عن جديد اتحاد الأدباء والكتّاب العرب
معن البياري
كاتب اردني مغترب
نيسان ـ نشر في 2017-12-24 الساعة 14:37
مرجّحٌ ألا تكون هذه المقالة الأخيرة لصاحبها بشأن اتحاد الأدباء والكتاب العرب، في عهد أمينه العام الراهن، الشاعر الإماراتي حبيب الصايغ، لا لشيء إلا لأن الأخير لن يتوقف، طالما هو في موقعه هذا، عن اختلاق البدع العجيبة التي تأخذ الاتحاد المذكور إلى مزيدٍ من الذيلية لأنظمة الثورات المضادة في العالم العربي، ولخيارات دولة الإمارات السياسية المعلومة. وإذا كان من منجزٍ يجيز للصايغ أن يزهو به، في غضون قيادته الاتحاد المتحدّث عنه، فهو أنه نجح في تعزيز هذه الذيلية، وإنْ بمقادير من التحايل والتشاطر أحيانا، وغالبا بمساعدةٍ من مشايعيه في بعض الاتحادات القُطرية الأعضاء في الكيان العربي العام. وفي غضون خرس الصحافات العربية عن الفضيحة المشهودة التي اقترفها حبيب الصايغ في مؤتمر (استثنائي!) للاتحاد في مدينة العين في الإمارات، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أشهر صاحب هذه الكلمات في مقالة في 'العربي الجديد' ما كان من تجاوز مبتذل في هذه الفضيحة التي تمسّ هذا الاتحاد العربي العتيد (تأسس في 1954)، تمثل في إصدار شاعر الإمارات الأغر البيان الختامي للمؤتمر، بعد سبعة أيام من مغادرة الوفود، ليشتمل على تطاولٍ صريح على دولة قطر، وعلى قناة الجزيرة، من دون أي حياء، في ترديد أسطوانة دعم الإرهاب إياها. وكان مؤسفا من الاتحادات الأعضاء أن تسكت على هذا الأمر الشائن، فيما جاء مقدّرا من اتحاد كتّاب المغرب (امتنع عن الحضور إلى العين لتحفظاتٍ لديه)، إعلانه، في بيانٍ صريح، رفضه ذلك البيان المرذول، وعدم اعترافه بقرارات ذلك المؤتمر الملفق للمكتب الدائم للاتحاد. وعلى الرغم من عدم تسميته الأشياء بأسمائها الظاهرة، جاء محمودا في بيانٍ أصدره، في 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، محمود الضمور، رئيس رابطة الكتاب الأردنيين (لم تحضر مؤتمر العين لانشغالها بمؤتمرها العام)، رفضه بشكل قاطع 'إقحام الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب في الصراعات الرسمية العربية، والتي إن استمرت ستحول الاتحاد إلى بوق لأنظمة عربية على حساب قضايانا الوطنية والقومية العادلة'.
مناسبة الإشارة مجّددا هنا إلى تلك الفعلة التي لم يستح الأمين العام، حبيب الصايغ، من طبخها، أنه عمد أخيرا، بدافع غير خاف لمعاقبة اتحاد كتّاب المغرب، على موقفه الأخلاقي، ومن دون مراعاة لأبسط النواظم المعمول بها، إلى تشكيل لجنةٍ ثلاثيةٍ للتحرّي في أوضاع اتحاد المغرب، بدعوى أن مشكلاتٍ فيه جعلت انتخاباته تتأجل عن موعدها المقرّر. وقد تدحرجت قصة المكايدة هذه إلى أن يصدر اتحاد كتّاب المغرب بيانا حادا يهاجم، بنيرانٍ عنيفة، سلوك الصايغ هذا (رئيس الاتحاد الناقد عبد الرحيم العلام هو النائب الأول للأمين العام)، جاء فيه على سوءاتٍ ومخازٍ وبهلوانياتٍ غير قليلةٍ مارسها حبيب الصايغ، من موقعه أمينا عاما. وجاء لافتا أن رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين ساند، في بيانه المشار إليه، 'جوهر' ما أشهره البيان المغربي، و'رفض كل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للاتحادات العربية، وزجّ الأمانة العامّة الاتحاد في الخلافات الداخلية أو أي من الأعمال التي تخص هذا الاتحاد أو ذاك، في إطار الأنظمة المعمول بها'.
وقُصارى ما يمكن إيجازُه هنا، في صدد هذا الحال البائس للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، أن سؤال كثيرين عن جدوى وجود هذا الاتحاد محقّ، وكذا عن الفائدة التي يجنيها الكاتب العربي منه، سيما أن أرشيفه، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية، تظهره تجمّعا للتطبيل والتزمير لمن يوصفون 'تنويريين عربا'، من شاكلة محبي عبد الفتاح السيسي، ولمحاربي الإرهاب والظلاميين، من طراز بشار الأسد. ولم يكن هذا الحال ليصير، لولا التربيطات التي يصل فيها هذا وذاك إلى رئاسة هذا الاتحاد وذاك، لتتشكل في النهاية بؤرةٌ تتجمع في طاحونة الإمارات، وتتسق مع مزاج حبيب الصايغ، فتتوالى المؤتمرات والبيانات التي صرنا نعرف، من أبوظبي ودبي والعين. والموعد في الشهر المقبل لمؤتمرٍ في دمشق، في حضرة النظام القاتل هناك وضيافته. ... هل من يعثر على حضيضٍ أوطى من هذا؟
مشاركة
نيسان ـ نشر في 2017-12-24 الساعة 14:37
رأي: معن البياري كاتب اردني مغترب