الإنقلابيون الجدد
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2018-01-01 الساعة 12:45
لا أقصد بهؤلاء الغشماء المتصهينين من يقوم بإنقلاب داخلي بالترتيب مع السي آي إيه ،أو أي كالة إستخبارات لقوة عظمى لها مصلحة في التغيير الداخلي وإزاحة حاكم رفض الإستجابة لشروطها ومطالبها ،والإتيان بآخر مطواع يقبل على نفسه القيام بدور حامل البشكير كما هو الحال بالنسبة لما نراه في العالم العربي على وجه الخصوص.
هؤلاء الذين نتحدث عنهم هم الذين إرتضوا لأنفسهم التربع في الحضن الإسرائيلي –الصهيوني ،وقبلوا بمهمة حامل البشاكير، وإتقان مهنة القوادة السياسية على أصولها ،فهم وبعد أن جاء الرئيس الإنجيلي-الماسوني ترامب سيدا للبيت الأبيض شمروا عن سواعدهم ،وبدأوا بتقويض أساسات العالم العربي ،وبات شعارهم :من لم يرتمي بأحضاننا فسنقوض حكمه .
منذ قمم ترامب الأربع في الرياض إتضحت الصورة وإنتهى الفرز بين متصهين وقح ،وصلت به الأمور إلى التنازل عن القدس والتطبيع المكشوف مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الإرهابية النووية ،بحجة أن إيران هي العدو وليس مستدمرة إسرائيل،وفي الحقيقة أن أول ضحايا قمم ترامب هي دولة قطر التي فرضوا عليها الحصار تمهيدا لغزوها وتغيير نظامها السياسي.
ولأن صانع القرار السياسي في الأردن رفض التماهي معهم في مشاريعهم الدنيئة ،فقد تم فرض حصار مالي عليه مع معرفتهم بأوضاعه الإقتصادية السيئة،ومع ذلك فإن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لم يستكين لهم ،وإستمر ينفذ دوره المنوط به في حماية المقدسات في القدس ،وقد طلب منه التنازل عن هذه المهمة المقدسة ،ليصار إلى تحويلها لهم من أجل تسهيل التنازل عنها للصهاينة .
لم يكتف جلالته بالمواقف النظرية بل خرج على الشعب بكامل لياقته الملكية الهاشمية وقال :حتى لو عرضوا علينا 100 مليار دولار مقابل كرامتنا فلن نقبل،وبدأت التسريبات حول سياسة أردنية جديدة تعوض الأردن طعن الأشقاء بخناجرهم المسمومة ،وتبين واضحا أن طريق عمّان –الدوحة وعمّان -طهران سالكتان ،الأمر الذي أثار هلع الإنقلابيين الجدد ،فعمدوا إلى العبث في الأردن بالتآمر على رأس النظام.
كان الإنقلابيون الجدد قد حاولوا ترتيب إنقلاب ضد الرئيس التركي أردوغان لكن الله سلم ،وخرجت تركيا قوية،وبعد ذلك إنقلبوا على الرئيس السوداني عمر البشير الذي إكتشف ألاعيبهم وقرر الإنسحاب من تحالفهم المقيت في اليمن ،لكن الله سلّم أيضا وخرج البشير أقوى وتحالف مع الرئيس التركي أردوغان وأوكل إليه إعادة تأهيل جزيرة سواكن القريبة من السعودية.
وفي السياق كشف الرئيس السوداني عمر البشير خيوط المؤامرة الإنقلابية على جلالة الملك عبد الله الثاني في الأردن ،علم بها ضباط سودانيون يعملون مع الجيش الإماراتي،وتم إحباط المخطط الوسخ،وخرج الملك عبد الله الثاني أقوى من ذي قبل،وليس مستبعدا ان يقوم هؤلاء الإنقلابيون الجدد بالعبث في مصر وترتيب إنقلاب فيها لإزاحة التسي تسي الذي كشف ألاعيبهم وخلعهم بعد أن لهف من رزّهم،وعموما فإنهم يمارسون العبث في المحروسة مصر ويقتلون أفراد الجيش ويفجرون الكنائس بإسم فرع خدمات الإستخبارات الإسرائيلية /تنظيم أجهزة الدول 'ISIS' الملقب ب'داعش'. .
والغريب أن زبالتهم محمد دحلان هو العرّاب الذي كان يتصل مع رموز الإنقلاب المفترضين ،وليس سرا الوقول أن هدف الإنقلاب كان إزاحة جلالة الملك عبد الله الثاني عنطريقهم ،وتسليم القدس للصهاينة وإحكام الحصار على قطر ومنع التواصل مع إيران ،والأهم من ذلك كله شطب الشرعية الدينية عن جلالته كهاشمي أصيل ،والوريث الشرعي للمقدسات في بلاد الحجاز ،وحتى يضمنوا عدم مطالبة الأردن بإستعادة الجوف إليه.
مجمل القول فإن ما يقوم به الإنقلابيون الجدد يشكل عارا ما بعده عار على الأمة ،ولكن واقع حالهم ينبيء بأن الدوائر ستدور عليهم إن عاجلا أو آجلا وهذه من نواميس الطبيعة ،وسيأتي اليوم الذي نراهم فيه أذلاء بعد إخراجهم من الحكم مذمومين مدحورين ،فهم يقودون بلادهم برعونتهم إلى الهاوية والسقوط.
نيسان ـ نشر في 2018-01-01 الساعة 12:45
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية