنا، وسلب لكرامتنا، كفاكم جبنٌ وخوف، كفاكم تذلل أمام أعداءكم، كفاكم ادعاء السلام المزيف مع عدوكم الأزلي.
فإن كنتم حقا تريدون استرداد جزءا بسيطا من شرفنا المتشرذم، أسقطوا معاهدة الذل والعار وادي عربة، وكل الاتفاقيات الموقعة تباعا لها، واستردوا أراضينا الأردنية المسلوبة برضاكم من قبلهم، واسمحوا لنا بالسير نحو سفارتهم وحرقها هي وعلمهم المرفوع في أرضنا، فأعتقد آن لكم بأن تسمحوا لنا باسترداد بضعا من كرامتنا.

نيسان ـ نشر في 2017-07-31 الساعة 11:09


رأي: هبه ابو طه صحافية

الكلمات الأكثر بحثاً