اتصل بنا
 

محمود الخرابشة.. أسير ثقافة الإنكار

نيسان ـ نشر في 2017-11-22 الساعة 12:18

x
نيسان ـ

أخطأ النائب السابق محمود الخرابشة في معالجته شكوى صبية قالت إنها تعرضت لتحرّش جنسي 'مزدوج'، خلال برنامج 'شباب توك' وانساق كثيراً في مشهد المؤامرة الكونية على بلاده، وبدلاً من الإنصات لقصة الضحية راح يعلّق بمداخلات مستفزّة لا طعم لها ولا لون.
نعم، هناك تحرش جنسي في كلّ بقاع العالم، وهو لا يختص بمجتمع أو ثقافة دون غيرها، وحتى مشاهير العالم وقعوا في فخ التحرش، وما حادثة التحرش التي تعرضت لها الممثلة الأمريكية كيم كاردشيان ورئيسها الأمريكي دونالد ترامب إلا شواهد على انتشار الظاهرة في المجتمعات المتحضرة أيضاً .
لا تزال المجتمعات 'المحافظة' تحمّل الفتاة عبء التحرش بها، وسط مجتمع ذكوري ربّى بأعماق أغلبنا متحرشاً صغيراً يرى في الفتاة مجرد وجبة دسمة لنظرته وشهوته، في تعارض لسلة من القيم والعادات التي غالت في رمزية المرأة وحمايتها.
في مشهد الخرابشة تتجلّى نظرة دونية للإعلام بعد أن تعرض خلال عقود طويلة لجملة من الانتهاكات الرسمية انتهت به إلى محترف للفزعة مقابل ابتعاده عن دوره الأساسي في متابعة قضايا الناس والدفاع عن حقوقهم، فصار من الطبيعي عنده وضع الإعلامي في سلة المسحجين وإلا سيدفع كلفها عالياً من رصيده واستقراره.
لو صبر الخرابشة لبرهة ومارس دوره 'الأمني' في التحقيق مع الفتاة عن موضوع شكواها، -وهذا ينسجم مع خبرات رجل قدم للعبدلي بخلفية أمنية- ربما استطاع إظهار نتائج أخرى تقنع الناس وترضي الرسمي من دون شيطنة المذيع وتهديده ولا التشكيك بكامل ما تقوله الفتاة جملة وتفصيلاً. لكنه تسرع ومارس كل أشكال العنف اللفظي التي تحوّله غلى جلاد بغض النظر عن رجاحة ما يقول.
يدرك الأردني أنه لا يتنفس هواءه وسط مدينة أفلاطون الفاضلة، ويدرك أيضاً أنه يعيش وسط بيئات اجتماعية تضم 'الملاك والشيطان' وأن مداواة الكوارث والجرائم لا تكون بالصوت العالي وبثقافة الإنكار، إنما بإجراء معالجات جراحية تأخذ باعتبارها أهمية تطبيق القانون في حماية الناس من أنفسهم.
يرفض المهتمون والمشتغلون في الشأن الاجتماعي مواجهة الحقائق الشائكة في مجتمعاتهم، فحتى اللحظة يمارسون الإنكار لوجود مثليين ومتحولين جنسياً بينهم، وحتى اللحظة يرفضون الاعتراف يجرائم الشرف وخاصة تلك التي ينفذها أشقاء بحق شقيقاتهم او أبناء بحق والدتهم في تفضيل لمجارة مزاج شعبي بدلاً من مواجهته بأفق علمي تنتهي مع الأيام بمحاصرة تلك الجرائم على نية اجتثاثها.
علينا التخلص من حالة الانكار الأعمى، والبعد عن الجمل والأسطوانات المشروخة كلما وقعنا في مشكلة اجتماعية، فجملة 'هؤلاء لا يمثلون الأردنيين' غدت مبتورة عن سياقها، وإنها لطامة كبرى أن يعتقد الجنرال المتقاعد أنه يمثّل الأردنيين مثلاً، كما ولا بد من لحظة جريئة نعترف بها بأن بيئة الجهل والتخلف رعت المتحرشين والمتطرفين بيننا وعلينا مواجهتهم اليوم لا غداً.

نيسان ـ نشر في 2017-11-22 الساعة 12:18

الكلمات الأكثر بحثاً