اتصل بنا
 

عثمان الشمايلة .. أمتع الأردنيين عقوداً من الزمن

نيسان ـ نشر في 2017-08-24 الساعة 22:54

x
نيسان ـ إعداد – سعد الفاعور

توفي بعد صراع مع مرض تشمع الكبد، وبحزن شديد بكاه الوسط الفني الأردني والعربي، ونعته الصحافة الفنية المتخصصة، أردنياً وعربياً، قائلة 'خسرت الحركة الفنية الأردنية والعربية قامة باسقة لم تعرف في حياتها إلا العطاء'.

عرفه الأردنيون وأحبوه من خلال دوره في مسلسل 'هبوب الريح' عندما كان ثائراً ينغص على العصابات الصهيونية والمحتل البريطاني راحتهم، وقد حمل 'برودته' على كتفه، وروحه على يده، مقسماً بعقاله البدوي 'ألا يسمح لحمران الوجه أن ينعموا بتراب فلسطين'، فكرهه الصهاينة والانجليز، وأحبه الأردنيون والفلسطينيون.

نتيجة بحث الصور عن عثمان الشمايلة

كما عرفه جمهوره وعشاق فنه، بشخصية 'عرار' شاعر الأردن الكبير، عندما ارتدى عباءة على نصف جسده العاري، المنتصب بسيفه المشهور من غمده، والمتأبطه على جنبه، بينما عقاله على رأسه دون كوفية أو شماغ، وهو يستقبل بازدراء وسخرية، عدو الأردنيين 'كلوب' القائد الإنجليزي، الذي لم يعترف به شاعر الأردن يوماً، وهجاه دون هوادة.

إنه ابن الكرك، عثمان عبد الكريم عثمان الشمايلة، من مواليد 1957، وصاحب العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي غلب عليها الطابع الكوميدي. دلف إلى عالم الفن هاوياً عام 1982، وكان وقتها يعمل محاسباً في السفارة القطرية في عمّان.

نجح بعدها في أداء أدوار مسرحية وتلفزيونية كثيرة، فقرر بلا أسف، هجر الوظيفة في السفارة القطرية، رغم أن الإغراء المادي لم يكن حاضراً، لكنه كان مدفوعاً بحبه للفن، ورغبته بإيصال رسالة نبيلة إلى المشاهد الأردني والعربي، فالعمل الفني كان موسمياً.

امتاز بأنه يجمع بين القدرة على الأداء التراجيدي الجاد والأداء الكوميدي الساخر، وكان، كما يصفه زملاؤه، 'كتلة متفجرة من السخرية، وصاحب حس فكاهي ناقد، لطالما ألهم بنكاته وبطرائفه المخرجين وكتاب النصوص على أن يستلهموا فكرة لتحويلها إلى نص أو عمل فني'. أما في المسرح فقد كان يرتجل الكثير من الكلام الساخر لدرجة إحراج زملائه الذين يشاركونه العمل الفني على الخشبة.

قدم عبر عقود من مسيرته الفنية الممتدة، العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية من أبرزها: مسرحية وادي النسا، مسرحية يا أنا يا هو، مسرحية مين فينا المجنون، مسرحية المنحوس، مسرحية من حقي اتزوج، ومسرحية التجربة الأمريكية، ومسرحية محاكمة فَنَس بن شعفاط.

على الصعيد الدرامي، شارك في العشرات من المسلسلات والأعمال الذائعة الصيت، ومن أهمها: عيلة أبو حرب، البريء، محاكم بلا سجون، هبوب الريح، الثغرة، وجه الزمان، الليل الطويل، الإمضاء بريء، مهما طال الزمن، القرار يصدر غداً، الطريق الوعر، نقطة وسطر جديد، رأس غليص، نصف القمر، نيران البوادي، وين ما طقها عوجة، وغيرها.

أثار موته رحمه الله، والذي كان متوقعا بعد سنوات من المعاناة مع المرض، حزناً كبيراً في نفوس أسرته ومحبيه وعشاق فنه وأبناء معقله ومسقط رأسه الكرك، وفي عموم الأردن من شماله إلى جنوبه. جاء الخبر قاسيا، فالمتوفى نجم من نجوم الدرجة الأولى، عندما كانت الدراما الأردنية هي المتسيدة للمشهد، وما يبث عبر التلفزيون الأردني يصدر درامياً إلى الجوار العربي.

كانت النهاية مؤلمة ومحزنة، لقامة فنية كبيرة بهذا الحجم، لم يستطع أن يتكفل بتكاليف علاج مرضه، ولم تستطع نقابته الفنية وزملائه في الوسط الفني أن يقدموا له أي مساعدة، حتى تدخل الملك عبدالله الثاني شخصياً وأمر بإكمال علاجه في مدينة الحسين الطبية على نفقته الخاصة، إلى أن وافته المنية، في 22 حزيران 2012.

صورة ذات صلة

قبل خبر وفاته بيومين، أشيع أنه توفي وأن قلبه توقف عن النبض، ثم عاد الأطباء ليكتشفوا أن قلبه لم يتوقف تماما، بعد أن انتشر النبأ وتناقلته المواقع الإخبارية، لكن سرعان ما تم نفي الخبر على لسان أطبائه في بيان رسمي، ثم تم تأكيد نبأ الوفاة بعد 48 ساعة فقط، لينهي بنبل الفرسان صراعاً مريراً مع المرض الذي اغتال ضحكته وروحه الجميلة التي طالما كانت أنيسة ووليفة للأردنيين وجمهوره العربي الذي أحب فنه.

وجاء في خطاب نعيه، الذي صدر عن نقابة الفنانين الأردنيين 'أن الفقيد كان من القامات الفنية التي قدمت للوطن عصارة إبداعها وتميزها، وساهم في بناء الذاكرة والهوية الأردنية، وحمل في أعماله هم الوطن والمواطن فدخل قلوب الأردنيين جميعاً، وحمل الرسالة الفنية الصادقة التي لم تروج يوماً لحكومات أو وزراء أو مسؤولين بل للدولة والوطن'.

لقد جاءت وفاته في ظرف صعب، وزملاؤه أعضاء النقابة يعتصمون للاحتجاج على الحالة المؤلمة التي كرستها السياسات المتعاقبة للحكومات والتي ساهمت في انهيار مهنة الفن في الأردن من خلال التهميش وإقصاء المبدع الأردني.

المخرج محمد يوسف العبادي، قال 'إن وفاته خسارة للحركة الفنية الأردنية'. ورأى المخرج المسرحي حاتم السيّد 'أن وفاته جاءت قاسية مثل حياته وصراعه مع المرض'. أما الفنان محمد القباني، فقال 'إن الشمايلة كان فارسا ظل يقاوم المرض حتى صرعه الأخير بعد أن بلغ به من الألم ما بلغ'.

صورة ذات صلة

نيسان ـ نشر في 2017-08-24 الساعة 22:54

الكلمات الأكثر بحثاً