اتصل بنا
 

محدّقة في عين الغد

نيسان ـ نشر في 2017-10-02 الساعة 16:18

ندوة تناقش صعوبات المرأة في سوق العمل وتطالب بتطوير القوانين المجحفة، وتشهد هجومًا كاسحًا من معقبين محدودي الثقافة.
نيسان ـ

على هامش ندوة متخصصة، تناولت واقع المرأة في سوق العمل من حيث الصعوبات العديدة التي تواجهها، كذلك من حيث التمييز في قيمة الراتب وإغلاق بعض المؤسسات أبوابها في وجهها، بذريعة أنها أقل كفاءة من نظيرها الرجل، كونها مسؤولة عن إدارة بيتها ورعاية أطفالها، كما أنها تكبد المؤسسة خسائر مادية، بسبب إجازة الأمومة التي تصل إلى ثلاثة أشهر مدفوعة الأجر بموجب قانون العمل. وبالتالي، قد يرى رب العمل أن الاستفادة من خبراتها تكون أقل جدوى. تناولت أوراق الندوة الطموحات والأهداف التي تسعى المرأة العاملة إلى الوصول إليها من خلال المطالبة بتطوير وإعادة النظر في القوانين المجحفة المتعلقة بها.
شهدت الندوة حشدا نوعيا من المختصين، حقوقيين وأكاديميين وكتاب وإعلاميين وناشطين، كما طغى الحضور النسوي، ولم تخل القاعة من طبيبات ومهندسات ومدرسات جامعيات وموظفات حكوميات، وحتى ربات بيوت مهتمات بالشأن العام، انبرى أحد المداخلين من الوجوه المألوفة الموجودة بصورة دائمة في كل المحاضرات والندوات، على اختلاف عناوينها، وهو ينتمي إلى نموذج مدع سطحي ميال إلى الاستعراض والدراما وإثارة الجلبة، ممن يحرصون في هذه التجمعات على احتلال المقاعد الأمامية، والإصرار على المشاركة في التعقيب على المتحدثين والمناكفة المجانية، بغض النظر عن مدى اطلاعهم ومعرفتهم بموضوع الندوة، وفي إصرار على تأكيد الاختلاف والمشاكسة، مستغلا دماثة مدير الجلسة الحريص على انتظام سير الأمور وإدارة الحوار بشكل حضاري، يضمن لمن يرغب من الحاضرين بالمشاركة وإبداء الرأي من دون تجريح أو إساءة، شن (أخونا) المعقب الملهم، قدّس الله سرّه، هجوما كاسحا فجّا لا ينم عن أي ثقافة من أي نوع، ولا يشي بذوق في انتقاء الألفاظ أو لباقة التعاطي مع الفكرة، رافضا بحدّة عمل المرأه، معتبرا إياه ترفا واعتداء على حقوق الرجل، واستيلاء على فرص العمل المتاحة له، ومكيلا أقذع الصفات على المرأة العاملة، مشكّكا في أهليتها أما وزوجةً، مستهينا بمشاعر الحاضرات، مستشهدا بأمثلة من واقع سواليف أصحابه وتجاربه الشخصية في الحياة التي بدا جليا أنها لم تتجاوزالصفر!
لحقه معقّبٌ آخر من الصنف محدود الثقافة ذاته، في خطابٍ لا يقل ركاكةً وفجاجةً، محاولا إقناع رفيقه الممانع بأهمية عمل المرأة، وذلك من باب التسامح والإحسان، كما لو كان حق المرأة في العمل، وكأنه أعطية ومكرمة جاد بها سيادته علينا، كثر الله خيره، بل إنه، وفي سياق دفاعه عن الفكرة، قال إن المرأة العاملة تحظى بفرص زواج أفضل، في حين تقبع غير العاملة في بيت أهلها، وتبور مثل بضاعة كاسدة، ويقف حالها، لأن شباب هذه الأيام بحاجةٍ إلى عون الزوجة في سد متطلبات الحياة الباهظة، غير منتبهٍ هو وأمثاله إلى أن سؤال عمل المرأة لم يعد مطروحا من أصله، بل هو واقع ومطلب معيشي وضرورة نفسية وشرف لنا جميعا. من هنا، لا بد من التصدّي بحزم لهذا الطرح الذي ينطوي على هيمنة فكر ذكوري متحجّر، عفا عنه الزمن، في وقتٍ تألقت فيه المرأة، وعملت وكدّت وسهرت وجاهدت في كل المهن النبيلة في سبيل كرامتها وكرامة أسرتها، كما أنها ناضلت وأسهمت باقتدار في الثورات المجيدة، واستشهدت، وغيرت وجه التاريخ بحضورها الندّي القوي، لم تكن متواريةً كخطيئة خلف الرجل العظيم، كما يروج الخطاب التقليدي البائس، بل وقفت بجانبه تماما، محدقة في عين الغد بإصرار وتصميم وجسارة صناع الحياة وصانعاتها، ليس أقل.

نيسان ـ نشر في 2017-10-02 الساعة 16:18


رأي: بسمة النسور

الكلمات الأكثر بحثاً