اتصل بنا
 

ماذا قصد الملك ؟

نيسان ـ نشر في 2018-02-01 الساعة 09:02

x
نيسان ـ

يتطلع جلالة الملك عبدالله الثاني للتغيير في مأسسة الاحزاب السياسية، وفق رؤى وبرامج وطنية بمفهومها الشامل، الذي يخدم (البلد) ويساهم في إحداث التغيير المنشود، كما يؤطر للإصلاح السياسي الذي يتواءم مع مخرجات الدولة الديمقراطية الحديثة؛ ولا يتأتى ذلك إلا من خلال تحفيز دور الشباب، وايجاد لغة تفاعلية ترقى في منهجيتها وفلسفتها لمستوى يحاكي النمطية الحزبية السائدة والمعتمدة في إدارة شؤون العالم الديمقراطي المتقدم.

تلك إذن أشارات ملكية تدرك الواقع الحزبي الأردني بأبعاده المختلفة، وتعكس في ذات الوقت الإحاطة الملكية الدقيقة بما يحدث على أرض الواقع، بفكر ينحى إلى العمل المنهجي الجاد الذي يضع المصلحة العليا للبلاد فوق الإعتبارات المختلفة، سواء كانت مصالح فردية أو تنطلق من بعد جغرافي أو عرقي أو ديني.

وهنا يأتي الخطاب الملكي أمام نخبة من طلبة كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية، ذلك أن جلالته يريد أن يوصل رسائل مباشرة وغير مباشرة للشباب الأردني ، الذي هو عماد الإصلاح الشامل في مفاصل الدولة الأردنية، وهو ركيزة من ركائز المجتمع الذي يجب أن تهتم به الدولة؛ وفق علاقة تشاركية قائمة على الفكر المتجدد، بما يحمله من أفكار خلّاقة ترقى بمجتمعها لمستويات عالية من التقدم والنماء.

من وجهة نظر السياسيين فإن كلام الملك وبهذا العمق والفهم، إنما يحتاج إلى إجابة عن بعض التساؤلات التي يرى جلالته بأنها تحتاج إلى تفسير دقيق، مثل: معنى «يساري» أو «يميني»، وهذا يؤكد أن ثمة ضعفا كبيرا لدى الأحزاب السياسية في التفسير لذلك الفهم؛ وهو ما أشار إليه بعبارة «أنا يميني في الدفاع.. ويساري في الصحة والتعليم»: ومعنى ذلك أن التقوقع في فكر أوحد ينأى عن فهم كامل يقود إلى ضعف في المنطلق السياسي العام لفلسفة العمل الحزبي.

وقد شخص أمين عام الحزب الوطني الدستوري الدكتور أحمد الشناق، مرامي حديث الملك بأبعاده الأيدولوجية، والفلسفية، والفكرية، مؤكداً أن الإشارات الملكية التي تتعلق بالعمل الحزبي، إنما تشي بأن جلالته على دراية بعمق للمشهد الحزبي، من خلال رسالته الواقعية للشباب عن الحالة الحزبية الأردنية القائمة؛ وما هي نمطية الحزبية المراد تطبيقها وفقاً للرؤية الملكية التي تعزز الحزبية البرامجية، المبنية على تخطيط إستراتيجي، وأن تمتلك بذات الوقت ماكنة تكنوقراطية في عقول أردنية تمارس دورها الإيجابي بالتخطيط ووضع البرامج القابلة للتطبيق وتخدم الوطن والحياة الحزبية بشكل عام بما يراعي المصالح العليا للبلاد.

ويرى الشناق بأن الحالة الحزبية القائمة وفقا لحديث الملك إنما هي مغايرة تماماً للحالة التي تطبق في دول العالم المتقدم، من حيث القانون، وما يتعلق بتعدد الأحزاب السياسية، أو الحزبية القائمة على أساس مناطقي، أو التي ترتبط بالشخص؛ فالأصل في الحزبية أن تكون قائمة على برامج وطنية.

وفي معرض حديثه عن رؤية الملك فيما يتعلق بضرورة وجود ثلاثة أحزاب رئيسة للقيام بأصلاح سياسي، يرى الشناق بأن حديث الملك دعوة لتوحيد الأحزاب التي تتوافق من حيث البرامج والأهداف، من خلال الدمج في حزب واحد أو تشكيل إئتلافات، فالتركيز الملكي لم يكن على عدد الأحزاب أو شكلها بقدر تركيز على البرامج التي تنطلق منها، والتي تبنى على إستراتيجيات وتخطيط وحلول.

وأشار الشناق إلى تركيز جلالة الملك على الشباب ودورهم في المجتمع، كما أن ثمة فجوة ما بين الجيل القديم والجديد، ولا بد من إدارك الهم الشبابي على إعتبار أن غالبية الشعب الأردني هم من الشباب، هناك قضايا البطالة والمقعد الجامعي والصحة، وهي تشغل بمجموعها الهم الشبابي، الذين هم عماد المستقبل في التغيير.

ولفت الشناق إلى قضية تقليص عدد أعضاء البرلمان، ليصبح العدد (80) نائبا، بحيث يكون النائب يؤدي دوره الوطني بفاعلية، بحيث تتحول الكتل البرلمانية إلى أحزاب سياسية، ويشير الى ضرورة إيجاد شراكة حقيقية بين الأحزاب والكتل البرلمانية، للخروج في إطار البرنامج الموحد، نحو إيجاد حزب على أساس برامجي.

ويرى الشناق أن جلالة الملك يدرك تماماً بأن ثمة أحزابا تعمل على الساحة الاردنية وفق برامج وطنية لا بد من دعمها، والبناء على ما تقدمه، وهذا مؤشر على دراية الملك الكاملة بالواقع الحزبي بحقيقته.

ويتساءل الشناق ما إذا هناك آلية حوار لدى الحكومة مع الأحزاب التي تمتلك برامج، ولديها حلول واقعية لكثير من القضايا الوطنية؟ لا بد من تطوير آلية الحوار بين الحكومة والأحزاب، بمعنى: مأسسة آلية الحوار في إيجاد أحزاب ذات برامج حقيقية.

وفي حديث جلالة الملك عن الكتل البرلمانية، إنما يريدها أن تتحول إلى احزاب وفق الشناق؛ فالملك مطّلع على التجربة العالمية لمفهوم الحزب البرامجي، الذي أعتمد في إدارة شؤون الدول الديمقراطية المتقدمة.

وفي السياق يطالب الشناق وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية أن تتحمل مسؤوليتها، وأن تلتقط الرسائل الملكية في مأسسة آلية الحوار، بإعتبار أنها معنية بالإرتباط الحزبي وشؤون البرلمان، هل يمكن مأسسة آلية حوار ما بين الأحزاب والكتل البرلمانية، في إسناد من الحكومة؟ وهل ممكن مأسسة آلية الحوار ما بين الاحزاب والحكومة؟ وهل الحكومة تضع إستراتيجية دولة لرؤية مستقبلية لمفهوم العمل الحزبي الذي تحدث عنه جلالة الملك. وأشار الشناق إلى ضرورة الإستقرار التشريعي فيما يتعلق بقانوني الاحزاب والإنتخاب، داعياً في ذات السياق إلى ضرورة التعامل مع حديث الملك العميق بإيجابية وجدية، وأن لا يتم التعامل معها مثل الأوراق النقاشية، على الحكومة إيجاد فلسفة حزبية إصلاحية جديدة وفق استراتيجية منتمية. بدوره يرى التربوي والناشط السياسي «محمد أمين» زيتون أن حديث الملك وبهذا الوضوح يحتاج إلى ترجمة حقيقية على أرض الواقع، خاصة وأن الحديث تم توجيهه إلى الشباب، وهنا لا بد من تحفيز دورهم نحو فهم سياسي جاد لرؤاهم يمكن الاستفادة منها في الإصلاح السياسي المنشود.

ويرى زيتون أن العمل الحزبي الأردني يحتاج إلى دعم حكومي، وإلى تحفيز الأحزاب ذات البرامج الوطنية الحقيقية، وضرورة إشراك العنصر الشبابي في صنع القرار السياسي ، وإيجاد آليات للوعي السياسي عند هذه الفئة، من خلال الدورات التدريبية والأنشطة الخلاقة في هذا الإطار.

ويشير إلى أن أي عمل حزبي لا بد وأن ينطلق من برنامج واقعي ويقدم حلولاً للقضايا التي تشهدها الساحة الأردنية، وأن يكون الحزب من أدوات الضغط على الحكومة، بهدف خدمة الوطن والمواطن، وتحمل المسؤوليات وخاصة فيما يتعلق بالامن المجتمعي.
الرأي

نيسان ـ نشر في 2018-02-01 الساعة 09:02

الكلمات الأكثر بحثاً