اتصل بنا
 

القدس عاصمة لاسرائيل منذ وقت طويل .. ولماذا اليوم يعلن ترامب القرار التاريخي ؟

كاتب وباحث في الشؤون الدولية

نيسان ـ نشر في 2017-12-06 الساعة 20:56

نيسان ـ

مشروعيه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فكرة ومشروعية ليست وليدة اليوم , بل هي صدمه لأصحاب العقول البسيطة الحزبية الذين ربطوا مصالح أحزابهم وبلدانهم على مصالح دول جوارهم العربية وأهمها القضية الفلسطينية , حيث ربطوا قوميتهم العربية بقوميات غير عربية كالفارسية والعثمانية , عاقدين أحلام العصافير على الأخيره إرجاع قضيتهم وحلها.

هذه الخطوه متوقعه منذ زمن بعيد , أي منذ عام 67 , حيث بدأت اسرائيل باحتلال القدس الشرقية وإنشاء مستوطنات غير قانونية وغير متفق عليها بالقانون الدولي ل200 الف يهودي, تلاها في بعد مضي 13 عام إعلانها الغير رسمي كعاصمه أبدية موحدة للدولة الإسرائيليه . فالمُلاحظ هنا وبالتشاركية السياسية في السياسة الخارجية الإسرائيلية - الأمريكية تجاه القضايا العربية أنها تضع قراراتها المهمه المُجحفة للدول العربية - في وقت إنشغال الدول العربية بأزمات داخلية أو خارجية - . فليست محض صُدفة أن تجد هذا الإعلان يتزامن مع بداية إعلان الحرب العراقية – الإيرانية وإنشغال العالم العربي آنذاك بهذه الأزمة . وعلى هذا المنوال وبهذا الاسلوب إلى اليوم تضع اسرائيل قراراتها السياسية والعسكرية ...

في حقيقة الأمر وللمراقب بعين الراصد سيجد أن الخطوات السابقة للإعلانات التعسفية والغير قانونية للإدارة الإسرائيلية تجاه فلسطين , كانت بناءاً على ضوء سري أخضر من القيادة الأمريكية , بل كان ينقصها فقط شرعية دولية تعترف بها , فمنذ ذلك الوقت ومن بعد إشعال وإشغال العرب بحروب وازمات كان ابرزها الحرب الايرانية والحرب الخليجية , ووصول الحاله العربية والفلسطينية لمرحله الانقسامات والاتهامات . ففي هذه الفترة جاء القرار الكبير من الدولة الكبيرة ومن السلطة الأمريكية الكبيرة ' الكونغرس' عام 95 والذي ينص على ' وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل'، ويطالب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس' , فليس غريب هذا القرار من المؤسسة الدستورية الأولى 'الكونغرس' والذي يتكون اعضائها بنسبة ساحقة من أصول يهودية سواء مجلس شيوخ / أو نواب , تحت مظلة دعم شامل من منظمة إيباك الصهيونية الضاغطة عليهم سواء جمهوريون أو ديمقراطيون .

فتأكيداً على قوة الجماعات الضاغطة الاسرائيلية بأمريكا وتحكُمها بأعلى مستويات السلطه الأمريكية , لم يستطيع 3 رؤوساء أمريكيون ( كلينتون , بوش, أوباما ) خلال ما يقارب الـ22 عام على إلغاء هذا القرار أو تنفيذه نظراً لقوة القرار الاسرائيلي داخل الشأن الأميركي وخارجه . لكن على النقيض من ذلك كان هنالك خوف من تطبيقة وانعكاسه سلباً على مصلحة الأمن القومي الأمريكي .. فالسؤال الأجد هنا لماذا ترامب يطبق القرار من بعد مضي 22 عاماً ؟؟

* في حقيقة الأمر يكمن الجواب للسؤال السابق .. في إعلان قرار ترامب باعترافه بالقدس عاصمة اسرائيلية ونقل السفارة الأمريكية إليها طِبقاً لأربعة أسباب :
أولاً – كثرة الاتهامات حول تزوير الانتخابات الرئاسية : تزايد الضغط والشبهات حول وصول ترامب للسلطة , فهنالك أدله دامغة تزداد وتلوح بالأُفق أكثر بأكثر حول كيفية تزوير وقرصنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح ترامب بدعم روسي عن طريق التلاعب بنتائج الأصوات . فهذا من شأنه أن يقحم ترامب والجمهوريين بأزمة داخليه لا يُحمد عقباها . فهنا تستند إدارة ترامب على قاعدة وهي: ' للخروج من أزمة إفتعل أزمة أخرى للخروج وتضليل الأزمة السابقة' , فهذا الإعلان يعتبر ذريعة للهروب من المشاكل الداخلية .

ثانياً – الضغط من قاعدة ترامب الانتخابية : لم يكن أيضاً لترامب الوصول والتكلل بالنجاح الجمهوري , لولا التلحين على نغمة حماية المصالح الإسرائيلية – اليهودية , ومعاداة العرب , فهو يعلم جيداً أن الحزب الجمهوري لايمكن استقطابه إلا بهذا الشكل الدعائي, لاسيما المسيحيين اليمينيين المتشددين , فعلى ما يبدو أن الضغط بدأ عليه منذ أول محاولة لتأجيل قرار نقل السفاره , فكانت أول المؤشرات لإرضاء الجمهوريين هي محاولة إغلاق مكتب منظمة التحرير بواشنطن , ومن ثم تلاها الخطاب المنتظر لنقل السفارة إلى تل أبيب , واعتماد القدس عاصمة إسرائيلية. ومن زاوية أخرى فوفق المؤشرات شعبية ترامب وصلت إلى نسبة 36% فهو بذلك يحاول رفع هذه النسبة وتأمين دورته القادمه من خلال تنفيذ وعده وتطبيق المُرتقب.

ثالثاً- انشغال وضعف الدور العربي : فالعالم العربي اليوم مأزوم ومشغول بقضايا وحروب كما في اليمن وسوريا والعراق وليبيا , فلهذا نتيجتان ومخاوف – إما بانتقال هذه الازمات لاسرائيل , أو بانتهاء هذه الازمات والعودة للقضية الأم 'القضية الفلسطينية' – لذلك لا بد من أن يحميها ترامب بقرار سياسي مستقل , يضمن لها مستقبل أمن في ظل وسط اقليم ملتهب تتبدل أنظمته كما تتبدل الرياح .

رابعاً – غياب وضعف دور الأمم المتحدة والدول الاسلامية : فالمراقب للامم المتحدة بتحركاتها الأخيره فهي لا تستطيع أن تمرر قرار إلا بموافقة أمريكية وكأن الولايات المتحدة وصيه عليها , ناهيك عن الشبهات الي طالتها في التحيز لأطراف دوليه على غيرها . الدول الاسلاميه وتحديداً الغير عربية والقريبة للمنطقة الفلسطينية كـ (تركيا وإيران ) لا يمكن أن ننكر ضعف دورهم أو حيادهم تجاه ذلك , فتركيا وايران وروسيا تاريحياً هم من أوئل الدول التي اعترفت باسرائيل كدوله , وإلى هذا اليوم تربطهم علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية أما علنياً أو سرياً , فلهذا أيضاً رمزيه وتوقيت يرى به ترامب أنه مناسباً لوضع هذا القرار التاريخي المجحف لفلسطين وللامه العربية والاسلامية .

أنس الطراونه – كاتب ومحلل سياسي
Anastarawneh2@gmail.com

نيسان ـ نشر في 2017-12-06 الساعة 20:56


رأي: أنس الطراونة كاتب وباحث في الشؤون الدولية

الكلمات الأكثر بحثاً