حزب التيار الوطني.. قصة موت معلن
نيسان ـ نشر في 2017-10-10 الساعة 09:23
محمد قبيلات...لم تركّز صحافة التدخل السريع على جوهر قصة قرار حزب التيار الوطني حل نفسه، واكتفت فقط بالعنوان كخبر مثير، وتجاهلت، في الوقت نفسه، ما قاله السياسي المخضرم عبد الهادي المجالي حول تهميش الأحزاب وعدم جدوى عملها في ظل التشريعات الحالية.
بداية قرار الحل هو خطوة احتجاجية، من قبل المحافظين، على هيمنة تيار الليبرالية في السياسة الأردنية، لأن المشاكل التي تواجه الحزب موجودة منذ تأسيسه، ولم يجّدُ أي جديد، غير توصل الباشا المجالي ورفاقه إلى قناعة راسخة بلاجدوى العمل الحزبي في الأردن.
اذا أردنا الحديث عن الحزب وتاريخه، فلا بد أن نعترف أنه عندما تأسس في التسعينيات لم يكن حزبا بمعنى الكلمة، بل كان تجمعا، أو فعالية تلتف حول شخصية سياسية يعتقد الجميع أن لها مستقبلا سياسيا، وهذا فتح الباب لانخراط أعداد كبيرة من المتنفعين والمستوزرين في صفوفه.
ولم يتأسس الحزب فعليا كحزب برامجي إلا عندما بدأ الحوارات والمراجعات الداخلية والخارجية في محاولة لتلمس الطريق نحو عمل حزبي جاد، وبدأنا نسمع بتوصيف الحزب الدستوري نفسه كتيار دمج معه جماعات وتوجهات أخرى، وإن كانت كلها موالية بما فيها الدستوري نفسه، لكنها أخذت الطابع الحزبي الذي لم يكن ينقصه سوى توفر الرغبة الرسمية بظهور أحزاب قوية.
لكن، وللأسف، هذه الرغبة لم تتوفر، وغابت التشريعات التي تشكل البيئة المناسبة لنمو الأحزاب بالشكل الجدي، سواء من خلال قانون أحزاب عصري، أو قانون للانتخاب، والحقيقة أن قانون الانتخاب هو الذي يشكل الأحزاب ويمنحها القوة، فاذا لم يكن القانون نسبيا لن يفسح للأحزاب البرامجية مكانا في الخارطة السياسية.
الأحزاب القوية تتشكل من خلال قانون انتخابي يعطي للحزبية الدور الحاسم في الوصول إلى البرلمان، لأن الحزب السياسي هو مشروع معلن غايته الوصول إلى السلطة، واذا كان النظام لا يقر بتداول السلطة فإنه لن يسمح بوصول الأحزاب للبرلمان.
في تاريخ الأردن السياسي الحديث جرت الانتخابات مرة واحدة على هذا الأساس، أوصلت حينها المعارض سليمان النابلسي إلى رئاسة الوزراء، لكنها تجربة يتيمة وانتهت نهاية حزينة، إذ أقيلت الحكومة وتم حل مجلس النواب وألقي ببعض اعضائه في السجن.
حل حزب التيار الوطني حدث يجب أن يأخذ اهتماما اردنيا كبيرا، وعلى المستويات كافة، لأنه يؤشر إلى موطن الخطأ في عملية تداول السلطة، والذي إن لم يتم حلّه بالشكل المناسب، فإن الحياة السياسية ستبقى متوقفة وأسيرة لبعض الرغبات فقط، وهذا لن ينتج شراكة حقيقية تفتح الباب لتطور المجتمع الأردني ومؤسساته وتغلقه في وجه التطرف.