اتصل بنا
 

الفساد العفوي

نيسان ـ نشر في 2018-01-15 الساعة 12:22

نيسان ـ

شاب طويل القامة ببنطلون جينز، وقميص ازرق، يقف ممسكا بيده كأس قهوة 'العميد' وسيجارة، وباليد الأخرى يتصفح هاتفه الذكي، إنه مهندس أمانه عمان الكبرى.

وخلفة عشرات العمال على آلياتهم الذين يعملون على تمزيق احشاء شارع بمنطقة الجبيهه لم يكمل بعد شهره الثاني محتفلا بالأسفلت الجديد الذي تم رصفه به مؤخرا، ولم تكتمل فرحته بالخطوط البيضاء التي تحسده عليها شوارع كثيرة بالأردن، مفسحين المجال لكوابل الكهرباء ان تمر من بطن ذلك الشارع، لتترك ندبه ' شبه مطب' بذلك الشارع الجديد الى الابد.

وهذا حال شوارعنا، التي تكلّف جيب المواطن آلاف الدنانيرسنويا، ليتم غزوها بأعمدة الكهرباء، وخطوط الاتصال، ومواسير المياه. الخ، بعد اكتمال تلك الشوارع وليس قبلاً، ليجعل من ذلك الشارع بكثرة حفرياته شارع لا يصلح الا لسير العربات عليه، ولا تجد مثله الا بالدول التي تفتقد للتخطيط وإدارة المشاريع ونذكر منها زامبيا و ارتيريا ..الخ ، مكلّفة الدولة والمواطن عبء مالي جديد كان من الممكن ان يصرف في أوجه أخرى، وذلك العبء المالي لا يقتصر على بدل الأسفلت الممزق، ولا أجور العمال، ولا بدل المهمات للمهندس، ولا وقت الموظفين بقسم المشتريات، بل يمتد الى 'سنوبرصات' سيارة المواطن التي تمر من فوق 1000 حفرة يوميا من ذلك النوع، وتكاليف اصلاح أعطال تلك المركبات..ألخ

والفساد العفوي، هو نتيجة الفساد المقصود، ذلك أن الفاسد عندما يسرق او يساعد او يحرض على سرقة المال العام، فانه في سبيل ذلك، يحطم الأدوات الرقابية، او يفرغهما من مضامينها، فتخلو له الساحة لأخذ ما يستطيع حمله من ذلك المال، ومن أهم تلك الأدوات مؤشرات الأداء التي تقيس فاعلية كل إدارة وكل مؤسسة حكومية، والمرتبطة بخطة استراتيجية وتنموية، وغيرها من الأدوات والأجهزة الرقابية.

لذلك، سوف يشاهد هذا المهندس بكل شارع وبكل قرية وبكل حارة، وسوف يبقى الهدر العفوي الناجم عن ضعف التخطيط ينهش بشوارعنا، وينهش 'بخبزاتنا'، وينهش بكل مرافقنا، والموجوع الأخير هو أنت أيها المواطن.

#الانسان_المهدور
Mohammed Malkawi
بتمشي ولى بنسجن؟
تمت المشاهدة بواسطة Mohammed Malkawi في 12:19 م

نيسان ـ نشر في 2018-01-15 الساعة 12:22


رأي: محمد ملكاوي

الكلمات الأكثر بحثاً