اتصل بنا
 

هل حقا الرجل حاضن للإرث والمرأة مضيعة له

نيسان ـ نشر في 2017-08-17 الساعة 13:11

تونس تثير جدلا واسعا بسبب قرارها بالمساواة التامة بين الجنسين في الإرث والسماح للمرأة المسلمة بالزواج من غير المسلم، والتعليقات المختلفة التي تلقاها هذا القرار، وتجربة شخصية للكاتبة توضح أن القرار يعد خطوة جريئة في تجديد الخطاب الديني، وأن النص الديني الصريح هو ما جعل تونس تتأخر في هذا المجال. كما يتم التذكير بأن الخوف من منح المرأة نصف الميراث يعود إلى النزعة القبلية والعنصرية التي لا تزال موجودة في بعض المجتمعات.
نيسان ـ

تثير تونس هذه الأيام جدلا واسع النطاق واهتماما من الرأي العام في الداخل والخارج بسبب إقدامها على إقرار المساواة التامة بين الجنسين في الإرث والسماح للمرأة المسلمة بالزواج من غير المسلم وهو الموضوع الذي استوفى جوانبه من قبل وسائل الإعلام والمتابعين ورجال الدين بين من يؤيد ومن يعارض، ومن يكفر، وسأتناول الموضوع من جانب آخر وتجربة شخصية مرت علي في خضم هذا الجدل.

كنت قد نشرت على صفحتي الفيسبوكية سطرين قصيرين أشرت فيهما إلى أن تونس تتجه نحو المساواة وتزويج المسلمة من غير المسلم، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة من الأصدقاء، أغلبها في صالح القرار.

لكن ما لفت انتباهي تعليقان: الأول من أحد الأصدقاء وهو صحافي وشاعر عربي، أبدى استغرابه من أن تونس تأخرت في اتخاذ القرارين، وكان يعتقد أن المساواة في الإرث تمت منذ ستينات القرن الماضي، عندما أقرت مجلة الأحوال الشخصية جملة من القرارات، من بينها منع تعدد الزوجات في إطار خطة وطنية شاملة لتمكين المرأة من مكاسبها وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين.

وما لفت نظري في هذا التعليق هو أن القرار الذي يرى كثيرون أنه تقدمي أكثر من اللازم ويتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي، يجده البعض متأخرا عما عرفت به تونس من جرأة وإصرار على تحقيق المساواة بين الجنسين!

والحقيقة أن ما يفسر تأخر تونس في ما يتعلق بالإرث هو وجود نص ديني صريح يمنح الرجل ضعف نصيب المرأة، عكس تعدد الزوجات القابل للاجتهاد، ووجود نص ديني صريح هو ما جعل إقرار المساواة في الإرث يعد أول خطوة حقيقية جريئة في اتجاه تجديد الخطاب الديني.

أما التعليق الثاني فهو نوع من التذكير بأن الخوف من منح المرأة نصف الميراث هو ضياع ميراث واسم العائلة، لأن الثروة ستذهب في النهاية إلى رجل غريب، فالرجل حاضن للثروة والاسم بينما المرأة مضيعة لكليهما.

وهو ما يفسر استمرار وجود النزعة القبلية إلى حد يومنا هذا في بلد يعد أبعد ما يكون عن القبيلة والتعصب للتاريخ والموروث القبلي، فضلا عن النزعة العنصرية التي تمنح الابن حق حفظ اسم العائلة وثروتها دونا عن الإبنة. وربما سيكون على تونس في المستقبل أن تترك للعائلة التونسية حق اختيار لقب أبنائها من بين لقبي الأم والأب بدل اعتبار لقب الأب خيارا بديهيا ومسلما به.

وفِي نفس السياق وصلتني رسالة من سيدة تبدي فرحتها وابتهاجها بقرار التسوية، مشيرة إلى أنها ابنة لرجل فنان، وتعاني منذ سنوات من أجل الحفاظ على ثروة والدها الأدبية والفكرية، وجمع موروثه الفني وحقوقه الأدبية إلا أنها تجد صعوبة وتعطيل من أعمامها الذين يشاركونها الميراث باعتبارها الابنة الوحيدة، ولا يعنيهم الجانب الفني والأدبي بقدر ما يعنيهم الجانب المادي.

في ما يتعلق بزواج المسلمة من غير المسلم، أحب فقط أن أذكر بأنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع التونسية من الزواج من غير المسلم، فقط منشور وزاري وفقه القضاء. ويعتبر الفصل 6 من الدستور الجديد، المتعلق بحرية الضمير نصا دستوريا جريئا يمنح ًالمرأة حق اختيار قرينها بغض النظر عن الدين وكل أشكال التمييز الأخرى، ولكن المؤكد أن مجلة الأحوال الشخصية، الصادرة قبل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لم تمنع زواج التونسية بغير المسلم، ولا يتعدى الأمر كونه منشورا وزاريا يضع شروط “إسلام” الزوج الأجنبي حتى يتم تسجيل العقد بشكل رسمي في دفاتر الحالة المدنية.

نيسان ـ نشر في 2017-08-17 الساعة 13:11


رأي: لمياء المقدم

الكلمات الأكثر بحثاً