خذلها الجميع وأنصفها العريان

نيسان ـ

عندما خذل نظام التعليمي العالي الاردني مجد بريزات، طرقت جميع الأبواب وحتى النوافذ لكن أحداً لم يلتفت إليها، رغم انتزاعها المرتبة الأولى في الفرع العلمي بلواء ذيبان العام الفائت.

تميزت بريزات بعلمها ونباغتها وسط مجتمع يؤمن بأن تطوير الأدوات والمهارات أولى الاولويات رغم اتساع فجوة التنمية المخجلة بين عمان وباقي المحافظات والأطراف.

لعل مجد صورة مكثفة عن حالات كثيرة كدّت وتعبت وواصلت ليلها بالنهار؛ لترسم صورة نجاح لا تنقشع آثارها؛ فتغدو كالنقش في الحجر، لكن لم تأت النتائج وفق مقدماتها.

ما حدث مع بريزات أنها حرمت فرصة التعليم الجامعي ولم تستفد حتى من نظام الاستثناءات الذي أشبع ذما وتقريعا من النخب والمثقفين باعتباره طريقا غير شرعي لبوابة الجامعة، فيما تؤكد حالات المتميزين من القرى البائسة تنمويا والمهمشة اقتصاديا أنه خزان احتياطي يذهب إلى غير مستحقيه.

الجميع تنصل من التزامته تجاه بريزات التي حملت حلمها و همها وطرقت باب رئيس مجموعة (فارمسي ون)، أمجد العريان فوضع نقطة تصحيحية في مسارها التعليمي، وأعاد الأمور إلى سكتها المثلى من دون ضجيج إعلامي، في تجلٍ يعكس رؤية المجموعة وأهدافها الاستراتيجية.

باختصار، ما ظهر أن مسؤولية مؤسسته الاجتماعية تكفلت بإنهاء أزمة مجد، في وقت تشتد به حاجة الناس إلى قنوات حقيقية تحيل التحديات إلى فرص تنموية قابلة للنجاح والتمدد، بعيداً عن 'المنة' التي تبتلع ما تقدمه جل المؤسسات اللاهثة خلف العناوين البراقة بلا أدنى مسؤولية.

يدرك العريان وتدرك معه مجد أيضاً أن ما قدمته (فارمسي ون) من توفير منحة دراسية كاملة في الجامعية الامريكية الرائدة، سيفتح لها آفاق المستقبل التي أوصدها النظام التعليمي وأخرجها محرومة من حقها الاساسي في تعليم يليق بقدراتها وأمكانيتها.

في الحقيقة ننظر لدور العريان بعين يملؤها الامل والغبطة، فلا شك انهم قلة قليلة الذين يرفضون المتاجرة بالقيم المجتمعية وينحازون للناس وأبنائهم فيأخذون بايديهم إلى مساحات الامل؛ بعد أن خطفتها كثرة التشوهات والمحسوبيات وأيادي الليبراليين الطويلة.

العريان في سلوكه هذا يبدو منسجما تماما مع منظومة اخلاق وقيم النبلاء والفرسان، في مقابل تكريس ثنائية الفقر والغنى التي كرسها النهج الليبرالي المتوحش المؤمن بان المال هو مفتاح للتعليم وفقده سرداق للجهل.