اتصل بنا
 

البُنْشام..علاقة وأسرار لا تنتهي

نيسان ـ سما القبيلات ـ نشر في 2018-01-19 الساعة 23:27

x
نيسان ـ

من اليمن السعيد، جاءت كرماً من الله ، بِذرةٌ عاشت منذُ زَمن الأجدادِ حتى الزمنُ الجديد ، عاشت فينا عيشة الأُمّ ، لا مُلَّ منها ولا سأَم ، ولا نُقِّصَ من جُلّها آنسةُ التُراث التليد ، لا ينساها نُمُوٌّ ولا تَقدُّم ، ولا شيءٌ يُغيّرها كعادةً وتقليد ، ستبقى ملاذاً لنا من الأيّام رغم المُرِّ ولون البُني والغَمّ السعيد .

قيل أنّ ' القهوة هي الفكرة الوحيدة لدينا عن هذا الكوّن ' ، و فعلياً نحن أعتدنا على أن تكون القهوة هي الفكرة الأولى والأكثرَ حضوراً لأي شيء وبكل شيء نود فعله ، نحن نبدأ رسميات الزواج بفنجال قهوة ، ونأخذ العطوات بفنجال قهوة ، ونحل أكبر المشكلات بفنجال قهوة ، حتى علاقاتنا مع الأخرين و أساليب عيشنا مبينة على فنجال قهوة ، قهوة قهوة قهوة ، في كل مكان قهوة ، لم كل هذا الاستسلام؟
لم هذا الـفُنجال الصغير الذي يحتوي ايضاً على قهوة لا يتجاوز مقدارها رَشفَتين أن يحظى بكل هذا التعزيز والإكرام؟ إنه يُحدد شخصياتُنا و شِيَمنا ، لم يُعتبر إهانة اذ تم تقديمه بطريقة مُخالفة لقوانينه وعاداته؟.
الكثير من الاسئلة التي لم أجد لها أجوبة منطقية ، والتي كانت سببا كافيا لأكون ضد هذه الفكرة ، ضد أن تتعلق حياتنا بلونٍ مُوّحد وقاتم كلون القهوة ، بالرغم من ذلك ، لا أُنكر ولا أخفي استغرابي لها ، أهتمامٌ كهذا كان لا بد أن يكون خلفه سرٌ كبير.
سرٌ نَظّم فيها أشعار وقصائد وأحاجي ، سرٌ أكبر من أن يقتصر على فائدتها الصحية كمنشط عصبي وذهني ، أكبر من كونها مشروبا ساخنا مُر المذاقِ ، وكنت أعتقد أن السر بالرائحة التي دفعتني يوماً لأنهض من فراشي سائرةً نحوها ، الرائحة النفّاذة للبن التي كانت تحمسهُ جدتي على نارٍ هادئة بين نقاشات العائلة ، والحركة البطيئة لأطراف أناملها وهي تمسك حبات البن بلونه الميرَميّ وتضعها بالمحماسة ، و صوت دق النجّر ( المهباش ) ، و انعكاس إحمرار الجمر على دلةِ النُحاس ، والفُنجال التي تُقْتُ على رشفةٍ منه ، والآن ، و بعد اعوام من المقاومة أقعُ اسيرة بين حبات الهيل والزعفران .

معلومة :
قديماً كان يُطلق على مشروب القهوة العربية اسم البُنْشام ، نسبةً الى وجودها في بلاد الشام .

نيسان ـ سما القبيلات ـ نشر في 2018-01-19 الساعة 23:27

الكلمات الأكثر بحثاً