اتصل بنا
 

هزال حراكي وسط عربدة رسمية

نيسان ـ نشر في 2017-09-07 الساعة 19:12

x
نيسان ـ

رغم السخرية التي اجتاحت صفحات شبكات التواصل الاجتماعي من تصريحات المسؤولين الأردنيين وهم ينفون أي مساس سلبي لرفع الأسعار وفرض الضرائب على الطبقة الفقيرة، إلا أن الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني أراد أن يجرب حظه هذه المرة، وهو يقول 'التوجه الضريبي سيراعي الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل'، ولا ندري عن أي طبقة وسطى يتحدث؟ وهل آمنت الحكومة بأن مجتمعنا مكون من طبقات؟ واذا كان هناك بقية للطبقة الوسطى وتريد الحكومة أن تراعيها، فماذا عن الطبقة المعدمة؟ وعلى اي طبقة تحسب الحكومة نفسها؟!
وبما أن الناطق الإعلامي صار خطابه ماركسيا ويؤمن بالتقسيم الطبقي للمجتمع ، فلا بد انه يعلم ماذا وراء هذه المغازلة، وباسم اي طبقة يتحدث لينجز تحالفا ضد فقراء الوطن، وخطابه المتعالي هذا يفضح انتماء الحكومة للطبقة المُستغِلة وتواطئها لضمان مصالحها على حساب الفقراء والمهمشين من ابناء الوطن.
يوما ما تندر الأردنيون بتصريح موازٍ يقول الحكومة : المطر لن يمس ولن يبلل شرائح المشاة على الأرصفة والشوارع الأردنية.
تجلس أمام الشاشة سارحا في تصريحات وتسريبات الحكومة، ثم تسأل نفسك إن كان مسؤولوها أنفسهم يصدقون ما يقولونه، ربما لا يحتاج المسؤول الأردني أن يصدق ما يقوله فهو يدرك ويدرك معه الرسمي أن الكلام لا طائل منه، ولا ضرر من الإكثار منه، فما هو إلا قنابل دخانية ' بفقعوها' بوجه المواطن لتمرير مآربهم ومآرب طبقاتهم الجشعة.
تشعر الحكومة بالنشوة، والقوة، وأنها صاحبة سطوة، لا بل ويمكنها أن تفعل بالناس ما تريد، فتفرض الضرائب، ومسؤولوها يمارسون العنجهية بقوة القانون، فمصر انتهت، وسوريا 'خلصت'، وتونس تشد الرحال إلى عهد زين العابدين بن علي، واليمن سينشغل إلى حين بقاته.
المسؤولون الاردنيون يرون كل ذلك بعيونهم، ويستندون إلى 'حلم' شعب حمى وطنه برمش العين، على أن هذا الحلم يكاد يقول للحكومة 'اتقِ شر الحليم إذا غضب'.
كيمياء السياسة الأردنية تفترض أن المنطقة عادت إلى عهد ما قبل 2011، وأن الدولة العميقة في شوارع عمان يمكنها ان تعربد كما تشاء. إنهم مسؤولون وإنها بلطجة رسمية تفرض الاتاوات على المحال والمنازل ورواتب الموظفين بقوة القانون، فيما الحراكيون حتى اللحظة يكتفون بالفرجة من بعيد.
وكأن حكومة الدكتور هاني الملقي رشّت الماء البارد على وجه الحراك الشعبي فأيقظته من سبات عميق، إذ استجاب حراكيون لتسريبات الحكومة عن قانون ضريبة الدخل الجديد بوتائر مختلفة عن المعهود، فرفعوا شعار إسقاط الحكومة على واجهاتهم الإلكترونية 'الفيسبوك'، كخطوة أولى للملمة أوراق الحراك وإعادة ترتيبها مجدداً.
الحراك الذي انطفى منذ أواخر 2013 نتيجة عوامل كثيرة؛ داخلية وخارجية يتململ في فراشه الساخن، على أمل أن يستعيد عافيته، بعد أن انجذب له من ظنوا قديما أن الحراك الشعبي سيهدد أمنهم واستقرارهم، لكنهم اليوم معنيون بإنجاحه أكثر من الحراكيين أنفسهم.
اليوم، لا بندورة سترمى على الحراكيين ولا بلطجة ستمارس عليهم، فقد تكفلت الحكومة بتحويل الجميع إلى خصوم حقيقيين، ولن يوقفهم شيء إذا حانت ساعة الصفر وجاءت لحظة الحقيقة.
من يتابع المشهد في المحافظات يدرك أن الأردنيين طلقوا صبرهم بالثلاثة، وصارت البينونة بينهم وبين الحكومة كبرى، وأن الأيام القادمة لن تكون سهلة على حكومة تتعامل باستخفاف مع قضايا وطنية حساسة، وتمد يدها في جيوب ومداخيل الشرائح الأكثر فقراً في البلاد، بدلاً من تحسين دخولهم وإجراء جملة إصلاحات اقتصادية تبدأ بمعالجات حقيقية للفساد وأسباب تفشي العجز المديونية بعيداً عن الجيوب المفرغة أصلاً.

نيسان ـ نشر في 2017-09-07 الساعة 19:12

الكلمات الأكثر بحثاً