اتصل بنا
 

سقط المعلم

نيسان ـ نشر في 2017-10-09

ضرب معلم أردني حتى فقد الوعي في ساحة مدرسة أردنية.
نيسان ـ

تعرضَ معلمٌ أردنيٌّ للضرب المبرح حتى فقد الوعي، صباح اليوم الإثنين، في ساحة ِ مدرسةٍ أردنية تتبعُ لقرية أردنية من قرى البؤس والجوع.

اجتمعَ رجالٌ على بوابةِ المدرسة ودعسوا كرامة العلم والتعليم بينما يبطحون المعلم أمام الطلاب والزملاء. ضُرِبَ المعلم حتى غاب عن وعي الدنيا ونقل إلى أقرب مستشفى. 'بُطِحَ المعلم على الأرضِ'، جملةٌ تفيدُ حصة اللغةِ العربية، تحديدًا في باب النحو.

ضُرِبَ رجلٌ واحدٌ بسواعدِ رجالٍ همّجٍ في مساحةٍ تقدر بـ 5 متر مربع، جملة تفيدُ في حصة الفيزياء، تحديدًا لاحتساب الإرتفاعات التي حصدها الأستاذ أثناء ركله ورفسه. 'يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ' حديثٌ سيناقشه أستاذ التربية الإسلامية ويربطُ بينه وبين ما حدث لزميله المُهَان. 'انتفضي يا نقابة المعلمين' جملة على نقيب المعلمين أن يرددها الآن برسائل نصية لأعضاء الهيئة الإدارية.

لا بدّ أنَّ الطلبة سيتداولون مشاهد غزوة المعلم، سيصفون كيف كانت الكدمة الأولى وكيف خرّ المعلم والتعليم على بلاط لم ينظف منذ أسبوع، كذلك لن تغيب عن أذهانهم فانتازيا خبط المعلم بالجدار الآيل للسقوط على دولة المؤسسات. رعبٌ كبيرٌ أن يضرب المعلم، مصيبة كبرى توازي تقويض نظام الحكم. سقطَ المعلمُ ولفظَ 'آه' كبيرة، 'آهٍ' أكبر من بقايا راتبه الشهري في جيب القميص، أقوى من القميص الذي تمزق ولم يشتر مثله منذ شهور طويلة.

'آهٍ' تشبه دفاتر التحضير التي سكب على أكثرها قهوة رديئة يشربها المعلمون مع سجائر رخيصة تظهر من جيوب قمصانهم. تخيل كيف ينام المعلم على الأرض ويظهر القليل من ظهره أثناء 'الرفس'، تخيل وليعتصر قلبك معي على صورة المعلم التي نعرفها ويجب أن تبقى على حالها رغم أنف الصلحة العشائرية التي ستقام ليسقطَ المعلم حقه الشخصي.

المعلمُ النبي، المعلمُ الأب، المعلم القدوة، حتى لو كان معدمًا ولا يملك الوقت والأمل والدافعية ليدرس طلابه الإبداع ويضبط غرفته الصفية، ذلكَ أنَّه مهشم ومُعدم ولا روح فيه إلّا روح دفع الفواتير والاستهلاك والطأطأة لأن الراتب الشهري ينتهي بعد أن يسيل من الصرآف الآلي.

معلم يراقبه المدير الجبان الذي يحرص على صوت السلام الملكي أكثر من هيبة معلم شتم أمه طالب أو ضربه ولي أمر رديء. هذا معلمٌ يُضْرب! معلمٌ يهان بإهانات توازي إهانات الأم والأخت والأب وكل عزيز على كرامة البشر. مـــــــعــــــلم تحت الأقدام. أرجوكِ انتفضي يا نقابة المعلمين، او اسمحي لنا بحمل الأسلحة الأتوماتيكية لنحمي أنفسنا من الضرب ومن المادة 209 التي لا تحمي نفسها.

نيسان ـ نشر في 2017-10-09


رأي: علي عبيدات كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً