اتصل بنا
 

أيمن الصفدي.. حياد سلبي في زمن الحرب

نيسان ـ نشر في 2017-11-21 الساعة 16:39

x
نيسان ـ

ماذا لو اندلعت حرب في المنطقة بين إيران والمملكة العربية السعودية ثم جرى توظيفها طائفياً؟ ماذا سيفعل الأردن الرسمي وأي المسارات سيتخذ؟ وهل سنستبدل سياسة العمل بالقطعة لصالح العمل برؤية وموقف وطني ينحاز إلى أمن المملكة ومصالحها الوطنية أولاً وأخيراً؟
تلك الأسئلة وغيرها لا بد من مواجهتها بدلاً من التغني بحديث وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي خلال اجتماع وزراء الخارجية في القاهرة قبل أيام.
من الجيد أن نتحدث عن الاحترام المتبادل في حسن الجوار مع دول الإقليم، لكنه لا يكفي لمأسسة رؤية سياسية تستشرف مستقبل منطقة ابتلعتها الأزمات والحروب وتداعياتها، وجلس على طاولة الحل والربط فيها الأمريكي والروسي والإيراني والتركي فيما يتكفل العربي بوسائل وكلف الإنفاق من نفطه ودراهمه، أو التنازل عن أرضه ساحة لصراع القوى الدولية.
علينا أن نقرأ حديث الصفدي بأنه مجرد كلام سيفهمه العربي والغربي بأننا مواصلون مهمتنا في البقاء على رأس الشجرة، بعد أن حرفنا نظرنا عن حالة التراجع في علاقاتنا الخارجية، وفضلنا سياسة الانطواء على النفس بدلا عن القيام بأدوار عربية تعيد لعمّان حضورها الدبلوماسي سواء في انخراطها كفاعل في الأحداث أو في تأمين قنوات الاتصال بين الخصوم من دون كلف الاصطفاف والتخندق بين المتحاربين.
ما أسماه الصفدي بالاحترام المتبادل هو نفسه الجزء المفتقد في وزن علاقاتنا الخارجية، وخاصة إذا ما تحدثنا عن الأزمة الدائرة اليوم بين إيران والسعودية، أو في أزمة الخليج المتفاقمة، وقبلها الأزمة السورية، وكذلك المصالحة الفلسطينية أو غيرها من ملفات المنطقة الساخنة.
فشلنا في نسج علاقات خارجية تتيح لنا التأثير بما يجري حولنا من علاقات متوترة، أو في أقلّه تأمين وحماية مصالحنا ووجودنا، ولن يفلح حديث الصفدي لزملائه في التعمية على أوجاعنا أو تبريدها أو مداواتها.
لا يوجد للأردن علاقات دافئة ديبلوماسياً مع الحكومة اللبنانية والأحزاب والقوى هناك، ولا مع البيت الخليجي من الكويت وحتى مسقط، الذي ترك عمان تواجه أكلاف اللجوء وحدها، مع استثناءات قليلة لا ترتقي لمستوى التعويل عليها في بناء تصور عربي لمآلات العلاقة بين إيران والسعودية، وهو ما يعني بقاءنا خارج السياق السياسي بلعبة الإقليم اليوم، ولا علاقات قوية مع الجارين اللدودين، تركيا وإيران، فضلاً عن أن علاقتنا مع 'إسرائيل'، رغم تحفظّنا الشعبي عليها في تراجع لأسباب تخصّها هي لا عمّان.
لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها ومن دون تجميل؟ ولماذا لا نعترف بان الأردن في علاقاته الخارجية لا يزال يمارس دوره في الحياد السلبي منذ نحو العامين بلا خطة ولا رؤية؟ وهل يدرك الرسمي أصلاً ماذا يريد من كل ما يحدث حوله؟.
بصراحة كان حلفاء الصفدي يروجون لعلاقات صديقهم المتينة مع قوى يمينية أمريكية منذ انتخاب ترامب وأنها مقرّبة من هذا الأخير، لكن ماذا فعل الرجل منذ توليه حقيبة الخارجية في مياه الإقليم ورمالها المتحركة سوى الإنشاء وفن الخطاب التوفيقي الذي لا يعبر إلا عن وجودنا خارج اللعبة، في محاولة يائسة لتجسير العلاقة مع الجميع، لكن صديق الجميع ليس صديقاً لأحد يا معالي الوزير.
نريد أن نسال وزير خارجيتنا التالي: ماذا يريد الأردن من كل ما يحدث حوله؟ وهل نمتلك تصوراً أو تقدير موقف حقيقياً سواء بوزارة الخارجية عن مستقبل الصراع السعودي الإيراني؟ وما هي خياراتنا إذا اتجهت العلاقة بين طهران والرياض إلى مزيد من التصعيد أو إلى التهدئة؟.
الخشية أن تكون السعودية وغريمتها إيران أبعدتا الأردن عن مجالهما الحيوي والسياسي كما جرى إبعادهما سابقاً من تفاصيل وعناوين المصالحة الفلسطينية، تّم علينا استبدال نظرية 'التعفف' الديبلوماسي بتقدير موقف وطني يصبح معه الإبعاد عن مسرح العمليات مجرد أمانٍ لا تغادر دائرة الأحلام.

نيسان ـ نشر في 2017-11-21 الساعة 16:39

الكلمات الأكثر بحثاً