اتصل بنا
 

حادثة سجن (السواقة).. الشرطة بين فكي المركزية وترهل الإدارات

نيسان ـ نشر في 2017-09-24 الساعة 19:20

x
نيسان ـ

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نمر مرور الكرام على ما 'شاهدناه من مواس وسكاكين وعصي ومطارق حديد بالجملة' في صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد السيطرة على حالات الشغب التي ماجت بها مهاجع نزلاء سجن سواقة، في أعقاب تنفيذ الشرطة حملات تفتيش.
لماذا لم تكشف عملية التفتيش عن كل هذه الأسلحة؟ وكيف دخلت الأسلحة البيضاء إلى المهاجع رغم الرقابة المشددة على مركز الإصلاح والتأهيل؟.
أن تقرر إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل في مديرية الأمن العام توزيع 151 من مثيري الشغب في سجن سواقة على عدة مراكز إصلاح وتأهيل حول المملكة، فهذا ذر للرماد في العيون لا أكثر، نريد حلولا جراحية لا تجميلية.
لا نريد لجهاز تنفيذي بحجم كل الوطن يعمل وفق سيادة القانون وقواعد الشرعية 'ويثقل كاهله' الخلط الذي يظهر بين الاعتبار الشخصي والاعتبار المهني، أن يكون حبيس أوراق مخالفات يجري تحريرها كيفما اتفق في شوارع المملكة، بل نريده جهازاً تنفيذياً يسعى إلى مأسسة العمل الشرطي بكفاءة واقتدار، وهذا لن يتم إلا إذا آمن صانع القرار الرسمي بحتمية التغيير في بنية الجهاز ومدّه بسواعد شابة ورؤى ثاقبة.
لا شك أن حادثة سجن السواقة 'الدموية' كشفت عورات ومواطن الخلل والضعف في الجهاز الشرطي الذي لا يزال يعاني من نظريات الأمن الشامل القديمة وهي التي تعني مركزية الأمن، في وقت تشتد حاجتنا به إلى ربط بعض تلك الأجهزة إداريا بالسلطات التي تحتاجها مباشرة، مثل ربط جهاز الشرطة 'المعني' بعمليات الإحضار والتبليغ وإدارة السجون وأمن المحاكم بوزراة العدل، وكذلك إتباع شرطة السير لوزارة البلديات.
تقسيم العمل الشرطي وفق هذه المعادلة، هو عملية إدارية متطورة، وتخرج الجهاز من مشاكل المركزية والشمولية، وتفتح له نافذة على إمكانية العمل وفق مبدأ التخصصية في العمل الأمني المهني، بعد أن يكون تخفف من حمولته
الزائدة.
اليوم، وفي الوقت الذي يتوجه به العالم المتحضر إلى إعادة النظر في جدوى عقوبة السجن لا تزال 'السجون' تعج بالموقوفين والمحكومين، إضافة إلى مئات الألوف من المطلوبين على قضايا معظمها مالية، وهو ما يثقل كاهل الموازنة بالصرف على المساجين، ولا سيما أن السجين الواحد يكلف 600 دينار شهرياً، حسب الأرقام الرسمية، ما يعني أن كثيرا من القضايا تكلف أكثر من ديون المحكومين.
لا شك أن المؤسسة الأردنية ستكون قادرة على خلق المعادلة الصحيحة بإعادة الهيكلة لجهاز الشرطة، وبما يحقق مقاصد العمل الشرطي، ويتفق مع حقوق الإنسان، والدستور، في تماهٍ مع ما يشهده العالم من تقدم وتطور إداري يحسّن في نهاية المطاف من نوعية وآداء العمل المؤسسي بدلا من تركه رهين النظم البيروقراطية المتكلسة.

نيسان ـ نشر في 2017-09-24 الساعة 19:20

الكلمات الأكثر بحثاً