لصوص الأحلام

نيسان ـ

بينما انا في مكان ما في بلد ما.. منتشيا بمشروب مكسيكي حلو المذاق بالرغم من ملوحته.. في خلوةٍ أسبوعية.. وبينما صوت ماجدة الرومي بأغنيتها كلمات.. تتراقص بعذوبة رائعة في مسامعي.. تلك الأغنية التي لطالما كانت تحملني بعيدا عن طاولتي بعيداً لتغرسني بأحلامي..

أحلامي التي ولدت وكبرت برفقة احلام أبناء وطني الأردنيين.. أحلام حرضت عليها نجاة الصغيرة عندما غنّت.. أرخت عمّان جدائلها فوق الكتفين.. وزاد تلك الأحلام علواً جوزيف عازر عندما قال.. لاكتب اسمك يا بلادي على الشمس اللي ما بتغيب.. و اشعلتها اغنية..
وطني الشمس بتفخر إنها بتكتب إسما فوق ترابك..
وطني المجد أتمنى يبقى آخر كلمة بقلب كتابك..

وحلقت بها لأبعد مدى سيدة الغناء العربي فيروز عندما غردت..
أردن أرض العزم أغنية الظبا.. نبت السيوف وحد سيفك ما نبأ..
في حجم بعض الورد إلا إنه.. لكشوكة ردت إلى الشرق الصـبا..
فرضت على الدنيا البطولة مشتهى.. وعليك ديناً لا يخان ومذهبا..

أغانٍ وأشعار يفهمها ويحس بها الاردني الذي تربى على نشرة اخبار الثامنة مساءاً التي تقدمها سوسن تفاحة و غالب الحديدي.. وافلام الكرتون التي كانت تبدأ بعد الساعة الرابعة.. بقوة ساسوكي ومثابرة عدنان ليحب لينا.. تلك الأغاني التي جعلت من كل أردني يحس بسببها أنه فارس.. نصفه بشر ونصفه اله.. لذلك دعوت الساقي وقلت له اعدّ لي فرسي و سيفي فأني ذاهبٌ للقتال.. ذاهب كمقاتل.. وذلك الزي الخيالي البسه بعد سماعي لفيروز ونجاة الصغيرة وأشعار حيدر محمود.. هؤلاء الذين جعلونا نحلم..

عندها افاقني الساقي من أحلامي.. وقال لي بيروني مكسيكاُ سيدي؟

فقلت له لا.. أنا ابن أرض العزم.. أنا ابن وطن كتب إسمه على جبين الشمس.. فقاطعني الساقي وقال: سيدي لا يوجد فرس.. ولا يوجد لدينا سيف.. وليس هناك من معارك..

قال لي الساقي: ان نجاة الصغيرة تحتضر هذا إن لم تكن قد توفيت.. ورافع شاهين لم يعد موجودا.. والشمس لا يكتب عليها اسم وط..، لأنها أبعد من أحلامك.. والشمس تحرق ما يكتب عليها..

قال لي الساقي: سيدي أنت الان في بلد ما.. في مكانٍ ما.. في بلد ما تحاول أن تجد وطن.. والوطن لا يتغير..
سيدي.. وطنك حيث نخلت التراب بغطاء علبة الماكينتوش.. الوطن هو ملعب كرة القدم بحاكورة جاركم.. وطنك هو المكان الذي تمزقت به كرة قدمك بسكينة الفواكة بيد ابن عمك عندما هزت كرتك قطوف زيتونته..

سيدي وطنك: حيث كتبت ومزقت أول رسالة حب لحبيبتك.. حبيبتك ذات المريول المدرسي الأخضر.. حبيبتك تلك التي تنتعي بوط الاديداس..

قال لي الساقي: سيدي.. ماجدة الرومي لم تعد تغني واغنية اعود وكلي حنين اعود سرقت.. و اغنية كلمات ليست كالكلمات انت أخر المستمعين لها..

قال لي الساقي: سيدي.. بوطنك سارقون.. بوطنك لصوص.. سرقوا حلمك.. وفي وطنك سرقة الحلم ليست جريمة..

سيدي... بوطنك من خلق الأحلام، جلبوا نجاة وماجدة الرومي، وحيدر محمود.... ليخلقوا حلما.... ومن ثم يسرقوة

فقلت: أيها الساقي اليك المشتكى!
عمان تلك الفاتنة التي ارخت جدائلها اغتصبت.. بعلب مياة الصحة الملقاة على عتباتها.. أغتصبت بكؤوس قهوة العميد التي امتلأت شوارعها بها..

عمّان تلك الفاتنة التي أرادها المجد عروساُ له.. سلب جمالها باص سريع لم ينجز.. بمترو شق عذريتها زورا وبهتانا بالمحافل الاقتصادية.. عذريتها التي لم تعرف زوجاُ حلالا غير باصات رغدان السلط بكونتروليتها ملوك الطرقات..
عمّان التي جمعت الكوفية الحمراء و السوداء.. جمعت المسيحي و الملحد والمسلم.. عمّان انطلق منها قاتل حتر و سجّان عماد حجاج..

أيها الساقي :
لماذا وزراؤنا سرقوا احلامنا.. اجبني..
سيدي.. أنا الساقي.. أنا بائع الاحلام.. وأقول لك ولكل أردني سرق حلمه: كل ما استيقظت من سكرتك اجذب الزق اليك واتكىء..

#الانسان_المهدور
#مايجب_ان_يقال