عام مجنون على البيت الأبيض
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2018-01-21 الساعة 15:11
العزوني
محملا بالفضائح والفشل وسوء الصيت والسمعة والحقد الدفين والإنتقام من كل من
تجرأ وقال له لا قبل ان يصبح رئيسا - وكانت مهمته آنذاك الإبتزاز وجمع المال
من السفهاء، الذين إغتنوا بأموال وثروات شعوبهم،وبعثروا أموالهم هنا وهناك بدون
وجه حق ، وأعني بذلك شركاءه في العالمين العربي والإسلامي- دخل الرئيس
الإنجيلي الماسوني ترامب البيت الأبيض،وشوّه سمعة أمريكا المهزوزة أصلا لدينا
بسبب سياساتها الخرقاء، وتحالفها الظالم مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية
الإرهابية النووية،وقبولها ان تكون الغطاء الشرعي للجرائم الإسرائيلية .
أرهق هذا الرجل بلاده وأرهقنا معه، وأرهق العالم الذي إعتاد على السير في
ركاب أمريكا ،فبعد مرور عام على وجوده كشبح مزعج وثقيل الظل في البيت
الأبيض ،وجد نفسه ينوء بملفات التحقيق التي تتوالد مثل إناث الأرانب ،وكذلك كتاب
النار والغضب الذي نشره كبير مستشاريه السابق السيد وولف ،وكان صفعة
كهرومغناطيسية للرئيس المتخبط بفشله وأحقاده.
مارس ترامب خلال العام الماضي في البيت الأبيض كل أنواع العبث ،ومن أولى
غزواته كسر متعمدا بغبائه عصاته ،وهاجم الإسلام والمسلمين وأصدر قرارات
تمنع رعايا العديد من الدول الإسلامية من الدخول إلى أمريكا ،نافيا بذلك هوية
أمريكا القائمة على المهاجرين أصلا وتتخذ من التعددية هوية لها ،ولولا الهجرة
والتعددية لما ،رأينا أمريكا بهذه القوة والريادة وإن كنا نختلف معها في توجهاتها
الإستعمارية.
ومن أوجه العبث التي مارسها الطرمب ترامب ضرب الأسس والثوابت الأمريكية
،وكان ذلك ليس متعمدا بطبيعة الحال ،بل نبع عن جهل بأمور السياسة والتحالفات
والأدوار المناطة بحلفاء أمريكا في المنطقة على وجه الخصوص،ولا ننسى الحقد
الدفين في صدره تجاه من رفضوا إبتزازه وإبتزاز صهره وكبير مستشاريه اليهودي
جاريد كوشنير.
أولى الضربات التي وجهها ترامب لحلفاء أمريكا هي كارثة الخليج والتآمر على
دولة قطر وإسناد تهمة الإرهاب لها ،والحقيقة أن طريقة تفكير ترامب المشوهة
والخرقاء تساوقت مع أعداء قطر الإقليميين،كما ان أحقاد الجانبين تساوت مع تفكير
إبليس الحاقد على كل ما هو خير ومستقيم،وقرر ترامب وصهره /مستشاره اليهودي
كوشنير الإنتقام من قطر التي رفضت الإنصياع لإبتزازهما قبل دخولهم مزورين إلى
البيت الأبيض قبل عام مضى ،إتسم بالجنون الترامبوي والعبث الكوشنيري الهادف
لإضعاف أمريكا إستكمالا للخطة الصهيونية ،التي بدأت على إثر جريمة تفجير
البرجين في الحادي عشر من شهر سبتمبر 2001 وتبعاتها ،والتي نفذها الموساد
الإسرائيلي واليمين الأمريكي بهدف إضعاف امريكا وتقسيمها ،حتى لا تتمكن من
الضغط على مستدمرة إسرائيل وإجبارها على منح ولو جزء يسير من الحقوق
المشروعة للشعب الفلسطيني.
ومن الضربات الموجعة التي وجهها ترامب لحلفاء واشنطن ،ضربته الغبية المتمثلة
بتجاوز ما نآى عنه أسلافه في البيت الأبيض بخصو القدس ،فقد إعترف بها عاصمة
لمستدمرة إسرائيل ،وأعلن عن نيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة
المقدسة لكنه تراجع عن النقل وجمده مؤقتا ،وكان المتضرر الثاني بعد الفلسطينيين
من هذا القرار الغبي هو الأردن المحسوب على أمريكا .
ويقيني أن ترامب الجاهل بأبسط قواعد وقوانين السياسة والتحالفات ، يجهل تبعات
قراره هذا ،لأنه كان مدفوعا بإلتقاط حبل النجاة من قبل مراكز الضغط اليهودية في
واشنطن ،إتباعا لنصائح صهره/مستشاره كوشنير ،وإبعاد حول المشنقة التي يقترب
حول رقبته ،ومؤخرا تم رفع دعوى قضائية للمحكمة الدستورية العليا ضده من قبل
المدعي العام لولاية ميريلاند والمدعي العام لواشنطن ،لتلقيه هدايا وأموال
لمشاريعه الخاصة ،وهذه برأيي ستكون الضربة القاصمة التي ستقصم ظهره إن شاء
الله.
عندما إعترف بالقدس عاصمة لمستدمرة إسرائيل عمل على تهميش دور الأردن ،
وإتفق مع المراهقة السياسية الجديدة التي طفت على السطع مؤخرا في العالم العربي
،على سحب الوصاية الهاشمية على المقدسات العربية في القدس المحتلة من
الأردن، وتسليمها عنوة إلى "الرسغ "مقابل المليارات بطبيعة الحال ،كما وافق على
حصار الأردن المالي لإضعافه تمشيا مع صفقة القرن التي تفضي إلى كونفدرالية
أردنية –فلسطينية .
كما انه بغبائه السياسي المعهود أبدى تخبطا ينم عن جهل مطبق في السياسة
،وخاصة عندما إنحاز بالكامل للجانب الإسرائيلي ،وإتهم سلطة اوسلو برفضها
إجراء المفاوضات مع مستدمرة إسرائيل ،وهي التي قضت أربعة وعشرين عاما في
عبث المفاوضات، ورسخت التنسيق الأمني مع الإحتلال وشكلت عائقا أمام تحقيق
طموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والمقاومة والعدالة ،ما حدا برئيس السلطة
عباس أن يقول له "يخرب بيتك"؟؟!!
عموما فإن ممارسات ترامب في البيت إتسمت بالغباء المطبق ودللت على غشوميته
السياسية والمنطقية ،وحتى جهله في أصول البروتوكول والإتيكيت ،وقضى عامه
الأول في البيت الأبيض يتخبط كثور أعمى ،ومن أوجه التخبط عدم إستقراره على
من عيّنهم كبار موظفين في البيت الأبيض والقائمة تطول ،كما انه قام بمعاداة الإعلام
وأطلق على الإعلاميين صفات كريهة عديدة أهمها انهم مزورون ويلفقون الأخبار
الكاذبة.
ومن أوجه الغباء السياسي التي أظهرها ترامب هي طريقة إستقباله لضيوفه من
رؤساء العالم وجذبهم إليه بقوة عند مصافحتهم،وكذلك طريقة توقيعه على القرارات
العبثية التي يتخذها ،وعرض توقيعه الطويل امام الكاميرات،وطريقة تعامله مع
النساء الحاكمات أو زوجات ضيوفه من الرؤساء الأجانب ،وقد تعرض للعديد من
الإحراجات بسبب تجاهل بعضهن له ،وتجاوزه ومصافحة زوجته التي أهانها على
الملأ مرارا،وقوله لإبنته الجميلة إيفانكا "لولا أنك إبنتي لمارست الجنس معك"؟؟!!
ومن المواقف الموثقة التي إرتكبها ترامب في مسيرته السوداء في البيت الأبيض،
هي "ضرطته"في حضرة الملك سلمان بالرياض ،بشهادة زوجته ميلانيا التي كشفت
تلك الضرطة ووثقتها في تصريحات لصحيفة بريطانية، وإعلانها أن عشرات
المسؤولين والأطباء الأمريكيين يعملون على ضبط أموره الصحية ،كي لا تتكرر
فعلته مع ملكة بريطانيا في قمتهما التي كانت مرتقبة ىنذاك.
عموما فإن ترامب يرزخ حاليا تحت الضغوط ،وخاصة تلك الناجمة عن التحقيقات
الجارية، حول قيام موسكو بقرصنة إليكترونية يوم الإنتخابات الأمريكية السابقة،
لصالح ترامب الذي تربطه صداقة مع الرئيس بوتين ،ويقيني أن إرتماءه في أحضان
يهود لن يفيده ،لأنه تمرد عليهم ومارس الغطرسة عندما قال لهم انه غني وليس
بحاجة لأصواتهم ،وعبر عن رفضه أمام الإيباك للمستدمرات الإسرائيلية في الضفة
الفلسطينة.
نيسان ـ نشر في 2018-01-21 الساعة 15:11
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية