اتصل بنا
 

حروب المياه والغاز

نيسان ـ نشر في 2018-02-25 الساعة 11:28

نيسان ـ

كنا نقول أن مواجهاتنا المستقبلية مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية ستكون حروب مياه ،بسبب فهم الصهاينة الصحيح للمياه ودورها في الحياة ،ولذلك وضعوا المياه العربية والتي لها علاقة بالواقع العربي نصب أعينهم،وكانت أولى عمليات سطوهم المائي على نهر الأردن أواخر العام 1964 ،وقد أحسنت حركة فتح صنعا بأن جعلت أولى عملياتها الفدائية في الفاتح من كانون ثاني / يناير 1965 ضد نفق عيلبون ،بمعنى أنها دشنت نضالها من أجل المصالح الأردنية ،من منظور صحيح أن مصالح الأردن وفلسطين واحدة ولا تتجزأ.

كما أن الصهاينة إستهدفوا نهر الليطاني اللبناني وكان الهدف رقم واحد لغزو جنوب لبنان عام 1982 وسرقوا كميات كبيرة من مياهه،ناهيك عن عبثهم في نهر النيل من خلال تحالفهم مع إثيوبيا ، التي تبني سد النهضة الذي سيشفط نحو 70% من مياه النيل ،بهدف إلحاق الضرر بكل من مصر والسودان ،وهم يرغبون بحصة منه ،كما فعلوا بالنسبة لمياه الديسي ،ولهم مع الحكم التركي السابق محاولات للإستفادة من المياه التركية،وعموما فإن المجس الصهيوني ومنذ البدايات أشّر على كافة أماكن وخزانات المياه في المنطقة ووضع طرقا لكيفية السطو عليها ،وها هو يسيطر على مصادر المياه الجوفية الفلسطينية ويمنع الفلسطينيين من إستغلاها.
بعد حروب المياه التي سجل الصهاينة فيها إنتصارات مؤزرة ،جاء دور حروب الغاز التي لا تقل خطورة عن المياه ،وقد باتوا يتحكمون بدولتين عربيتين حاليا من خلال صفقات الغاز وهما الأردن ، الذي وقع معهم إتفاقية لشراء الغاز المسروق من أرضنا لمدة عشر سنوات بقيمة 15 مليار دولار ،كما وقعوا بالأمس إتفاقية أشد خطورة من الإتفاقية الأردني لأنها تعني تكبيل مصر نهائيا ،ولمدة عشر سنوات وقيمتها أيضا 15 مليار دولار .
عندما نقول أن خطورة الإتفاقية المصرية أشد من خطورة الإتفاقية الأردنية فإننا لا نقلل من خطورة الإتفاقية الأردنية ،ولا نخفف من رفضنا لها ،لكن مصر كمرجعية قومية ينظر إلى كل حركة منها على انها تحدد فعلا مصير الأمة ،ولذلك فإننا نقول واثقين أن إنهيار مصر بتوقيعها معاهدة كامب ديفيد، أدى إلى إنهيار الأمتين العربية والمصرية ،وتشجيع بقايا التيه اليهودي في صحراء الجزيرة العربية من أيتام المندوب السامي البريطاني ،السير بيرسي كوكس على التعهد بتنفيذ صفقة القرن التي تشطب القضية الفلسطينية والأردن الرسمي،وتتنازل رسميا عن القدس ،إذ لولا إنحراف المقبور السادات لما تجرأ أحد على الإنحراف .
جاءت صفقة الغاز المصرية مع مستدمرة إسرائيل طوق نجاة للإرهابي النتن ياهو الذي تحيط به الفضائح المالية والسياسية من كل إتجاه ،وقد خاطب مستدمريه أن هذه الصفقة ستجلب الرفاهية لهم ،وهو محق بذلك لأن مبلغ 15 مليار دولار ليست سهلة ،علما ان الشعب المصري وعدده 90 مليونا يشكو البؤس من بؤسه الذي توطن فيه ،بسبب فساد الحكم وتجيير خيرات مصر إلى الفاسدين المفسدين.
جاءت هذه الصفقة بشروطها والسعر المتفق عليه لمصلحة مستدمرة إسرائيل بطبيعة الحال ،وقد أعلن أستاذ هندسة الطاقة بكندا د.محمد صلاح ،أن السعر المتفق عليه هو 6.43 دولارا فيما يبلغ السعر العالمي 2.61 دولارا،ولو ركزنا على هذه المخالفة فقط لحسمنا النقاش ،علما أن مصر دولة منتجة للغاز ،فكيف تحولت إلى دولة مستهلكة وتشتريه من الأعداء الذين لو تم التوقيع معهم على ألف معاهدة ،لبقوا ينظرون إلى المحروسة مصر بعين العداء ،ولن يخفوا رغبتهم في تدميرها إنتقاما من الفرعون الذي سام يهود مصر سوء العذاب إبان عهد موسى.
أضحكني تصريح لأحدهم وهو يبرر صفقة العار مع الصهاينة بقوله انها صفقة تجارية وليست سياسية ،ولا ادري من أي عصر جليدي بعث هذا المسؤول الذي يحاول الضحك على ذقوننا بإيهامنا ان هناك فرقا بين السياسة والتجارة ، وأن هناك إمكانية للتعامل مع عدو قذر مثل الصهاينة بأمور تجارية بعيدة عن السياسة ،وليس سرا القول أن البورصة في مستدمرة إسرائيل قفزت بعد الإعلان عن الصفقة إلى 19%،وهذا ما ينطبق عليه 'أول الرقص حجلان'،لكن من حقنا السؤال عن واقع الحال بالنسبة للإقتصاد المصري الذي أصبح رهن القرار الإسرائيلي؟.
بقي القول أن صفقة العار هذه التي تقضي بشراء الغاز الصهيوني المسروق من أرضنا المحتلة ،تعني موافقة المشتري بل وإسهامه في إحتلال أرضنا ،وهنا يبرز التحالف الصهيو-عربي الذي بدأنا نرى ملامحه تتلون بالأحمر في الإقليم تحت شعار صفقة القرن،وها هي مستدمرة إسرائيل وبعد كشف حلفائها عن أنفسهم ،تعلن نفسها ملكة الغاز بعد الإكتشافات الهائلة للغاز والنفط تحت البحر المتوسط التي باتت تسيطر على كافة شواطئه في المنطقة المخدرة على الأقل ،ولا نغفل ان حلفاء مستدمرة إسرائيل يعلنون حربهم معها على منتجي الغاز العرب وفي المقدمة الجزائر وقطر.

نيسان ـ نشر في 2018-02-25 الساعة 11:28


رأي: أسعد البصري

الكلمات الأكثر بحثاً