اتصل بنا
 

أخلاقيات الصراع ...قطر والكوريتان نموذجا

كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

نيسان ـ نشر في 2018-02-11 الساعة 14:38

نيسان ـ


للصراعات والحروب أخلاقيات محددة رعاها الإسلام وطبقها المسلمون الأوائل في
غزواتهم ،وتجسدت بوصايا الخلفاء الراشدين لقادة الجيوش ..ألا تقتلوا شيخا أو
إمرأة أوطفلا أو تهدموا صومعة أو تقطعوا شجرة ،ناهيك عن أسس معاملة الأسرى
وحفظ حقوقهم ورعايتهم ،وذلك إلتزاما بأن هذا الدين جاء لإعمار الكون وليس
لخرابه ،وهو دين حياة وليس دين موت.
لكن ما نشهده أن بعض أطراف الصراع الذي بات يطلق عليه كارثة الخليج
المصطنعة ،وتهدف لزعزة امن الخليج وفرض التطبيع مع مستدمرة إسرائيل
الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية، ووقف نهضة وتقدم دولة قطر بدافع الغيرة
والحسد، توحشت جدا في نقض هذه المباديء ،التي بات يطلق عليها مواثيق الشرعة
الدولية وحقوق الإنسان،وقامت بنقضها بوحشية ربما لن نجدها حتى في أخلاقيات
الإنسان الأول.
قبل الخوض في ممارسات العار ولبس السواد ،لا بد لنا من إستعراض الأخلاقيات
التي إنتهجتها كل من دولة قطر مع دول الحصار ،وكوريا الجنوبية مع نظيرتها
الشمالية رغم الصراع الظاهر بينهما ،لكن صناع القرار في الكوريتين أثبتوا ولا ءهم
لأمتهم المقسمة ،وضربوا المل الأروع في التعامل مع "الخصم" المؤقت ،الأخ
الدائم.
قطر وعند فرض الحصار الغاشم عليها من قبل بعض الأشقاء ،طبقت أصول
الإشتباك الأخلاقي بكل حذافيره،وفصلت الشعوب عن صناع القرار ،حتى انها لم
تلجأ للوساخات لتشويه سمعة وصورة صناع القرار في دول الحصار ،ردا على ما
قاموا به من كذب وهرطقات وخوض في الأعراض،ناهيك عن عدم التصرف بدناءة

وقطع الغاز القطري عن سكان الإمارات ومن بينهم بطبيعة الحال من قرر حصار
قطر وتشويه سمعة قادتها ،والتحريض عليها في المحافل الدولية.
وضرب لنا رئيس كوريا الجنوبية السيد مون جاي-إن أروع الأمثلة في تطبيق
|أخلاقيات الصراع ،عندما تعامل مع رئيس كوريا الشمالية السيد كيم جونغ-اون
،بتصريحه غير المتوقع في حضرة الرئيس الأمريكي ترامب وقال فيه أن قرار
الحرب على كوريا الشمالية عنده شخصيا وليس في واشنطن ،فشتان بين هذا الرئيس
صانع القرار في كوريا الجنوبية ،وبين صناع القرار في دول الحصار الذين دفعوا
الكثير للرئيس ترامب ،كي يعاونهم على شن عدوان على قطر ،لكنه تبين أن الرئيس
الأمريكي ليس صانع قرار بل منفذ لقرار يصنعه آخرون ،وقعوا مع الدوحة قبل أيام
المواثيق والعهود التي تحمي قطر من جنون الإخوة الأعداء.
لم يكن رد الرئيس الكوري الشمالي السيد كيم جونغ أون بأقل شهامة من نظيره
الجنوبي الذي ضرب أروع الأمثلة في الأخلاق والوطنية والقومية ،بعكس ما صدر
عن صناع القرار في دول الحصار الذين حاولوا الإنتقام من كل من عارضهم ،ولم
يسجل نفسه جنديا للإيجار في سجلاتهم امثال الأردن والسودان وتونس .
فهم وأعني الأثرياء السفهاء وليس المرتزقة ، ضغطوا على الأردن وما يزالون
للتنازل عن القدس لمستدمرة إسرائيل ،وحاولوا إثارة النزاعات بين القاهرة
والخرطوم وتخريب الأوضاع في تونس ،وهكذا دواليك بالنسبة لكافة المغردين
خارج سرب دول الحصار.
كان رد الرئيس الكوري الشمالي دعوة نظيره في الجنوبية لقمة في بيونج يانغ حملتها
شقيته كيم جونغ والتي ستكون القمة الثالثة بينهما في حال حصولها،كما أن مصافحة
بين شقيقة الرئيس والرئيس الكوري الجنوبي قد وقعت بين الحدثين مؤشرا على
العقلانية والتهذيب في التعاون ومواجهة المشاكل ، وقد وعد الرئيس الجنوبي بتلبية
الدعوة وزيارة بيونج يانج في أقرب فرصة مواتية.
وبعكس هذا التصرف الحضاري بين الأخوين المتخاصمين ،رأينا تصرفا شاذا من
قبل صناع القرار في دول الحصار وخاصة الذين يدفعون للمرتزقة ،تمثل هذا
التصرف بمقاطعة قمة مجلس التعاون الأخيرة في الكويت، بعدم حضورهم تكريما
لأميرها الشيخ صباح الأحمد،وكانوا يهدفون إلى إفشال القمة والتقليل من دور الشيخ

صباح الذي يحاول التغطية على جرائمهم وعيوبهم ،من خلال وساطته الرامية إلى
بقاء الخليج موحدا ،كونه يعلم جيدا تبعات الأزمات الكارثية التي يفتعلها هؤلاء
الجهلة وقد جربها بطبيعة الحال عندما تم توريط العراق مع الكويت بدفع من هؤلاء
السفهاء.

نيسان ـ نشر في 2018-02-11 الساعة 14:38


رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

الكلمات الأكثر بحثاً