النواب والوزير المسكين .. عبث بالجامعات حوّلها لمضارب عشائرية تُصب فيها القهوة السادة
نيسان ـ نشر في 2015-06-15 الساعة 01:42
كتب لقمان اسكندر
هل أدلك على تجارة لا تبور، تحيطها كل القرارات والتشريعات التي ستصب في صالحك؟ انشئ جامعة. أما إذا كنت أكثر طموحا فأسس مدرسة خاصة.
هذان خطان مضمونان تماما. أما إذا أراد أحد ما على كرسي المسؤولية، ويده على قلبه من سوء أحوال التعليم في البلاد أن يعبث بمصالح استثمارك، فلا تقلق، هناك من سيدافع عنك وعنها بصرامة.
أما الأصوات التي ستتحدث عن ان المدافعين عن استثماراتك يريدون تحطيم كل الجهود الرامية للارتقاء بالجامعات بعد الانهيارات المحزنة التي أصابتها. فلا تكترث بها. لأنها مجرد ظواهر صوتية اعتادت المعارضة.
هل تريد شاهدا على ما أقول؟ حسنا. ألم تتحرك مذكرة نيابية تطالب رئيس الوزراء بتجميد قرار مجلس التعليم العالي رفع الحد الأدنى للقبول في الجامعات الرسمية والخاصة لمدة سنة على الأقل؟
ألم أقل لك. أنت محمي. وسيدافع عنك الكثيرون بصرامة.
في بعض الملفات ترى شخصيات في الدولة تجتهد بفعل مؤسسي جاد يسعى الى النهوض بالمجتمع، لكن ترى في المقابل سيلا من الرفض لهذا الجهد.
رأس المال ذو سطوة. انت ذو سطوة، طالما تمتلك المال، ولك الكلمة. أما إذا ما تعارضت كلمتك مع كلمة المجتمع بأسره، فلا تقلق، فكلمتك هي العليا.
وزير أراد أن يحقق نهضة أكاديمية أردنية تعيد للاردن اسمه - او لعلها تعيد - لكن ما ان يعلن هذا الوزير او ذاك خطته حتى تبدأ الحكاية ذاتها.
ألم أقل لك. انشئ جامعة فهذه تجارة رابحة.
ليس هذا وحسب. بل نضمن لك ان تعالج كل العقبات التي تواجه استثماراتك بسهولة ويسر، حتى لو كنت نفسك سببا رئيسا فيها.
على سبيل المثال. ماذا لو اندلعت مشاجرة مسلحة في جامعتك؟
لا تتوتر. سيخرج النواب أنفسهم يصرخون بالوزير نفسه بانه فاشل في معالجة العنف الجامعي، بل ويساهمون في تحويل الحرم الجامعي الى مضارب عشائرية "لصب القهوة السادة".
حسنا. دعني أطرح عليك السؤال مرة أخرى. ماذا لو تجرأ وزير ورفع الحد الأدنى للقبول في الجامعات الرسمية والخاصة؟
انت تعلم ما الذي سيجري. ستجد ٤٥ نائبا يوقعون على مذكرة يطالبون فيها بتجميد القرار لمدة سنة على الأقل.
اما إذا سأل سائل لماذا الانتظار عاما على حالة مأساوية وضعنا فيها جامعاتنا بأسوأ صورة محليا وعربيا ودوليا؟ وهل يعني طلب الانتظار حتى يتسنى للاستثمارات المالية لترتيب اوضاعها؟ فقل ببساطة نعم. بل إن نوابا سيقولونها عنك.
ويقولون ايضا "توقيت القرار غير مدروس ما سيؤدي الى ارباك الطلبة وذويهم». "وأن القرار لم يأخذ بعين الاعتبار اعطاء الجامعات الخاصة فترة زمنية كافية لترتيب أوضاعها بما يتناسب مع التأثيرات المتوقعة".
ألم أقل لك.
وماذا لو سأل احدهم: لماذا نؤجل مستقبل الامة حتى يستطيع رأس المال ورجال الاعمال الانسجام مع القرار؟ فلا تجب. فقط لا تجب. وانتظر الاستجابة المثلى لتخويف النواب للوزير المسكين.
إنه عبث يا سادة.