بيان المنامة.. المكابرة لعلها تنفع
معن البياري
كاتب اردني مغترب
نيسان ـ نشر في 2017-07-31 الساعة 16:07
الوزراء الرباعي يجتمعون ويؤكدون على ضرورة وقف دعم قطر للإرهاب والتطرف في بيان خالي من إشارة إلى اجتماع ثالث، ويعيدون طرح المطالب الـ 13 على الرغم من إعلان الدول الأربع عن لاغيتها سابقًا.
المنجز الأهم في اجتماع وزراء خارجية رباعي مقاطعة دولة قطر وحصارها هو انعقادُه، ولا سيّما أن البيان الناجز عنه يخلو من إشارة إلى اجتماعٍ ثالث للوزراء أنفسهم، على غير ما اشتمل عليه سابقُه في القاهره في الخامس من يوليو/ تموز الجاري. ويوحي البيان، كما الاجتماع نفسه طبعا، بأن عادل الجبير وعبدالله بن زايد وخالد آل خليفة وسامح شكري على مواظبتهم المعلومة، من أجل أن ترعوي قطر وتتوقف عن 'دعم الإرهاب وتمويلها التطرّف، وعن بثّ خطاب التحريض والكراهية'. وللحق، لولا أن الوزراء المذكورين (وأنور قرقاش) وحدهم، في مشارق الأرض ومغاربها، من باتوا ينفردون بترديد هذه الرطانة، بلوازمها الرتيبة، لما فطن أحدٌ إلى أنه ما زال لهذا الكلام من يبيعه ويلتّ ويعجن فيه. ولغاب عن البال أن الأزمة التي افتعلتها أبوظبي والرياض والقاهرة والمنامة لها اسم آخر غير الذي يستخدمه الأبعدون والأقربون، هو 'أزمة قطر'. أما قصة مطالبة الدوحة، مجدّدا، بتلبية المطالب الـ 13 فأمر عجيب وغريب أن يزيد الوزراء ويعيدوا فيه، بعد كل المياه التي جرت تحتهم، منذ جهروا بهذه المطالب التي ينتسب بعضها إلى الكوميديا، ولا صلة لها بأي مقادير من السياسة. وفي البال أن الدول الأربع كانت قد أخبرت جمهورها، وكذا الوسيط الكويتي، أن تلك المطالب لاغية بعد عشرة أيام من إذاعتها في 22 يونيو/ حزيران الماضي، من باب أن ثمّة ما بعدها مما في جعبة الحاوي. وفي البال أيضا أنه لما استجدّت ما عرفت بالمبادئ الستة في اجتماع القاهرة، قيل إنها المقدور عليها مما يمكن أن يقوله الرباعي المعلوم، بعد أن ردّت الدوحة بلائحة رفضها تلك المطالب، وسلمتها إلى الوسيط الكويتي.
ولكن، هذا سامح شكري يتشاطر أكثر وأكثر، هذه المرة، ويقول إن 'آليات تنفيذٍ' للمطالب الـ 13 (هل ثمّة من يتذكّرها؟) سيتم وضعها، 'حيث موقفنا مع قطر ثابتٌ ولا رجعة عنه'، كما قال، شارحا بيان المنامة الذي أظهر أن الرؤوس اليابسة ما زالت على يباسِها، في تشديده على أنه 'لا تنازل عن المطالب الـ 13 في أزمة قطر'، كما عنونت وسائل إعلام دول الحصار، بابتهاج، ما انتهى إليه اجتماع المنامة. وليس في وسع أحدٍ يتفحّص البيان، وكذا تقاسيم وجوه أصحابه الأربعة، غير أن يجد أن هؤلاء شربوا حليب السباع، هذه المرة، طالما أن مكالمةً من دونالد ترامب لم تسبق جلستهم أمس الأحد، على غير ما كان حالهم، بعد أن انفضّ سامرهم في القاهرة، عقب المكالمة غير المنسية، من طائرة ترامب في الجو إلى حيث عبد الفتاح السيسي ساعتها.
أمّا وأنّ دول الرباعي تقول، في بيانها، كلاما عن حوارٍ مع قطر مستعدّة له، إذا ما أعلنت قطر 'رغبتها الصادقة والعملية في وقف دعمها وتمويلها للإرهاب والتطرف، ...'، فذلك يعني، من بين ما يعنيه، أمرين، أحدهما أن منطق المكابرة ما زال هو ما يتحكّم في تعاطي هذه الدول، السياسي والعملياتي، مع كل محاولات البحث عن مخارج وتسوياتٍ للأزمة الحادثة في الخليج، منذ جريمة قرصنة وكالة الأنباء القطرية في مايو/ أيار الماضي، وعبورا إلى القرارات التي ضربت أهل الخليج بجرحٍ صعب، صباح الخامس من يونيو/ حزيران الماضي. وثاني الأمرين أنه إذ هذا هو الحال، فإنه قد يستدعي ضرورة أن تتولى الكويت إعلانا صريحا بشأن هذه المكابرة، ولغة العناد الظاهرة هذه، وكذا وجوب أن توضح الإدارة الأميركية على أي ضفّةٍ في الخليج تقف بالضبط، فتغادر اللعبة المكشوفة التي تخصم من مكانة الولايات المتحدة، عندما تنعدم جدوى حركة وزير الخارجية تيلرسون، ويتبيّن أن حسابات الابتزاز لدى ترامب أخذت وقتا أكثر من اللازم.
موجز القول، وليس منتهاه على أي حال، إن بيان المنامة، في كل ما عرج عليه، ومنها 'التسهيلات المتواصلة التي تقدّمها حكومة خادم الحرمين الشريفين لاستقبال حجاج بيت الله الحرام'، خطوةٌ إلى الخلف، آثر رباعي الحصار والمقاطعة التمرّن بها على المناورة، عساها تفلح في تحقيق ما قد يمكن تحقيقه، بانتظار مستجدّات تطرأ، ومتغيّرات تحدث، أو مفاجآت غير منظورة تقع، تسوّغ اختراقا ما، يكسر المراوحة المملّة التي لا يبدو أن قطر على قلقٍ ظاهر منها، بل يبدو أنها على جاهزيّتها بشأن أي خطوةٍ من الطرف المقابل، خصوصا إذا كانت إلى الخلف.
نيسان ـ نشر في 2017-07-31 الساعة 16:07
رأي: معن البياري كاتب اردني مغترب